06-07-2011 06:56 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
افضل نصيحة يمكن ان نقدمها «لمطابخ» القرار التي لا تزال مشغولة بحصار «الثورات» العريبة ومصممة على ملاحقتها واجهاضها واستيراد ما يلزم من «عقاقير» سياسية واقتصادية لتطعيم الشعوب بها، هي: افتحوا آذانكم لاصوات الناس وحراكاتهم ووفروا ما استطعتم من جهود للتسويف والمماطلة وتزجية الوقت وتنازلوا عن منطق استهتاركم بالناس وحقوقهم وتلاقوا في منتصف الطريق مع مطالب شعوبكم المشروعة.
لا يوجد –الآن- اي بلد عربي محصن ضد «الثورات» ثمة ثورات قد تأججت واشتعلت واخرى ما تزال في مخاضات الثورة وثالثة تعتمل داخلها ثورات لكنها حتى الآن بلا ثوار وحين تسأل الناس: لماذا «يثورون» تفاجئك اجاباتهم، احدهم في مصر قال بأن كلمة السر هي «تونس» اذ احس الشاب المصري بان التونسي الذي «احترق» والآخر الذي كسر حاجز الخوف ليس افضل منه، فقرر ان يثور، اخر في سوريا طاردته سنوات الخوف واحلام الحرية والكرامة فصمم على «الموت» من اجل ان يعيش اولاده بكرامة، ثالث في اليمن ادهشته هتافات «المنقبات» فخرج الى الشارع وقرر ان يصمد حتى لو «فات القطار».
لا تسأل الناس اليوم لماذا يثورون؟ ولا تتعب نفسك في البحث عن «مصدات» جاهزة للوقاية من الثورة كل شيء تغير وبوسعك ان تنصت للمطالب التي اشهرت والاخرى التي ما تزال تتردد في الفضاء بدل ان تطاردك احلام هؤلاء ومعها «كوابيس» مظلمة لعقود من الظلم والحرمان والاستبداد..
بوسعك –ايضا- ان تحذف –ولو مؤقتا- من قواميس السياسة «لا» الكبيرة، هذه التي لطالما رفعت في وجه الشعوب وان تستبدلها بـ «نعم» ليّنة وقادرة على الامتصاص، وبوسعك – اخيرا- ان تطرد من ذهنك كل المقولات والدعوات التي تغري على الانتظار: انتظار هدوء الناس وعودتهم «راشدين» الى بيوتهم، وانتظار انفضاض موالد الثورات التي لم تبدأ بعد.. وانتظار خريف الشعوب التي يبدو ان اوراقها الخضراء لم تسقط بعد.
لكي تحاصر الثورات لا بد ان تذهب الى صيدلية «الحكمة» لكي تشتري «اقراص» الشجاعة والاقدام ولا بد ان تذهب الى ميادين «اللعب» لكي تشارك اللاعبين تداول الكرة وتنافس على الاهداف وتحظى بتصفيق المتقرجين على الشرفات.
كل شيء في بلداننا العربية اصبح معلقا بانتظار دقات ساعة «الثورة»: الحكومات وقراراتها، الناس وانفاسهم واصواتهم، الاشياء التي تبحث عن اوزان لها جديدة، الآخر الذي يتربص امام «المصيدة»، الخائفون من حصاد البيدر والقسمة التي لم تعد «ضيزى».
ثمة من يريد ان يعتصم الى «الجبل» هروبا من الطوفان وثمة من يحاول ان يركب «السفينة» بعد تردد وثمة من يستهمّ «لذبح» الناقة «ناقة الاصلاح» وثمة من لا يزال مشغولا بنصب ما يلزم من «فزاعات» لتخويف الطيور التي رفرفت اجنحتها بحثا عن «حبات» التغيير او «قمح» الديمقراطية.
اما طريق النجاة فواح عنوانه «فهمتكم تماما» وهآنذا استجيب.. واتجاهه واحد: ديمقراطية لا تقبل التأويل، ومآلاته واحدة: رضى الناس بالنصيب والتفاهم حول العادل القريب واستعادة عافيتهم بعد ان تعبوا وهم يبحثون عن طبيب.
عن الدستور