27-06-2011 07:16 AM
كل الاردن -
جمانة غنيمات
خطيرة الدلالات التي تعكسها خطوة وزير السياحة الأسبق أسامة الدباس، كونها تدلل على سابقة تعكس انعدام الإيمان بسلطة القانون والمؤسسات والخوف من مؤامرات تحاك في ليل.
المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير يوم الجمعة الماضي في السلط لإيضاح ملابسات تتعلق بقضية الكازينو يعكس المستوى الخطير الذي بلغناه من 'الكفر' بسيادة القانون ودولة المؤسسات، خصوصا وأن بلوغ هذه المرحلة يكشف ويعري كل ما يقال من تصريحات بأننا دولة مدنية تحترم القانون والمؤسسات.
ويكشف الواقع أيضا أن السبل التي يؤمن بها الناس لحل المشاكل ومحاسبة المخطئ لا علاقة لها بفكرة الدولة، وأن ما يحدث لدينا اليوم يؤشر إلى انتكاسة كبيرة؛ إذ كيف يستوي أن يقوم رجل سياسي شغل موقع وزير بالاحتماء خلف عشيرته ومدينته لحماية نفسه من أن يكون 'كبش فداء' لإرضاء الرأي العام و'طبطبة' الملف وإطفاء ناره.
قد لا تكون سابقة وربما ليست الأخيرة، بيد أن ما قام به الوزير يجعلنا ندرك بطريقة أو بأخرى أن لا القانون ولا المؤسسات ولا القضاء ولا مجلس النواب قادرون على حماية الناس وعلى تطبيق القانون وإقامة دولة المؤسسات التي ارتفع الصوت عاليا في الآونة الأخيرة مطالبا بها.
الدباس قدم نموذجا صارخا يعري الحديث عن دولة المؤسسات بعد أن اضطر إلى اللجوء إلى هويات ضيقة أعادته إلى بلده وأهله وعشيرته ليقي نفسه شر ان يكون كبش فداء لقضية الكازينو التي يشغل مصيرها الرأي العام بانتظار تحديد المذنب فيها، رغم انه شغل موقعا سياسيا في يوم من الأيام.
ما يحدث مؤشر خطير يعيد إلى البال سؤال مدى الجدية في محاربة الفساد والمفسدين مهما كبر حجمهم أو صغر، ويؤكد أن الإرادة لمحاربة الفساد لم تتوفر بعد، وليس أدل على ذلك من حالة الجمود التي تمر بها العديد من ملفات الفساد التي لم يبت فيها حتى اللحظة.
ومن الأسباب التي تقف خلف بلوغنا هذه الحالة، ما اصطلح على تسميته بظاهرة البلطجة الجسدية والصوتية، ومنها الاعتداء على محتجين ومعتصمين يطالبون بالإصلاح، حيث كرس مثل هذا السلوك القناعة بفقدان الجدوى من دولة القانون وخصوصا المؤسسات وتغييب دورها في ظل مثل هذه الممارسات.
البلطجة الصوتية كانت أيضا حاضرة في المشهد، وسمعنا نوابا يهاجمون المحتجين، ويشتمون المواطنين لمطالبتهم بالإصلاح.
كما تعزى هذه الحالة إلى غياب الإرادة بإصلاح حقيقي أساسه وقف الفساد ومحاسبة الفاسدين، إلى جانب الاستمرار في توجيه العمل بناء على الأجندات الخاصة والمصالح والمنافع التي يجهد كل طرف في الدفاع عن كل ما جناه منها خلال سنوات خلت غيبت فيها عقول الناس وسممت لدرجة أبقت المجتمع صامتا وكاظما غيظه وهو يشهد بأم عينه كيف نهب المال العام، وضاعت الأموال وتضاعفت المديونية وعجز الموازنة رغم ارتفاع معدلات الضرائب التي يدفعها.
خلال السنوات الماضية شهدنا تهديما ممنهجا لسيادة القانون بعد أن تغولت الواسطة والمحسوبية وصارت فوق القانون، وبات كرت 'غوار' والمصالح والكسب السريع هو العنوان الأعظم للبلد... جعلها الله خاتمة الاحزان.
عن الغد