07-05-2011 08:20 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
التحذيرات التي أطلقها السيد رئيس الوزراء ضد من يحاول «اختطاف» المصالح الأردنية المرتبطة بقضية حل «الملف» الفلسطيني، لا تكفي - على أهميتها - ما لم تستند الى «استراتيجية» أردنية جديدة، وفاعلة في التعامل مع المستجدات الداخلية والاقليمية المتعلقة بهذا الملف.
لا نريد أن نتساءل عن «سنوات» الاسترخاء التي عانت منها سياستنا الخارجية، أو عما اذا كان «الحدث» الفلسطيني الاخير قد داهمنا فجأة من دون ان نستعد اليه ونحسب حساباته بدقة، أو فيما اذا كانت خياراتنا قد تجاهلت الاستنتاجات المفترضة التي يفترض أننا توصلنا اليها بعد التحولات التي طرأت على ساحتنا العربية، لكننا - بعيداً عن حسابات الحقل نريد أن نتساءل عن حسابات «البيدر». هذا الذي انتهى الى قراءة أردنية جديدة، مفادها ما عبر عنه رئيس الوزراء حين أشار الى ان العلاقة التي تربطنا بالملف الفلسطيني ليست علاقة عاطفية وانما علاقة سياسية منطقها «المصالح» المشتركة، ناهيك عن المبادىء والقيم التي نؤمن بها، خاصة فيما يتعلق «بالقدس» واللاجئين (لم يذكر الحدود على أهميتها)، وفيما يتعلق ايضا بالحضور الاردني المباشر لاية حلول سياسية قد تفضي الى اقامة دولة فلسطينية، هذه التي يبدو ان الطرف الفلسطيني ما زال مصراً على «اشهارها» من طرف واحد، كما يبدو ان لدى الاسرائيليين وبعض الدول الغربية «ميولاً» لتأييدها، لاعتبارات كثيرة، قد تصب أخيرا في مصلحة اسرائيل.
لا شك بأن الاردن - اليوم - يدفع ثمن «العلاقة» العاطفية التي اعتمدها سياسياً في التعامل مع الملف الفلسطيني، ولا شك بأن ثمة «أوراقاً» قد راهنا عليها وأخرى تنازلنا عنها قد أفضت بنا الى هذه النتيجة، وبدون الدخول في التفاصيل التي يعرفعها الجميع، فان بناء استراتيجية أردنية جديدة للخروج من «صدمة» النسخة الجديدة «لاوسلو» تحتاج منا الى أوراق سياسية مختلفة، وميادين تسمح لنا بالحركة في اتجاهات متعددة، و»تحالفات» مع فاعلين جدد قادرين على التأثير أكثر في جبهة الحدث، وأدوات تتجاوز ما ألفناه فيما مضى من محاولات لاسترضاء هذا الطرف أو «تجاهل» الطرف الآخر.
لا يوجد لدينا ما يكفي من معلومات لقراءة ما يحدث وما يدور خلف الكواليس، لكن ما قاله السيد رئيس الوزراء يعني بوضوح أن ثمة من يريد «تغييب» الدور الاردني، أو ان ثمة «صفقة» تجري للتوصل الى «حل» أو - ربما - اتفاقية تسوية بين السلطة الفلسطينية واسرائيل على حساب المصالح الاردنية، وهذا - بالطبع - أمر متوقع، لكن غير المتوقع أن يكون قد «فاجأنا»، أو ان تكون خياراتنا التي جربناها فيما مضى قد أفرزت هذه النتيجة بسبب أخطاء سياسية مقصودة أو غير مقصودة، الامر الذي يدفعنا الى التحرك في الربع ساعة الأخيرة لاستدراك ما فات، أو لمواجهته «بجراحات» عميقة، لكن أخشى ما أخشاه ان ينعكس ذلك كله على ملف «الاصلاح» في بلادنا، كأن « يوظف» لتأجيله أو الالتفاف عليه، فيما الأولى أن يكون دافعاً لنا لانجازه بسرعة، تمهيداً لتشكيل «جبهة» وطنية داخلية قادرة على مواجهة أزمة هذه التحولات والمستجدات التي تتعلق بمصالح الدولة الأساسية، وبمستقبل استقرارها ايضاً.
باختصار، أمام السياسة الأردنية - بشقيها الداخلي والخارجي - امتحان صعب، وعليها ان تتجاوزه بحكمة وسرعة وانتباه.. أما كيف، فهذا يحتاج الى كلام طويل.. جاء وقته وحضر أهله.. وأصبح مطلوباً من الجميع أن يشاركوا فيه.
الدستور