27-04-2011 07:08 AM
كل الاردن -
فهد الخيطان
منذ ان توقفت الاتصالات الرسمية الاردنية مع حركة حماس قبل 5 سنوات دخلت العلاقة بين الطرفين في حالة جمود, واقتصر الامر على "صلة" فردية لمعالجة قضايا انسانية تنشأ بين الحين والآخر. ورغم محاولات اطراف عديدة فتح قناة اتصال بين الاردن والحركة إلا ان كل الجهود كانت تُقَابل بالرفض من الجانب الاردني.
لكن سنوات القطيعة هذه لم تشهد اي ازمات تُذكر. فقد التزم الطرفان بعدم اثارة مشاكل بينهما وامتنعا تماما عن اي تصعيد في وسائل الاعلام, لا بل ان الاردن وافق على التعامل مع قيادة حركة حماس في غزة في اطار مهمة انسانية وطبية ما زالت مستمرة لغاية الآن في القطاع, وتتمثل بالمستشفى الميداني العسكري الذي قدم خدمات طبية جليلة لعشرات الآلاف من الغزيين, وكان هذا محل تقدير دائم من قيادات حماس التي كانت تحرص على تكريم الطواقم الطبية الاردنية كلما انتهت مهمتها في غزة.
منذ اشهر قليلة فقط بدأ اصحاب القرار اكثر تقبلا لفكرة الانفتاح على حماس, وبعد سقوط نظام مبارك في مصر اصبح المسؤولون الاردنيون يتحدثون بشكل صريح عن ضرورة الانفتاح على حركة حماس وعن امكانية قيام الاردن بدور مباشر في جهود المصالحة الفلسطينية, ودعم هذا التوجه شعور القيادة الاردنية بفشل عملية السلام جراء التعنت الاسرائيلي وانسداد الأفق على المدى المنظور لأي تحرك دبلوماسي فعَّال, بعد التراجع الكبير للدور الامريكي, وانشغال ادارة أوباما بالملفات الداخلية ولاحقا بالتحولات الثورية الجارية في العالم العربي.
انهيار النظام المصري وانقلاب معادلة التحالفات في المنطقة تحت وقع الثورات الشعبية مضافا اليهما فشل عملية السلام تشكل في مجملها عوامل اساسية ساهمت في تحرير الموقف الاردني من الاعتبارات التقليدية التي حكمت سياسته الخارجية وعلاقاته الاقليمية, وبات صاحب القرار اكثر قدرة على المناورة في هامش اوسع فيما هو معروف بسياسة تنويع الخيارات.
في هذا السياق يمكن قراءة ما تناقلته وسائل اعلام عن اتصالات ولقاءات سرية بين مسؤولين أمنيين اردنيين وقادة في حركة حماس.
ويؤكد مراقبون مطلعون في الجانبين ان استئناف الاتصالات الاولية مع "حماس" ليس معزولا عن التطور الايجابي في العلاقة الاردنية القطرية التي شهدت في الاونة الاخيرة حراكا دبلوماسيا مكثفا توج بزيارة "ناجحة جدا" وفق مسؤولين للملك عبدالله الثاني الى الدوحة والتي سبقتها وتبعتها اتصالات هاتفية بين جلالته وامير دولة قطر. ويرى محللون ان التطابق في موقف البلدين من تطورات الاحداث في ليبيا ساهم الى حد كبير في حالة التقارب التي نشهدها في العلاقة.
لم يدل أي مسؤول اردني او حمساوي بأي تصريحات صحافية حول الاتصالات بين الطرفين لكن اوساطا مطلعة تؤكد ان العلاقة ستتطور من المستوى الأمني الى السياسي في وقت قريب مع تأكيد الجانبين على عدم المبالغة في التوقعات وحرصهما على عدم تكرار الاخطاء التي شابت لقاءات 2008 ولهذا السبب ربما يفضل الطرفان ابقاء اللقاءات بعيدا عن وسائل الاعلام.
ان المصلحة الوطنية الاردنية والفلسطينية تقتضي وجود علاقة مباشرة ومفتوحة مع حركة حماس لان ذلك لا يتناقض مع اعتراف الاردن بالسلطة الفلسطينية, فحركتا حماس وفتح مكونان رئيسيان للشعب الفلسطيني, والقضية الفلسطينية بالنسبة للاردن هي قضية داخلية بامتياز لا تخضع للاعتبارات الدبلوماسية المتعارف عليها في العلاقات مع الدول. اذ تقتضي المصلحة الاردنية العليا الانفتاح على كل مكونات الساحة الفلسطينية والتواصل الدائم معها بغض النظر عن الخلاف في وجهات النظر السياسية. ومواقف حركة حماس ضد الوطن البديل والتوطين تلتقي تماما مع نظرية الأمن القومي للاردن وتعطي لهذه الاستراتيجية العمق الفلسطيني المطلوب.
ثمة ملفات كثيرة بحاجة للبحث بين الاردن وحركة حماس لا يمكن التفاهم حولها بغير الحوار والاتصال المباشر على كل المستويات0
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم