أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الجمعة , 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


المناهج.. معلومات تلقينية أم معرفية يوظفها الطالب في حياته العملية

20-11-2016 12:47 AM
كل الاردن -
يتكرر المشهد مع نهاية كل عام دراسي وبالتحديد في اليوم الاخير من الامتحانات اذ يعبر الطلاب عن فرحتهم بالطريقة الاقرب الى نفوسهم والتي يعتبرونها اسلوبا ينقل قصة معاناتهم مع الكتاب فيقومون بانهاء علاقتهم مع الكتب بطرق سلبية يحملون حيالها مشاعر من البغض للكتب والفرحة بانتهاء العام الدراسي ، وجل الطلاب من كافة المراحل الدراسية يمارسون السلوك السلبي حيال الكتب.

كونها لم تكن في اي يوم صديقة لهم ، لانها منهاج بمحتواها الشمولي تقودهم من حالة الواقع والتطور المعرفي المتسارع الى مجرد سنوات يقضونها بالتلقين والحفظ وتدوين المعلومات على ورقة الامتحان بهدف الحصول على علامة وليس على كفاءة ومهارة.

هذا الامر مؤشر واضح على ان المنهاج والكتب المدرسية ليست صديقة للطالب انما هي عبء عليه.... كم من المعلومات التي تقوم على اساس التلقين والحفظ والمعرفة الخالية من جوانب اخرى هامة كالاستتناجات والتفسيرات ليغدو الكتاب خاليا من التشويق والفائدة الحقيقية التي يحتاجها الطالب بعيدا عن التطوير والتحديث المتعمق الذي يصل الطالب بقضايا مجتمعه وما يدور حوله لتقود هذه الحالة مجتمعه الى حالة واقعية مفادها ، غربة المعلم عن المناهج وعدم قدرته على الخروج من دائرة محتواه ، وطالب ليس له علاقة بالكتاب المدرسي لا يسعى للاحتفاظ به بعد الانتهاء منه للعودة اليه في سنوات قادمة ،بل قد ينسى المعلومات التلقينية التي صمها من الكتاب ودونها في ورقة الامتحان.

اطراف من المعادلة لا تقل واحدة عن الاخرى اهمية بدءا من المنهاج ومرورا بالطالب والمعلم والاسر التي تتوقف عند هوامش معينة لمنهاج محددة فقط وتتجاهل مدى استفادة ابنائها من الكتب المدرسية بمجملها.

لنتساءل هل المناهج تتناسب مع قدرات الطلاب ؟

هل يترجم الطالب ما يتعلمه سواء في مناهج التربية الدينية او التربية الاجتماعية والوطنية على ارض الواقع في علاقاته مع ذاته ومع الاخرين ؟

هل الاساس قائم على ان يحفظ الطالب المعلومات الوارد بالكتب المدرسية ويدونها بالامتحان ليحقق علامات مرتفعة دون ان يكون لها صلة او تطبيق بحياتهم على ارض الواقع في ظل وجود مناهج لا تزال تقدم معلومات قديمة بعيدة كل البعد عن واقع العصر وقضايا المجتمع والوطن تعزز انتماء الطالب لما يدرسه في سنوات تمتد الى اثني عشر عاما لا يحمل الطالب بعد انتهائها بذاكرته منها شيئا.

لتطرح تساؤلات اصبحت اليوم مشروعة مستمدة من واقع حال يعيشه الطلاب، لماذا المناهج لا تزال بمحتواها غير مشوقة للطالب تتضمن معلومات لا يحتاجها ، وليست لها صلة بواقعه ؟

ولماذا البحث بها ونقاشها ارتبط « بالفزعة » فقط واختزل بموضوع واحد في الوقت الذي من الاهمية بمكان ان تتشكل نواة اهتمام دائمة من قبل الاسر والطلاب والمعلمين والاكاديميين كون تطوير المنهاج والتعليم عملية تشاركية.

لماذا لم تبادر الاسر بطرح ونقاش واثارة ما تحتويه مناهج اخرى كالرياضيات والعلوم والفيزياء لطلاب الثانوية العامة التي لا تزال بعض معادلاته تحل وترتبط بامور قديمة لا تواكب الحداثة والتطوير ؟

اين دور ونتاجات الاهتمام بالمناهج غير الاكاديمية كالفن والرياضة والموسيقى والثقافة والتي جمعيها تصقل شخصياتهم وتعلمهم كيف يتعاملون مع زملائهم ومع معلميهم. ؟

ماذا تقدم المناهج وكيف يمكنها ان تنمي نماءات الطالب المعرفية والتربوية المبنية على الكفاءات والمهارات بعيدا عن حدود دائرة مغلقة الافق تسمى « العلامة » فقط ، لنصنع مواطنا صالحا قادرا على ايجاد صياغة مشتركة بين ما يتعلمه خلال اثني عشر عاما وبين حياته ومستقبله.

وكيف يرى الخبراء والمعنيون هذه القضية الهامة ؟

الدكتورة نور هاني مجدلاوي خبيرة مناهج قالت ان المناهج الحالية تتشكل على اعتبار جعل الطالب مختصاً في موضوعاتها ومتعمقا فيها، في الوقت الذي يجب ان تكون المناهج قادرة على منح الطالب المعرفة التي يستطيع توظيفها في حياته العملية.

واضافت ان عملية تطوير المنهاج منذ سنوات لم تنعكس على العملية التعليمية برمتها والتي تعتبر المناهج عنصرا من عناصرها المتعددة والتي تجمع بين المعلم والطالب والبيئة المدرسية.

واعتبرت الدكتورة مجدلاوي ان قضية تاليف المناهج مسؤولية كبيرة وواقع الحال يدفعنا لطرح تساؤلات عديدة حول من يؤلف المنهاج ؟ من هي اللجان التي تعمل على تاليفها ؟وهل تم الاستفادة من الخبرات الاردنية التي تسهم في تأليف مناهج عربية بدول مجاورة في الوقت التي لا يتم اشراكها او الاستفادة من خبراتها وتخصصاتها باعداد المناهج الاردنية.

وهل من يقوم باعداد المناهج على دراية فقط بالمحتوى العلمي للمادة المطلوبة دون ان يكون قادرا على توظيفها في مناهج لتخرج كما يحتاجها الطالب ؟

وهل الهدف من المناهج توفير الجانب المعرفي فقط في حين ان التوجهات الحديثة في هذا المجال تؤكد على ان المعرفة اصبحت جانبا واحدا فقط لا الوحيد لاعداد نتاجات منهجية تنعكس على الانسان الذي نريد.

واعتبرت الدكتورة مجدلاوي ان ما حدث مؤخرا حول المناهج يختزلها بجانب واحد فقط وبمناهج معينة دون غيرها واغفال الاخرى مضيفة عندما نتحدث عن مناهج التربية الاسلامية الا يجدر بنا التوقف قليلا لتقييم ابنائنا كيف انعكست قيم المناهج علي حياتهم هل يصلون.... هل يتعاملون مع بعضهم البعض من منطلق القيم التي اوردتها الاحاديث النبوية الشريفة...؟

وبينت ان هذا الجانب مغيب ونراه في اجتماع مجالس اولياء الامور عند الالتقاء بالمعلمين فنادرا ما نجد اسرة تقوم بالسؤال عن مدى انعكاس هذه القيم على سلوك ابنائها بل على العكس فالاسر لا تولي منهاج التربية الاسلامية والتربية الاجتماعية الوطنية الاهمية مقارنة مع مناهج اخرى كالرياضيات واللغة العربية والانجليزية.

واشارت ان مادة كالتربية الاجتماعية الوطنية لا يستخدم الكتاب بتدريسها انما يتم اختزالها باوراق عمل وبحصة اسبوعية واحدة وهي التي تسهم في تشكيل اتجاهات الطالب وسلوكياته اليومية اتجاه قضايا عدة وفي نهاية الامر ليست الغاية ان يحفظ الطالب الوان علم بلده بقدر ما يشعر به ويعي اهميته وقيمته. واعتبرت مجدلاوي ان هناك تراجعا بنوعية التعليم وهذا مرتبط بطريقة او باخرى بنوعية المناهج ومحتواها وطريقة عرضها على الطالب الذي من حقه ان تكون المناهج التي يتعلمها طريقه الى الافضل وليس الى المعرفة فقط في وقت اصبحت به المعرفة متاحة وهي استمراية لاهداف اخرى اعمق من ذلك بكثير.

واكدت على ان المناهج بعيدة عن مسايرة الواقع والقضايا الوطنية المجتمعية الهامة فاين مناهجنا من قضية حوادث السير وغيرها والتي لا بد ان تربط الطالب بواقعه المجتمعي.

وبينت مجدلاوي ان اي منهاج جديد يكون تحت التجربة لكن من يشارك باعادة التقييم اليس المعلم والاسرة والطالب نفسه شركاء بالتطوير والتحديث... الا يجدر باعادة النظر بكيفية اعداد المناهج والتوقف مليا عند موقف الطالب من الكتاب المدرسي وعدم انتمائه له وحرصه على احراز علامة متقدمة فقط في ظل استمرارية وجود مناهج لا تزال تقوم على مبادئ التلقين غير المجدي واعطاء معلومات تتعامل مع الطالب وكانه متخصص بها وهو ليس كذلك ؟

قاخون

استاذ النقد الادبي والادب المقارن الدكتور نارت قاخون يرى ان التجربة التعليمية اظهرت ان اي قضية نريد للطلاب ان يتعاملوا معها بسلبية تكون طريقة الوصول اليها وضعها بالكتاب المدرسي لانها اذا اصبحت جزءا من الكتاب فالطالب يتعامل معها بسلبية مطلقة في حين ان الطالب يتعامل مع قضايا عدة خارج اطار الكتاب بطريقة ايجابية عازيا ذلك الى ان الطالب يتعامل مع الكتاب بانها مجرد معلومات عليه ان يحفظها ويقدمها بورقة الامتحان فقط.

واضاف قاخون ان الكتاب المدرسي القائم على الحفظ والتعداد والنقاط الجامدة تجعل من محتواه مادة يكرهها الطلبة، مشيرا الى ان ما جرى مؤخرا حول التعديلات الأخيرة على المناهج اتسم في التركيز على البعد الكمي أو الشكلي ولم يدخل في جوهر المحتوى وهل هو محتوى مستساغ ويرغبه الطالب.

جلالة الملكة رانيا ترى بالتعليم منهجية وفكرا واسلوبا ،حياة ومستقبلا ، لكنه التعليم الذي لا يقف عند حدود معينة او يختزل بجوانب محددة فقط ليضعنا في اطار «المحدودية » بدلا من « الشمولية ».

تعليم يساير التطورات يركز على شخصية الطالب وينمي قدراته ، تطوير لعملية التعليم والتعامل معها بتحدياتها ومشاكلها بشكل مستمر لتتشكل حالة من الحراك يشارك بها الجميع لا مجرد « فزعة » تبدا وتنتهي مرتبطة بموضوع واحد فقط.

رؤية جلالتها للتعليم رؤية شمولية تتطلب اعادة النظر بالعملية التعليمية برمتها من خلال طرح تساؤلات تبدا من لماذا نتعلم ؟ وكيف نتعلم ؟والى اين وصلت شخصيات الطلاب داخل غرفهم الصفية ؟

كيف يتعاملون مع زملائهم ومع المعلم ؟

اين هو دور واثار المناهج غير الاكاديمية كالرياضة والفنون وغيرها ؟

فان كان التعليم هوية ، مستقبلاً ، انجازاً،غاية وهدفاً ، فكيف لكل هذا ان يتحقق في الوقت الذي لا يزال الكتاب المدرسي يشكل حالة من الغربة لدى الطالب ، ليس صديقا له ولن يكون ان بقيت المناهج في محتواها لا تحاكي عقل الطالب ومخزونه الفكري والابداعي ،تعتمد على التلقين بعيدة عن واقع ينتظره عند انتهاء سنوات تعليمه المدرسية.

المناهج واعدادها والطرق التي تصاغ بها ومن يسهم بها من كفاءات ليست فقط اكاديمية يمكنها ان تدون معلومات دون ان تكون قادرة على توظيف هذه المعلومات لتجذب الطالب وتجعل الكتاب المدرسي جزءا لا يتجزا من حياته.

وطبيعة محتواها ومسايرتها جنبا الى جنب مع التطور والتحديث ، جميعها قضايا وجوانب باتت اليوم اولوية وليست بدائل او حلولاً انية مرتبطة بتعديل منهج دون غيره « وفزعة » انية وليست حراكاً مستمراً.

لتقودنا ان بقي الحال على ما هو عليه الى تعليم بلا تطوير وتحديث ، مناهج لا تلبي احتياجات الطالب وعداوة تجمع الطالب مع الكتاب المدرسي ومعلمون غير قادرين على اداء رسالتهم التعليمية طالما يعيشون ويتعاملون يوميا بحدود الكتاب المدرسي المغترب عن الطالب شكلا ومضمونا .الراي
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-11-2016 10:36 AM

بعد التحية
موضوع في غاية الاهمية ومفتاح لحل كل مشاكل البلد ، وطرح سليم ولكن ما الحل ؟ من سيقرر برنامج تدريجي يحدد عدد المناعج و مضمون كل منهج والتاكد من فعالية الكمية و المضمون .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012