11-06-2011 09:03 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
لا تختلف مخاضات الإصلاح عن مخاضات «الولادة»: كلاهما يمكن ان ينتهي الى «حالة» من «العسر»، وعندئذ يصبح من الضروري حفاظاً على سلامة «الأصل» أولا و»الفرع» ثانيا ان نتدخل بسرعة، إما من خلال «القلق» الصناعي او المداخلة الجراحية.. لأننا اذا تجاهلنا ذلك او تأخرنا فيه سندفع الثمن، وهو معروف للجميع.
لا شك أننا جميعاً نستشعر «مخاضات» الإصلاح، ويتساجل بعضنا حول اعراضها وأوجاعها، او «يتخوف» من مآلاتها، ولا شك ايضا - أننا او معظمنا – نتمنى ان تكون «الولادة».. طبيعية، وان يمنحنا احتفاؤنا بـ «المولود» القادم مشاعر جديدة من «الإبوة» تعزز وحدتنا الأسرية، وتغني تعدديتنا وتبني لدينا وعياً جديداً بالعمل والمسؤولية.
لكن يبدو ان فترة «المخاضات» طالت اكثر مما نتوقع وان «جنين» الإصلاح الذي انتظرنا طلته ربما «تعسر» او «استعصى» على الخروج ما دفع الكثيرين الى «احياء» مواسم الاحتجاج والمطالبات وولد لدى الناس قناعة بأن «المداخلة» الجراحية أصبحت ضرورية، وبأن تغيير طاقم الاطباء والمستشارين «مطلب» تقتضيه سرعة «معالجة» الحالة واستدراك أعراضها المتوقعة.
من اين نبدأ «المداخلة» الجراحية؟
اعتقد ان أمامنا حزمة من الاولويات يفترض ان نرتبها، وأولها «اخراج» التعديلات على الدستور الى الفضاء العام، بحيث يكون متاحاً للجميع معرفة خطواتها ومآلاتها، وبحيث «نمهّد» التربة لأرضية مناسبة تجعلنا اقدر على الانتقال الى مرحلة التحول الديمقراطي، أما الاولية الثانية فتتعلق بأخذ ملف الفساد على محمل الجد، وحسم كافة الاسئلة والشكوك التي تدور حوله، واعتقد ان الانتهاء من معالجة هذا الملف يفترض ان يرتبط مباشرة بتعديلات دستورية تتيح محاكمة الوزراء والمسؤولين امام محاكم مدنية، ومن هنا تأتي أهمية الاسراع بإنجاز التعديلات الدستورية، لأن مكافحة الفساد في ظل الصلاحيات المناطة بهيئة مكافحة الفساد، او في ظل التشريعات الحالية يجعل انداز هذه المهمة شبه مستحيل.
من الاولويات «الجراحية» ايضا تحديد خياراتنا باتجاه «مجلس النواب» فإما ان يبقى ويستمر في اطار «روح» تجديد تعيد آلية الحضور والفعالية وترفع عنه كافة التدخلات والمعوقات، وإما أن يصار الى حله لكي يتهيأ الناس الى مرحلة جديدة.. بما يناسبها من استعدادات واستحقاقات، وبذلك نزع «حالة» الحل المفاجئ التي غالبا ما ارتبطت بإشاعة الارتباك والهواجس وربما «الخيبة» لدى النواب وانعكست على أدائهم ايضا.
لدينا – بالطبع – اولويات اخرى تتعلق «بملف» الحريات والإعلام والقضاء والتعليم – بمستوياته – واخرى تتعلق بـ»الاقتصاد» وازمته الخانقة، وهذه كلها تحتاج الى «مداخلات» جراحية لا مجرد معالجات آنية، واذا كنا استنفدنا جهودنا خلال السنوات الماضية بإعداد الاستراتيجيات وتشريع القوانين «المؤقتة» والمتسرعة، وبالحوارات التي افضت الى «اجندات» لم يسمح لها ان ترى النور، فإن الوقت الآن يفرض علينا ان نبدأ بإيجاد القنوات الطبيعية لمرور – ما نعانيه من مخاضات، ولا اعتقد انه من الممكن هنا ان ننتظر «ولادات» طبيعية «لا تسال لماذا»؟
الأمر الذي يستدعي -كما ذكرت - الخروج فوراً من حالة «العسر» بعمليات جراحية سريعة، تطفئ ظمأ الناس للاصلاح، وتقنعهم بالثقة في اجراءاته ومساراته، وتجمعهم على طاولة «الاحتفاء» بما حدث.. لا في الشوارع التي ما تزال تزدحم بالمسيرات والاحتجاجات.. والأسئلة الوعرة.
الدستور