30-06-2011 07:45 AM
كل الاردن -
تفاجأت كغيري من النواب وأصحاب الاختصاص المستقلين من قانونيين وخبراء في الفقه الدستوري بالفتوى السياسية – القانونية التي أعدها العين والوزير السابق القانوني طاهر حكمت. والتي أباح فيها 'للمشتكي عليه' د. معروف البخيت حق الرد على 'مناقشات النواب' أثناء النظر في قضية الكازينو مستندا جزافا على المادة (92) من النظام الداخلي لمجلس النواب التي تعطي الحق للوزراء في الكلام في 'الأمور الهامة'.
لم يكتف معالي السيد طاهر حكمت بتجاهل كون رئيس الوزراء معروف البخيت وارد اسمه في ملف التحقيق في قضية الكازينو كمشتكى عليه وينتظر تصويت مجلس النواب على توصية اتهامه بجنح جرمية من لجنة التحقق النيابية. وتعامل مع 'حق' السلطة التنفيذية بالرد على 'مناقشات النواب' متجاهلاً مرة أخرى أن ما يقوم به مجلس النواب ليس 'مناقشة عامة' لقضية الكازينو التي يمكن حينها أن يكون للسلطة التنفيذية حق الرد على مناقشات السلطة التشريعية'. وان ما سيقوم وقام به مجلس النواب هو مداولات نيابية يقوم بها المجلس بصفته القضائية الخالصة، كنائب عام يجري تدقيقا قانونيا خالصا في التهم التي نسّبت بها لجنة التحقيق النيابية التي قامت بتكليف من المجلس في التحقيق وجمع الأدلة والتوصية بالاتهام تمهيدا للتصويت عليها, وكان من حق مجلس النواب بصفته (نيابة عامة) أن يطلب من المشتكى عليه د. معروف البخيت مغادرة الجلسة لاجراء التدقيق والمداولة بدون حرج أو تأثير .
ويذهب معالي السيد طاهر حكمت بعيدا في خلط الأوراق والتمويه على الحقيقة. ليفتي بان ما يقوم به مجلس النواب ولجنة التحقيق النيابية 'ليس شئنا قضائيا محضا بل قضائي-سياسي... وهو يدخل ضمن الرقابة السياسية المعطاة للمجلس'. متجاهلاً 'بجرة رغبة' نص المادة (56) من الدستور التي منطوقها 'لمجلس النواب حق اتهام الوزراء .... وعلى المجلس أن يعين من أعضائه من يتولى تقديم الاتهام وتأييده أمام المجلس العالي'. ولا أظن أن معالي طاهر حكمت يجهل القرار التفسيري رقم (1) لسنة 1992 الذي يعطي مجلس النواب 'حق التحقيق وجمع الأدلة تمهيدا للاتهام'.
وهل بعد هذه النصوص الدستورية الساطعة كالشمس من اجتهاد أو فتوى تشكك بالدور القضائي الخالص لمجلس النواب في جلسته المشار إليها.
أما الحديث عن 'حق الإنسان في الدفاع عن نفسه' لتحقيق العدالة والتوازن والحياد. فلا أظن أن السيد حكمت يجهل بأن المشتكى عليه د. معروف البخيت قد حضر أمام لجنة التحقيق النيابية وأدلى بكل المعلومات التي تحصن موقفه وان حقه في الدفاع عن نفسه يتم أمام المحكمة المختصة (المجلس العالي) لأنها صاحبة الاختصاص بالإدانة أو التبرئة. ومن ثم كيف تستقيم حكاية العدالة والحيادية عندما يمنح شخص مدعى عليه حق الدفاع عن النفس فقط لان له صفة رئيس وزراء عامل والأمر ينسحب على المشتكى عليه الوزير الحالي خالد طوقان. ولا يعطي الحق نفسه لآخرين لأنهم لا يجلسون اليوم على مقاعد الوزراء.
إن الفتوى التي أعدها معالي السيد طاهر حكمت بناء على طلب رئيس مجلس النواب، فتوى سياسية بامتياز وأنا اعرف أن دولة الرئيس فيصل الفايز كان حسن النية عندما طلب فتوى قانونية وانه أراد أن يحصن الإجراءات التي يتخذها المجلس قانونيا. لكن كان الأجدى به أن يستشير قانونيين مستقلين حياديين ويعتمد على الكفاءات النيابية والسياسية والقانونية في المجلس فهم الاحرص على المجلس ودوره وسمعته.