16-04-2011 09:05 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
سامحهم الله، هؤلاء الذين قالوا لنا: لا تحلموا، ولا تطمئنوا الى احلامكم، فهي مجرد «اضغاث» وكوابيس تطاردكم حين تستيقظون في الصباح.. وقالوا لنا ايضا: كونوا واقعيين وتعايشوا مع واقعكم مهما كان بائسا، وارضوا بنصيبكم المكتوب، فلا شيء يمكن ان يتغير الى الافضل، واذا كنتم تخشون الاسود الذين التهموا اموالكم وتريدون ان تستبدلوهم فسيخرج لكم «القرود» الذين سيمتصون دماءكم، فتصالحوا مع اسود الفساد كي لا تداهمكم قرود الخراب.
ذكرني بهذه الفزاعة احد شباب الثورة في ميدان التحرير بمصر، قال لي: لقد تصورنا ان حلم التغيير الذي كنا نفكر به ليس أكثر من وهم، وبأن اسقاط النظام في مصر في ظل نظرية الواقعية التي تربينا عليها قضية تبدو مستحيلة، لكننا تمسكنا بالحلم فانتصر، واكتشفنا ان الذين صادروا احلامنا كانوا مرعوبين من هذه الاحلام، فما ان انتبهوا الى اننا لن نتنازل عنها حتى هربوا، ادركنا بعدها ان احلامنا المشروعة يمكن ان تتحول الى حقائق، وبان اصرارهم على الواقعية المغشوشة لم يكن الا وصفة لتيئيسنا من الاحتجاج والمطالبة بالاصلاح، واقناعنا بأنه ليس في الامكان أبدع مما كان.
امس بدأ الحلم الذي راود هؤلاء الشباب يتحقق شيئا فشيئا، فقد تقرر احالة مبارك الى التحقيق وتقرر سجنه لمدة اسبوعين، كما سبقه نجلاه الى ذلك - ومعهم عشرات المسؤولين الكبار الذين كانوا «يبيعون» الشعب المصري اوهام الوطنية والواقعية والاخلاص.
الحلم تحول الى واقع، والامل الذي اختفى طويلا وراء أغطية الحفاظ على الاسود لكي لا تخرج القرود بدأ يتحقق بعيدا عن فزاعات الاسود والقرود، ومخاوف القادم على مركب التغيير وأهواله التي حشدها «جلاوزة» النظام السابق تبددت، واية مخاوف هذه التي تريد لحقبة الفساد والاستبداد ان تستمر، ولهذه الايدي الملطخة بدم الشعب ان تبقى في السلطة، اية مخاوف تريد لهذه الادوات التي امتصت دماء الناس وعطلت وعيهم واستحوذت على اموالهم وجرحت كراماتهم ان تنجو من المحاسبة، واية مخاوف هذه التي تبرر لرئيس ان يسرق شعبه ولابنائه وعائلته ان يطوبوا البلد باسمائهم، ولمسؤولين هرموا في السلطة ان يبلعوا ثروات الناس، ويختطفوا أحلامهم ومستقبلهم ايضا.. ثم يبقى الناس صامتين؟!
تذكرت ما قاله لي الشاب المصري وقلت في نفسي: هؤلاء الشباب في مصر وفي غيرها من بلداننا العربية استعادوا احلامهم التي آمنوا بها ودافعوا وضحوا من اجل ان تتحقق وألا تتحول الى كوابيس، وها هم يصنعون بأحلامهم ما شهدناه من حقائق، وقلت ايضا: لا يكفي ان نحلم ولا ان نطارد الاحلام في منامنا ثم نهرب منها الى التأويل بالاستعادة من شرورها او التفاؤل بما فيها خير.. فلكي تصبح الأحلام حقائق لا مجرد اوهام لا بد ان ننهض ونعمل ونضحي، لا بد ان نؤمن بان احلامنا المشروعة تستطيع ان تمشي على الارض ونستطيع نحن ان ننفخ فيها روح الحياة لكي تتكلم بصوت عال وتتحرك في الاتجاه الصحيح، وتكسر فينا حواجز الخوف والكراهية لتوحدنا على منطق الهدف الاسمى، وترشدنا الى العنوان الصحيح الذي يستحق الصمود والتضحية، أليس كذلك؟؟
الدستور