21-05-2011 08:09 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
ماذا يريد الاردنيون في هذه المرحلة؟ اعتقد ان هذا هو السؤال المركزي الذي يفترض ان نتوجه للاجابة عليه بلا ارتباك ولا مجاملة، ولكي نجيب عليه بأعلى مستويات المسؤولية لا بد ان نحرر نقاشنا العام من الاصابات والاخطاء التي طرأت عليه، ومن حالة «التشتت» المقصود وغير المقصود الذي وزع، اهتماماتنا واتجاهاتنا.. وأربكنا ايضا.
لا اريد - هنا - ان اذهب الى تشخيص حالة «التشتت» وفقدان التوازن التي يعاني منها مجتمعنا وهو يحاول ان «يستبصر» ما يريده فعلا وما يسعى الى تحقيقه، فعناوينها معروفة للجميع ابتداء من الاختلاف على لون «الاصلاح» ومساراته واولوياته وأدواته، وصولا الى «استدعاء» ما يلزم وما لا يلزم من «ازمات» وفزاعات وقضايا هامشية لحرف النقاش العام حوله وتشويهه، ولكنني استأذن في التنبيه الى ان الاستمرار في هذا المسار الخاطىء سيكلفنا جميعا أثمانا مضاعفة، وسيضعنا امام اسئلة اخرى مفزعة قد لا نستطيع الاجابة عليها أو استدراك مآلاتها المزعجة.
السؤال الاهم الذي يجب ان نتوافق عليه هو: كيف يمكن «ضبط» ايقاع الحوارات والنقاشات وادارتها باتجاه «انضاج» مرحلة جديدة للتحول الديمقراطي والاصلاح في بلدنا، وعلى من تقع مسؤولية ادارة هذا «النقاش» وتوجيهه وحشد ما يلزم من جهود لتحقيقه بأسرع وقت، وبأقل كلفة؟.
لا شك بأن الاجابة على سؤال «الكيفية» سيرتبط حتما بقدرة السياسي والاعلامي معا على انتاج حالة «التوافق» المطلوب، وعلى ابراز الهدف الاول والحقيقي الذي يريده الناس للخروج من اطار «الانتظار» والاحتقان والاستقطاب والتخوف الى اطار «الامل» والفعل واليقين السياسي الذي يطمئن الجميع على حقوقهم ومستقبلهم وقدرتهم على الانخراط في مجتمع يكفل لهم تحقيق مطالبهم واحلامهم ايضا.
لا اعتقد - هنا - ان وصفات الاصلاح السياسي - على اهميتها واولوياتها - يمكن ان تثمر وتنجز ما نريده، اذا لم تترافق وتتزامن مع وصفات حقيقية لاصلاح «المجتمع»، أعني «اصلاح الاذهان والافكار والقيم والعلاقات الاجتماعية»، واذا كان الاصلاح الاول (السياسي) هو العنوان الذي ننشغل به الآن، فان غض الطرف عن الاصلاح الآخر (الاجتماعي) سيجعل من تحقيق اهداف «السياسة» (على افتراض حسن الارادة والنوايا) مسألة صعبة وربما مستحيلة، وقد رأينا بأعيننا كيف استخدمت «الفزاعات» الاجتماعية لإعاقة مسار الاصلاح السياسي، وكيف يمكن لأي اصلاح سياسي اذا ما أنجز ان يتحول الى «جثة» ما لم يجد «رافعات» اجتماعية تحمله وتدافع عنه، من منطلق ايمانها به واصرارها على مواجهة من يتصدى له، لسبب بسيط وهو انها تصبح مقتنعة به وتشارك فيه، وتراه يحقق مصالحها وآمالها، ويصنع «لابنائها» مستقبلا افضل من ذلك الذي اتيح لآبائهم ان يعيشوا فيه.
بصراحة، ادعو «الفاعلين» في ميادين الاعلام والسياسة الى تحرير نقاشاتنا العامة من العناوين غير الضرورية، ومن التفاصيل التي اربكتنا، ومن الاختلافات التي تشتت افكارنا واهدافنا، وادعوهم الى «ادارة» النقاش حول موضوع محدد هو الاصلاح بكل ما يتضمنه من مفاصل تمس قضايانا الاساسية، ومرتكزات تخدم الانتقال الحقيقي «للدولة المدنية الديمقراطية»، اما الحسابات والاجتهادات والمطالب الاخرى فيمكن تأجيلها، على اعتبار ان «تحقيق الاصلاح الحقيقي» سيحلها تدريجيا وسيجنبنا من الجدل الطويل حولها الآن.
اذا سألني القارىء عن «العنوان» الاهم الذي يتعلق بمرتكزات الاصلاح التي يتوجب ان «نتناقش» حولها، فسأدعوه على الفور الى قراءة «الاعمدة» الثمانية التي تضمنتها الوثيقة الاخيرة لجبهة الاصلاح الوطني.. فهي - كما اعتقد - تكفي لتوجيه وادارة ما يلزم من نقاش حول ما يريده الاردنيون في هذه المرحلة.. وما ينتظرون الاجابة عليه بسرعة وبدون تباطؤ وارباك.