04-05-2011 07:29 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
يبدو أن الإسلاميين آثروا «الكمون» في هذه المرحلة، فاحتجاجات «الجمعة» ومسيراتها «الرشيدة» انتهت الى طريق مفتوح على «الانتظار».
والحضور في الشارع -بعيدا عن «طاولات» الحوار- لم يلهم الآخرين الذين رأوا في المشهد اداء وظيفيا خاليا من أي حماس، لكن خلف الصورة ثمة تفاصيل كثيرة، فقد تسلل «الشباب» من داخل التنظيم الى لجنة الحوار التي غابت عنها القيادات، واخترق آخرون جدار الممنوع فتحالفوا مع تيارات يسارية ووطنية اخرى للتحشيد من اجل الاصلاح، وتجرأ «ائتلاف» من شباب الإخوان على دق «عقارب» الساعة التي توقفت عند الحدث السوري، فأعلنوا موقفهم بلا مجاملة.
كمراقب، كنت فيما مضى مطمئنا لمسألتين، إحداهما: وحدة الجماعة وتعافيها من ازمة الانقسامات التي تعرضت لها خلال السنوات الماضية، والثانية: قيادتها لحالة الاحتجاجات التي شهدناها في الشارع وقدرتها على ضبط ايقاعها، واعتقد ان «الإخوان» هنا قدموا لبلدنا خدمتين جليلتين وملأوا فراغا كان المرشح الوحيد لملئه هو «الفوضى» لكن أخشى ما أخشاه ان تكون الصورة قد تغيرت، فعلى جبهة «الوحدة» مثلا ثمة حراكات داخل الحركة لمجموعات من الشباب الذين لم يعجبهم اداء قياداتهم ومواقفهم، وهي حراكات تبدو غير منظمة، لكنها تتصاعد في حدة «صوتها» وملاحظاتها لدرجة قد تصبح فيها خارج السيطرة، وعلى الجبهة الاخرى ثمة مخاوف حقيقية من ان يكون انسحاب «الإخوان» وهدوؤهم النسبي «لا يهم ان كان مقصودا او غير مقصود» دافعا او مبررا لدخول آخرين الى الميدان، والآخرون المعنيون هنا هم «الشباب» هؤلاء الذين لا يمكن التنبؤ بأفكارهم ومطالبهم ولا بأحلامهم ايضا، ناهيك انه لوجدت لديهم قيادات تضبطهم ولا حتى «عناوين» يمكن ان نخاطبهم من خلالها.
لست في وارد السؤال عن المسؤول، فلا يهم ان كان «الإخوان» او غيرهم ولست في وارد الحكم على «وصفة» الإصلاح او على احجاجات الشارع الذي تسيّد «الإخوان» مشهده، ولا حتى على حوارات اللجان ومائدتها المستطيلة، لكن من واجبي أن ألفت انتباه البعض الذي يراهن على قراءة السطح فقط بأن ثمة «مخاضات» في الداخل تبدو غير مرئية وثمة «قوى» جديدة تخرج من «أرحام» متعددة، وربما من فضاءات «وهمية» يلهمها ما يجري حولنا حتى وإن كان لا يشبهنا او لا يمكن زراعته في تربتنا او قياسه على «حالتنا».
وهذا «الجيل» الجديد ربما لا تكون لديه مطالب لكن لديه احلام، وربما لا يفهم في السياسة لكن لديه «طاقة» يريد ان يخرجها، وربما لا يدرك مآلات حماسه لكنه «محبط» بما يكفي للتمرد على كل الوصايات والاعتبارات.
نستطيع بمنطق السياسة ان نتعامل مع الأحزاب والقوى –إسلامية إو غير إسلامية- ومع النخب والزعامات المختلفة، ونستطيع داخل ملعب الإصلاح ان نتناوب الكرة بين فرق تلتزم بإصول اللعبة حتى لو خسرت أو اخطأ بحقها الحكم، لكننا لا نستطيع لا بمنطق السياسة ولا بمنطق «العصا والجزرة» ان نتعامل مع آخرين ألفت بينهم احلامهم وجمعتهم لحظة في «زمن» جديد توقف امامهم وفتح عينيه الواسعتين في وجوههم فما عادوا قادرين على الإفلات من «سحرهما» ولا على الخروج من دائرة الجاذبية التي وزعها في مجالهم العام.
لدي رجاء وهو: ان نفتح «لواقطنا» السياسية لاستقبال كثير من الرسائل المقروءة وغير المقروءة، المفهومة والمشفرة، كي نسمح للجميع بأن يركب «قطار» الإصلاح ونترك للجميع ان «يدفعوه» إذا شعروا بأنه توقف او تعطل، ونقنع الجميع بأنه لا سبيل للعودة الى الوراء.. ولا مصلحة لأحد بشراء الربيع الأخضر انتظارا لخريف ملبد بالغبار او لشتاء قد تغسل أمطاره ذاكرتنا المزدحمة بالصور الملهمة.
الدستور