12-06-2011 08:31 AM
كل الاردن -
منذر العلاونة
ثمة أمثلة شعبية نرددها وهي لا تخلو من التناقضات في أكثر الأحيان ، حفظناها ونكررها يوميا في أفراحنا وأتراحنا وجلساتنا العائلية .. هذه الأمثلة نكررها وقد نجامل بعضنا البعض بها ، بمفاهيم أصبحت مغلوطة نمت في ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وستبقى جزءا من تراثنا لتلاحق الأجيال القادمة جيلا بعد جيل ..
قبل أيام ذهبت وعائلتي لزيارة صديق عزيز ، بعد إجراء عملية جراحية صغيرة له تكللت والحمدلله بالنجاح ، بسبب ذلك الدسك ' المندس الأليم ' الذي يدًس نفسه في ظهور رجالنا ونسائنا دون رحمة … ورغم الآلآم التي كانت تعصف بحال صديقنا ونسيبنا ' أبو يزن السحيمات ' ، بعد إجراء العملية ،، كان لا بد من إضفاء نوع من الحيوية على الجلسة ، من خلال نكته أو مثل شعبي مقلوب ، كنوع من ' المداعبة ونسيان للآلام ' ..
بداية القصة كانت بالحديث عن مرحوم عزيز ، قد سبقنا الى رحمة الله تعالى ،، جاءت سيرته الطيبة عند السؤال عن أبنائه ، الذين أصبحوا ماشاء الله شباب .. عندها قلت وبعكس المثل ' وشقلبته ' ( من خلف ما عاش ) ؛ مما أدهش إبنة العم أم يزن والحضور ،، حيث إعتقدت هي أنني ُاحرجت وقامت بتصحيحي قائلة ً قصدك يا منذر 'من خلف ما مات ' .. وضحكت ..الحقيقة كنت أعني ما أقول وشقلبت المثل متعمد ،، وقصدت بأن ' من خلف ما عاش ' خاصة في هذا الزمن وهذه الأيام ، أي أنه لم يعش عيشة راضية ، نظراً لكثرة المعاناة والهم والغم والتربية والتعليم والخوف من القادم على مستقبل أبنائنا وقوت عيشهم ؛؛ ناهيك عن ' الكوارث والمعوقات التي تلازم رب الأسرة وربة البيت يوميا ً ' من مدراس وطبخ ونفخ وتدريس وعلاج ودكتور ، وهم مرافق بعدد نبضات القلب يوميا ..
من هنا أكرر وأقول بدون تصحيح ' من خلف ما عاش ' في زمن أصبح فيه العايش والميت واحد ، لا بل من مات راح واستراح ،، أما من عاش فإما يعيش مكتئبا تارة ، أو مجنونا تارة اخرى ، وقد يموت ( بالجلطة ) او بحادث سير .. مع كل هذا يقولون من خلف ما مات ، مع أنه شبع موت 'وياه نياله ' ما شاف البلاوي المتلاحقة وكثرة شبابنا العانس …. !
العرب اليوم