أضف إلى المفضلة
الخميس , 26 كانون الأول/ديسمبر 2024
الخميس , 26 كانون الأول/ديسمبر 2024


المؤامرة على ثورة الربيع العربي

13-07-2011 07:11 AM
كل الاردن -

 

د. رحيّل غرايبة
ثورة الربيع العربي التي تعزم على تسجيل صفحة بيضاء ناصعة في التاريخ العربي الحديث من خلال التخلص من الأنظمة الفاسدة المستبدة التي أطبقت على الوطن العربي ردحاً من الزمن, فأورثته تخلفاً فكرياً وثقافياً وضعفاً سياسياً, وعجزاً اقتصادياً.
هذه الثورة التي تبغي تحقيق الحرية وإطلاق الإرادة الشعبية وصون الكرامة الآدمية, وإعادة السلطة المسلوبة للجماهير, واستعادة حق الأمّة في اختيار الحاكم ومراقبته ومحاسبته, من أجل البدء بصفحة جديدة تعيد للأمّة العربية رسالتها, وتمكنها من بلورة مشروعها النهضوي الحضاري الكبير للعالم أجمع.
هذه الثورة تتعرض لمؤامرة كبيرة تشترك فيها أطراف كثيرة ومتعددة خارجية وداخلية, ويجب أن تتنبه الشعوب لهذه المؤامرة وإدراك خطوات هذه الأطراف المتضررة من الثورة ونتائجها, ويمكن الإشارة إلى هذه الأطراف المتضررة من الثورة على النحو الآتي.
أولاً, الأنظمة, التي جاءت للحكم بغير شرعية انتخابية شعبية واحتكرت السلطة والقرار, وأحكمت قبضتها على المقدرات والمؤسسات وهمّشت الشعوب وقواها الحية.
هذه الأنظمة تعمل بكل ما أوتيت من قوة لعرقلة الثورة وإفشالها بكل الطرق الممكنة, سواء عن طريق استخدام القوة والعنف, أو عن طريق الحرب الإعلامية التي تعمد إلى تشويه الثورة ورجالها والقوى الفاعلة فيها, أو عن طريق الاختراق وزرع الألغام, وبث الخلافات داخل قيادات الثورة.
ثانياً, الطبقة الفاسدة المستفيدة من الأوضاع القائمة سواء عن طريق المناصب, أو الأعطيات, أو المصالح التجارية, أو الحصول على بعض الغنائم, أو مقاعد جامعية لأبنائهم وذويهم أو الحصول على حماية ونفوذ, أو الوجاهة والشهرة, أو الحماية من ملاحقة القانون, وهؤلاء أصناف كثيرة ومتعددة, وتنتمي لجميع الشرائح والطبقات, بعضها سياسي, وبعضها إعلامي, وبعضها عائلات وصلات قربى, وبعضها شلل ومصالح وصداقات ومحسوبيات, وبعضهم يخضع لعمليات غسيل أدمغة أو تجهيل أو تضليل.
الطرف الثالث, الدول الكبرى صاحبة المصالح والنفوذ في العالم العربي, وهذه بكل تأكيد تفاجأت في نقطة بدء الثورة وإنجازاتها في كلٍ من تونس ومصر, وذلك عمدت إلى محاولة التدخل في بقية الأقطار, من أجل الحصول على الوقت الكافي للتفكير في كيفية التعامل مع هذه الثورات, ويمكن استقراء طريقتهم وفقاً للملامح التالية.
أولاً, محاولة كسب الرأي العام في إظهار التأييد لهذه الثورات ومطالبها, وحث الأنظمة على الاستجابة لمطالبها المشروعة.
ثانياً, التدخل تحت ستار دولي في بعض الأقطار مثل ليبيا التي تحوي (كميات نفطية كبيرة), ولذلك استطاعت استصدار قرار دولي لحماية المدنيين من النظام, ودخل حلف الناتو على الساحة من أجل المشاركة الحقيقية في الإشراف على التغيير.
ثالثاً, في دول أخرى تكتفي بالحرب الإعلامية ربما, واتخاذ قرارات بالحصار, أو الحجز على الأموال.
رابعاً, وربما في أقطار أخرى تحاول تقديم النصائح فقط, بحسب درجة القرب والبعد للنظام من المصالح الغربية.
وهنا يجب التأكيد على رفض التدخل الدولي في الشأن الداخلي, والإصرار على إعطاء الشعوب العربية حقها الكامل في تقرير مصيرها وإدارة شؤونها.
الطرف الرابع, وهو الكيان الصهيوني, وهو متضرر رئيسي من ثورة الربيع العربي بكل تأكيد; لأنّ الشعوب العربية عندما تصبح هي صاحبة القرار, عند ذلك يتضح الموقف السياسي الموحد للشعوب العربية تجاه القضية الفلسطينية وقضايا الاحتلال والمقدسات. ولذلك سارع الكيان الصهيوني من أجل تدارك ما يمكن تداركه, ومن أبشع فصول المؤامرة الصهيونية في هذا المجال, أنّ أحد الصهاينة عقد مؤتمراً لنصرة الشعب السوري في باريس, اجتمع فيه صهاينة وبعض العملاء; من أجل تشويه الثورة الشعبية العربية في سوريا, وإلقاء ظلال قاتمة على غاياتها وأهدافها ومن أجل إعطاء متكأ إعلامي للنظام ومؤيدي النظام وأعداء الثورة لاستثمارها في تشويه الثورة.
ومن هنا يجب على القائمين على الثورة الحذر الشديد من ألاعيب الصهاينة والدول الكبرى, التي تحاول التدخل في شؤون العرب الداخلية لإجهاض الثورة وتشويه سمعتها.
rohileghrb@yahoo.com
 
