22-06-2011 07:11 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
تستطيع الحكومة ان تطوي «الملفات» او ان تدرجها في خزائن الارشيف، وتستطيع ايضا ان تشغلنا بالتفاصيل «الفنية» وبالتقارير العاجلة التي استوفت شروطها، لكنها –بالتأكيد- لا تستطيع ان تقنعنا بما حدث ولا ان تحسم الجدل حول المسؤول والمتهم ولا ان تشطب من «الذاكرة» الاردنية قصص الفساد التي غالبا ما تسجل ضد اشباح مجهولة.
ان اخشى ما اخشاه هو ان نتورط جميعا في «استمراء» بروفات التغطية وان نتوهم بأننا قدمنا «الواجب» ثم نطمئن الى ثقة الناس بما قدمناه وننام في «العسل» فيما الحقيقة غير ذلك تماما ومصدر القلق هنا مرتبط بقدرة الناس على التمييز بين الصحيح والمغشوش وبتجربتهم المرة مع «تهريب» المسؤوليات واخفاء الدلائل وبعيونهم التي تصر ان تبقى مفتوحة على الخطأ حتى تعرفه مهما حاول البعض تمريره او تسكينه او القفز فوقه الى «قضايا» غالبا ما يقال بأنها اكثر اهمية.
السؤال: كيف يمكن ان نطمئن الناس على اننا جادون في مسألة الاصلاح والتغيير وبأي منطق يمكن ان نتعامل معهم حين يفاجئوننا باستفهامات لم تعد خجولة حول «قضايا» فساد رسبنا في امتحان «كشف» المسؤولين عنها وكيف سنتطيع ان نخرجهم من دوائر الشك والشائعات ونحن نقدم لهم يوميا «وجبة» دسمة تملؤها «الالغام» والالغاز المحيّرة.
مسارات الاصلاح الحقيقي لا تبدأ بإعادة النظر في التشريعات والمقررات ولا بالكلام حول «ملفات» جرى فتحها والتحقيق فيها او حول «استحقاقات» ما تزال معلقة إنما تبدأ بإعادة «الثقة» للناس بأن «موازين» العدالة والمحاسبة قد وضعت وأن لا احد فوق القانون وأن من اخطأ بحق الاردنيين لن يفلت من العقاب وأن «عصر» التغطيات واغلاق الملفات او تسجيلها ضد مجهول قد ولى الى غير رجعة.
نخطئ اذا تصورنا أن «الروايات» التي نقدمها للناس ستصدق على الفور وستطوي صفحة الاستفهامات والشكوك وستضعنا على طاولة «الأمل» بالتغيير بدل «التزاحم» في الشوارع نخطئ كثيرا اذا اعتمدنا منطق الاهمال والاستهتار وكررنا بروفات «الهروب» الى مزارات المشعوذين والرهان على صبر الناس واحتمالهم وعلى مناهج «التأجيل والتسكين وتقديم ما تيسر من «قرابين»، نخطئ بحق وطننا وبحق مسؤولياتنا وبحق القيم التي يفترض ان نلتزم بها وبحق الناس الذين لا يريدون اكثر من الاصلاح: الاصلاح الحقيقي الذي يخرجهم من «الشك» الى «اليقين» ومن الكلام ووعوده الى الفعل وبراهينه.. المقررات الى الممارسات ومن عصر الوجوه التي تشاركت في طلاء المرحلة الى عصر الضمائر النظيفة التي يمكن ان تشارك في «بناء» الاردن الجديد.
نحن في عصر جديد تداهمنا تحولاته واستحقاقاته ومشاهده المثيرة ومن غير المنطقي ان نتعامل معه بلغة الامس وادوات التذاكي والتلاعب وبمنطق التخفي والهروب، لا بد ان نستبصر ما يدور حولنا وان نعيد توجيه بوصلتنا وان نفتح لواقطنا على ذبذبات هذا الربيع كيلا يتحول الى فصول اخرى لا تسعدنا مناخاتها واضطراراتها.. لا بد ان نمتلك الشجاعة المطلوبة وان نحسم قراراتنا كي نخرج الى طريق «السلامة» لا الى طريق الندامة لا قدر الله.
عن الدستور