ترجم الرئيس بوتن على ارض الواقع قول المفكر العسكري الشهير 'كلاوفيتز' أن الحرب امتداد للسياسة بوسائل عديده ومختلفه بتطبيقه سياسة الأرض المحروقة وقصف جوي عنيف غير مسبوق ومتواصل في سباق للزمن لفرض تسوية سياسية وتقليص عنصر الاستنزاف لديه. وبالمقابل فإن المعارضة تحتاج الى دعم مستمر لمنع النظام وحلفائه من تحقيق أي نصر عسكري قد يؤثرعلى ميزان القوى ميدانياً.

لقد فرض الرئيس بوتن نفسه بقوة على المنطقة وتولى زمام ادارة الأزمة السورية ومفاصل الحلول المتوقعة للظفر في ربح الحرب والتأثير على آليات التسوية السياسية وإجبار المعارضة على المشاركة بالحُكم مع الأسد من خلال حكومة وطنية وصياغة الدستور وخوض الانتخابات مستقبلا وهي نفسها نقاط إيران الأربعة لحل الأزمة السورية.

مع ذلك التقدم الحاصل بقيادة الروس الان لن يحقق لها الانتصار فلا يوجد ضربه قاضيه في سوريا وخاصة ان النظام وحلفائه يفتقدون الى القوى البشرية العامل الأهم لكسر اى موازين  قوى على الارض او لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها المعارضه خاصه ان اصبح هنالك ثقافة ومقاومة وعقيده لدى الشعب السوري من الصعب على اى قوى مهما كانت قدرتها ان تهزمها او تتغلب عليها .

حقيقه ان الازمه السورية معقده جدا وتحتاج الى نفس طويل وصبر وحلها ليس بالأمر السهل. فكيف يمكن حل جميع هذه الخلافات العميقة  وتحقيق وقف إطلاق النار وادامته .   وبالتالى سيكون هنالك . مفاجات استراتجيه كثيره وعديده سوف تواجه المعارضة من طروحات غير متوقعه لهم.

فمن المحتمل ان يتم اقتراح وضع إطار عام لوقف إطلاق النار حسب الواقع الميدانى على ما هو موجود الأرض بين القوى  والجماعات المختلفة يعكس تقسيم سوريا الى مناطق يقوم المسيطرين على هذه المناطق   بإدارة مناطقهم وحفظ الامن فيها وتكون مضمونه من قبل الدول الداعمة لهذه الجماعات.  ويليها البدء بتنفيذ المهام الإنسانية وإطلاق المعتقلين ووقف القصف الجوي والارضي وبناء الثقة وحسن النوايا من قبل الجميع وبذلك تكون الفرصة أفضل للعملية السياسيه. في المقابل يعتبر النظام ان عملية المصالحات والهدن الذى يقوم بها في بعض المناطق في سوريا هي افضل ما يمكن لعمليات التسويه والمصالحه الوطنيه وستكون افضل مما هو مطروح من هئية الأمم.

يأتي هنا دور الدول الإقليمية والدولية الداعمه بما يحصل بسوريا بضمانة عدم خرق وقف إطلاق النار من قبل الجماعات التابعة  لهم.  هنالك أربعة قوى رئيسيه تسيطر على الجغرافيا السورية المعارضة المعتدله والنظام جبهة النصرة والتي تلعب دورا كبيرا في العمليات المختلفة وخاصة تنسيق نيران المعارضة ومن الصعب التكهن كيف سيتم التعامل معها مستقبلا.  الاكراد المتواجدون في الشمال الشرقي. اما داعش فهي خارج المعادلة والمخطط ان يتم القضاء عليها من قبل هذه القوى في المستقبل.  

من المفيد ان نذكر هنا ان تقسيم سوريا الى أربعة او خمسة مناطق تكون الحدود المرسومة بينها هي غير دائمة ومؤقته تخدم عملية وقف إطلاق النار والاستقرار مع بقاء الحدود السورية الدولية  وسيادتها  كما هي على امل ان تتوحد سوريا من الداخل في المستقبل للوصول الى فدرالية او كونفدراليه كنظام حكم ومن خلال المفاوضات واعتقد ان مثل هذا السيناريو سيأخذ وقتا طويلا من الزمن.

لذلك ربما نشاهد اصدار قرار من مجلس الامن  لعملية وقف اطلاق النار مع تشكيل مجلس لتطبيق السلام  وعملية وقف اطلاق النار مستقبلا من الدول الداعمة للقتال في الداخل السوري ربما يكون هنالك مشاركة من قوات دوليه واقليميه رمزيه في المناطق التي تم تقسمها للحفاظ على ادامة ووقف اطلاق النار  كمشاركة قوات امريكيه مع القوات الكردية في الشمال الشرقي وقوات من تركيا مع المعارضة المحاذية للحد ودها وخاصه منطقة اعزاز وقوات روسيه المنتشرة حاليا في سوريا المفيدة ربما أيضا تشارك بعض من دول الإقليم المجاورة كالأردن والخليج في الجنوب السوري  .

مبادرات عديده فشلت سابقا قام بها كل من الجنرال مود والجامعة العربية والأخضر الإبراهيمي وكوفي عنان لعملية وقف إطلاق النار جميع هذه المبادرات لم تدم أكثر من ساعة وجنيف 3 ليست باستثناء وخاصه بعد ما تسرب من مكتب المبعوث الاممي دى مستورا من عدم قدرة الأمم المتحدة في فرض او مراقبة عمليات وقف إطلاق النار وهذا صحيح حيث أثبتت التجارب التاريخية  ضعفها في مثل هكذا عمليات او في تحقيق الاستقرار والسلم الدائم.

يبدو ان فرص نجاح تحقيق جنيف3 ستكون ضئيلة واي سلام لا يحقق طموح الشعب السوري سيبقي سلام عنف.  الذهاب الى جنيف شى طبيعي لأنهاء الصراع لكن لابد من المحافظة على استمرارية المقاومة والحفاظ على موازين القوى على الارض ولا اعتقد ان الدول الداعمة للمعارضة سوف تقبل عكس ذلك.

نتفهم بان لبعض دول المنطقة مصالح مختلفة مرتبطة وتتحكم بها في بعض الظروف والاحيان مصالح دول اقليميه ودوليه اخري والتي قد تؤثر على امنها ومصالحها الاستراتيجية لكن السماح لإيران بتوسيع نفوذها بسوريا يهدد جميع هذه الدول لذلك دعم المعارضة مطلوب لوجستيا ودبلوماسيا وسياسيا وارى ان الحل السوري اذا تحقق سيكون سلام متسلسل ومتدرج سوف يستغرق  سنوات من الزم.