 
عن العرب اليوم
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-07-2011 03:50 PM

بداية نهنئ موقع كل الاردن باستقطاب مفكرين ، ونشر مقالات جادة ومؤثرة. نتفق مع رؤية واطروحة المفكر الاسلامي الاردني العجلوني الدكتور رحيل الغرايبة، وان شعورا من الارتياح والاعتزاز ينتابني ويسيطر علي عندما ارى واشاهد ان المناطق المهمشة والمنسية في وطننا العزيز قد انتجت قيادات فكرية وشعبية اصبحت محط اعتزاز ليس ابناء الوطن الاردني فقط بل الامة الاسلامية عامة. سواء من عجلون او الكورة او الطفيلة اوذيبان او معان...الخ.
رغم توافقي مع رؤية الدكتور رحيل حول سيرورة الربيع العربي والاثار الايجابية والتحولات العميقة التي سيتمخض عنها زوال انظمة القمع والاستبداد في عالمنا الاسلامي، لكني اعتقد ان هناك خصوصيات لكل دولة تفرض نفسها فرضا على الواقع وهي امور طالما تنبه لها فقهاء المسلمين ذوي المنهج العملي البرجماتي كالشافعي سابقا والريسوني واردوغان حاليا، واعتقد ان الدكتورالغرايبة هو خير من يمثلهم بالاردن. وبصراحة اكثر هناك خصوصية معينة للاردن لا اعتققد انها تغيب عن ذهن قادة الاصلاح الاسلاميين ذوي الكياسة والفطنة والخبرة.؟؟؟!!! 

2) تعليق بواسطة :
13-07-2011 06:13 PM

الأمة الأسلامية أمة واحدة و العرب هم الشعب المرجى للقيادة من جديد. المهم أن تنتبه النخب و الجماهير أن المطلوب شرعا و عقلا هو التغيير الجذري على أساس الأسلام.

ان أخطر ما يواجهه الربيع العربي هو هذا الزخم السياسي و الأعلامي الهائل لطرح العلمانية و الديموفراطية و الدولة المدنية كبديل لأنظمة التخلف و الجبروت!

و كأن الأنظمة في العالم العربي لم تحكمنا بالعلمانية و الديموقراطية و الدولة المدنية لعقود طويلة مريرة!!

و كأن أمريكا و الغرب الديموقراطي لم يرتكب الفظائع بحقنا في أكثر من فطر يئن في نجيع الأشلاء و الدماء!!!

و كأن الأنظمة التي أجرمت أيما اجرام لم ترهن البلاد و العباد و الثروات لمصاصي الدماء من المستعمرين (أمريكا و أوروبا) الذين أحكموا استعمارهم بأفكار الديموقراطية و العلمانية و الدولة المدنية مثلما أحكموه بالأجرام العسكري و المخابراتي!!!!

3) تعليق بواسطة :
13-07-2011 06:15 PM

نحن بحاجة ألى معادلة جديدة تنسف النفوذ الغربي الأستعماري من بلادنا و تحررنا من التبعية الظاهرة و الباطنة لقوى الكفر و الأستعمار.

نحن بحاجة لمبدأ الأسلام العظيم نبني عليه كل شؤون الحياة في الدولة و المجتمع فنخرج من دائرة الأثم و نحظى برضى الرب كمسلمين و نسعد بحياة كريمة عزيزة كمسلمين و غير مسلمين على حد سواء

4) تعليق بواسطة :
14-07-2011 07:47 AM

احمد الله على ان منظر الملكية الدستورية اعترف بأن هناك مؤامرات

وهذا يدعوا الى الاعتراف بانه

ليس هناك مؤامرات على ثورات ربيع اوباما العربية

ببساطة لأن هذه الثورات بحد ذاتها مؤامرة

لايوجد ثورة مضادة ولا فلول للنظام السابق. فالقصة وما فيها اننا سنكتشف اننا نحن الشعب من يقوم بالثورة المضادة ضد ثوراتنا واننا نحن من يشكل فلول النظام الذي ابدناه. ولكن الوقت سيكون قد تأخر، وسنكون قد اجتزنا خطوط اسقاط انظمتنا الى اسقاط دولنا وتحويلها الى دول فاشلة

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012