26-05-2011 07:08 AM
كل الاردن -
سلامه الدرعاوي
مع مرور ذكرى الاستقلال الوطني الـ (65) للمملكة تتعزز القناعات لدى الرأي العام وأرباب العمل يوما بعد يوم بأن الاقتصاد الاردني استطاع ان يحافظ على ميزة تنافسية فريدة في منطقة الشرق الاوسط تؤهله لان يكون عنصرا رئيسيا على خارطة الاستثمار العالمية, وهي الاستقرار في منطقة لم تعرفه ابدا منذ عقود.
صحيح ان هناك مظاهر احتقان بالشارع ترجمت الى اعتصامات ومظاهرات إلاّ ان الاستقرار بقي يطغى على كل تلك الاعمال عكس ما حدث في الجوار حيث القتل والقمع والسجن, لذلك بات في الاردن لاول مرة منذ عقود استقرار حقيقي ونوعي مختلف عما كان في السابق وهو عنصر جذب لأي جهود اقتصادية تسعى لتعظيم الفائدة منه في منطقة تشوبها الثورات الشعبية.
النظام الملكي أدرك حاجة الناس الملحة للاصلاح, وسارع الى ترجمة تلك المطالب الى اهداف ضمن لجان ملكية تسابق الزمن للاقتراب اكثر من الشارع ومطالبه, لذلك واضافة لعنصر الاستقرار, فان المجتمع يتسم من الداخل بحراك سريع نحو الاصلاح والحداثة.
التعامل الرسمي مع هذه الميزة كان متباينا من نجاح لاخفاق ومن فترة لاخرى, وهذا يقودنا للتساؤل عن الاسباب التي ادت الى عدم توظيف الحكومات المتعاقبة لتلك الميزة والبناء عليها, ولعل سبب ذلك يعود الى ضعف قدرة الرسميين وراسمي السياسة على ترجمة التوجيهات الملكية الى برامج محددة تعمل ضمن مؤسسات دولة عصرية قادرة على النهوض بالمجتمع على المستوى الذي يتطلع اليه الملك, فالفجوة باتت واضحة بين ما يصبو اليه فكر النظام السياسي المرتكز على الارتقاء والحداثة بالدولة والمواطنين فعلا لا قولا, وبين سلوكيات المسؤولين الذين يقودهم عامل الشخصنة في التعاطي مع إدارة شؤون الدولة, ولا أدل على ذلك سرعة التنصل من التزامات الحكومات المالية وخطط التنمية والموازنة العامة بمجرد ان تتغير او تتعدل الحكومات.
لكننا في الاردن ما زلنا قادرين على الانجاز وتعظيمه, وإحداث التغيير الايجابي وتوظيف الحراك السياسي والاقتصادي للملك في تحقيق اجماع على استراتيجيات تنموية للنهوض بالاقتصاد الاردني وفق ما يتطلع اليه الاردنيون.
في ذكرى الاستقلال, يتذكر الجميع الجهود التي بُذلت وانجزت على الصعيد الاقتصادي والهيكل العامل والمنتج في القطاعين الخاص والعام, والكل يشاهد منظومة التشريعات والتعليمات التي تنظم جميع شؤون حياة الاردنيين ومعاملاتهم.
في الاردن نشاهد المؤسسات التي يحكمها القانون, والانخراط بالاقتصاد العالمي والاندماج بالعولمة من دون ان يؤثر ذلك على استقرار المجتمع او يقود الى الفوضى كما حدث لدى البعض مصحوبا بنهضة تعليمية هي الاكثر حراكا وانتشارا في المنطقة.
لكننا في ذكرى الاستقلال نتطلع الى توحيد جميع جهود المجتمع خلف قيادتنا الهاشمية, في تعزيز استقلالنا الاقتصادي الذي يعزز استقلالنا السياسي.
بعد مرور 65 عاما على الاستقلال, الكل يتطلع اليوم الى محاربة مظاهر الفساد التي باتت احاديث الصالونات, باعتباره آفة خطيرة تنخر في جسم المجتمع وتولد الاحقاد وتزيد من التباين الطبقي.
في ذكرى الاستقلال مطلوب من المجتمع ممثلا بقواه - المؤسسات الدستورية من حكومة ونواب - ان يضعوا نُصب أعينهم تأسيس اقتصاد خال من الشوائب والاختلالات معتمدا على الذات في ادارة نفقاته العامة مبتعدا قدر الامكان عن المساعدات الخارجية المرتبطة اساسا بعوامل ومتغيرات سياسية سرعان ما تتغير وتتبدل من حال الى حال, مع العلم ان موازنات الدولة تزداد يوما بعد يوم في الاعتماد على المنح في تصريف مشاريعها مما يساهم بشكل غير مباشر في تراكم عجز مالي خفي لا ينكشف غطاؤه إلا بعد تناقص او حجب تلك المساعدات.
في يوم الاستقلال العيون تصبو الى حكومة قوية تمارس سلطاتها باستقلالية من دون تغول عليها من مؤسسات وهيئات يرغب القائمون عليها بالحصول على مكاسب شخصية, مدعومة بموارد مالية تعزز تنفيذ برامجها التنموية وهذا لا يتم الا من خلال ادوات مالية استثمارية لها مثل باقي حكومات العالم وان تكون شريكا فاعلا للقطاع الخاص لا مشرفا فقط على نشاطه كما يدعو البعض لذلك, وكل عام والوطن والملك والاردنيون بألف خير.
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم