21-04-2011 09:39 AM
كل الاردن -
سلامه الدرعاوي
ختلفت نظرة الاردنيين للمنصب العام, ففي السابق كانت رهبة الوظيفة العامة وتحدياتها تدفع البعض للاعتذار عن توليه, أما اليوم فالامر مختلف, فمجرد ان يعرض على شخص منصب عام, فان معيار القبول والرفض لدى شريحة واسعة من هؤلاء هو مدى استفادته الشخصية من تلك الوظيفة.
تفاجأنا قبل سنوات من ان بعض رؤساء الوزراء المكلفين عرضوا على شخصيات الدخول معهم وزراء في حكوماتهم, الا انهم رفضوا لاعتبارات مالية بحت, بعضهم قال ان وظيفته في القطاع الخاص تدر عليه دخلا يتجاوز عشرة اضعاف ما قد يأتيه من المنصب الحكومي, والبعض الآخر رفض تلك الحقيبة الوزارية على اعتبار ان فرص تنمية الثروات فيها محدودة للغاية عكس الوزارات الاخرى التي تتربع على مشاريع انفاقية كبيرة وتمتلك موارد ومنحا واعدة.
البعض الآخر يدفع بكل الواسطات من اجل تسميته في بعض المواقع الرسمية القيادية على اعتبار انها ستكون بمثابة الجسر الذي من خلاله سيعبر الى سلم المجد والثراء من خلال التحالفات وشبكة العلاقات التي يقيمها اثناء خدمته العامة, لذلك نجد ان عددا كبيرا من الوزراء بمجرد خروجهم من الحكومة تجدهم اعضاء في مجالس ادارة شركات كانت لهم بها ارتباطات وظيفية مباشرة وغير مباشرة, والبعض الآخر لديه مكاتب استشارية والتي باتت اليوم "موضة" العمل خارج الوزارة, ونوعا من انواع التحايل على اخلاقيات الوظيفة الرسمية, حيث تجد مكتب ذلك المسؤول يعج بالعقود الاستشارية بمبالغ طائلة علما انه لا يقدم اية استشارات ذات مدلول عملي مفيد, لكنها ببساطة تندرج تحت ما يسمى "بالتزبيطات".
بعض المسؤولين اليوم ينظرون للمنصب العام واهميته من ناحية التعويض او مكافأة نهاية الخدمة التي يحصلون عليها من بعض الجهات, او تلك التي تعرف اليوم بالاعطيات والهبات, فبتنا نسمع اليوم من ان وزيرا سابقا يشكو من انه لم يحصل على سيارة كما حصل زميله الآخر, او انه لم يحصل على منصب ترضية او شرفي, او ان مكافأة شهور خدمته القليلة لا تتناسب وواقع معيشته وانفاقه الكبير, لا بل ان البعض بمجرد الحديث معه عن منصب رسمي يخرج القلم والورقة ويبدأ عملية حسابية حول مدى استفادته من الوظيفة, ويبدأ مساومات حول سبل تسديد ديون او بحث شراء فيلا او غير ذلك من الامور.
للاسف النظرة الى الوظيفة العامة باتت متدنية وانتهازية عند البعض لدرجة انك تشعر بالغثيان وانت ترى زمرة من المسؤولين سواء الحاليين او السابقين يمارسون ابشع انواع الاستغلال للمنصب الرسمي, الذي اصبح في نظرهم فرصة لا تعوض للثراء الفاحش, والتلاعب على القوانين.
salamah.darawi@gmail.com