05-07-2016 03:46 PM
كل الاردن -
ازدادت مخاوف الأردنيين من اتساع مساحة المال الأسود (المال السياسي)، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقرر أن تجرى في سبتمبر/أيلول المقبل بموجب الدستور، وذلك بعدما حل العاهل الأردني عبد الله الثاني مجلس النواب الشهر قبل الماضي، وفي المقابل كثّفت الجهات المختصة من تحركاتها للحد من الابتزاز المالي للناخبين، في ظل تأزم الأوضاع المعيشية في البلاد، عبر تحديد أسقف مالية للحملات الدعائية للمرشحين.
و تسلمت الهيئة المستقلة للانتخابات، مؤخراً، عدداً من الشكاوى تطالب بالتحقيق فيما يطلقون عليه قروض الخير والمساعدات المالية التي يوزعها بعض المرشحين في دوائرهم الانتخابية بهدف كسب الأصوات، ما يخل بتكافؤ الفرص في العملية الانتخابية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب، جهاد المومني، إن تحديد أسقف مالية للحملات الانتخابية للمرشحين يأتي بهدف ضمان نزاهة الانتخابات التي ستجرى يوم 20 سبتمبر/أيلول المقبل، وأن تكون خيارات الناخبين سليمة وبناء على قناعاتهم وعدم التأثير عليها ماديا.
وأضاف أنه ستكون هناك تقديرات لكلف الحملات الانتخابية للمرشحين، مع الأخذ بعين الاعتبار عدة أسس، ومنها الفارق بين المناطق الانتخابية المختلفة.
وأشار المومني، إلى أن قانون الانتخاب تضمن عقوبات مشددة بحق المتورطين في المال السياسي. وفي الانتخابات الماضية، تمت إحالة عدد من المرشحين للقضاء بتهمة استخدام المال الأسود.
وقال المومني، إن الهيئة ستتابع عمليات الإنفاق على الحملات الانتخابية وتحديد الأوجه التي صرفت فيها المبالغ، متوقعا أن يسهم هذا الإجراء في الحد من تجاوزات المال السياسي في الانتخابات التي تحرص الحكومة، على أعلى المستويات، بأن تكون نزيهة وتعكس إرادة الناخبين بكل تجرد.
وكان رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب، خالد الكلالدة، أكد، في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي، أن الهيئة ستقوم بتحديد سقوف مالية للمرشحين في الانتخابات البرلمانية المقبلة التي ستجري وفقا لنظام القوائم المفتوحة، مشيراً إلى أنها ستختلف من دائرة إلى أخرى بحسب التكلفة.
وقال الكلالدة إن الأسقف المالية تختلف من منطقة إلى أخرى بحسب تكلفة وطبيعة الحياة في المنطقة ومستوى المعيشة فيها.
وأضاف أن كل حملة انتخابية سيكون لها حساب مصرفي خاضع للتدقيق من خلال وارداته وصادراته، وسيخصص محاسب لحماية العملية الانتخابية من المال السياسي.
وقال الخبير الاقتصادي منير حمارنة، المال السياسي من الأمور الضارة بالعملية الانتخابية، حيث تفرز أشخاصا غير مؤهلين وليست لديهم المقدرة على التشريع والرقابة على أداء الحكومة، وكذلك وضع ومناقشة السياسات والبرامج الاقتصادية والمالية للدولة.
وأكد أهمية تكثيف حملات التوعية لتعريف المواطنين بمخاطر بيعهم أصواتهم مقابل مبالغ معينة، لأن الخاسر الأكبر هم المواطنون أنفسهم، حيث سيتحملون أعباء التشريعات والسياسات الخاطئة التي يوافق عليها البرلمان.
وقال إن المرحلة المقبلة تتطلب انتخاب برلمان قادر على تحمل مسؤولياته إزاء التحديات التي تواجه الأردن محليا وخارجياـ وكذلك الاستحقاقات المترتبة على برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تعتزم الحكومة الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي وغيرها.
وأعلن وزير المالية الأردني، عمر ملحس، الأسبوع الماضي، أن الحكومة اتفقت مع صندوق النقد الدولي على تخفيض حجم المديونية الذي قارب على 35 مليار دولار، ما يمثل 93% من حجم الناتج المحلي الإجمالي حاليا.
ويرى مراقبون أن التزام الحكومة بتخفيض هذه النسبة يعني مزيداً من الضرائب وزيادة الأسعار ورفع الدعم عن السلع والخدمات المدعومة حتى الآن، مثل الخبز والكهرباء والمياه، وربما قطاعات أخرى يستفيد منها المواطنون.
وما يعزز انتشار المال السياسي هو استغلال حاجة المواطنين بسبب تردي أوضاعهم المعيشية، ما يدفع بعضهم إلى بيع أصواتهم تحت الابتزاز.
وأظهر آخر تقرير لحالة الفقر في الأردن عام 2010 ارتفاع مستويات الفقر إلى 14.4%، فيما بلغت نسبته 13.3% في عام 2008، ويتوقع ارتفاعه بسبب التحديات الإقليمية وأزمة اللاجئين السوريين وتآكل الدخول.
وقدر الخبير الاقتصادي حسام عايش، في تصريحات سابقة، حجم المال السياسي، الذي ينفق على الانتخابات البرلمانية في الأردن بما يتراوح بين 25% و40% من إجمالي ما ينفقه المرشحون في كل دورة انتخابية والبالغ حوالي 140 مليون دولار، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ومنها الهدايا وتسديد الفواتير وغيرها. وأشار إلى عدم وجود رصد رسمي لإجمالي الإنفاق على الحملات الانتخابية.
وكانت الحكومة قد غلظت عقوبة استخدام المالي السياسي، حيث تضمن قانون الانتخابات عقوبة بالأشغال الشاقة مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات كل من أعطى ناخبا مباشرة أو بصورة غير مباشرة أو أقرضه أو عرض عليه أو تعهد بأن يعطيه مبلغا من المال أو منفعة أو أي مقابل آخر من أجل حمله على الاقتراع على وجه خاص أو الامتناع عن الاقتراع أو للتأثير في غيره.العربي الجديد