13-07-2011 07:11 AM
كل الاردن -
د. رحيّل غرايبة
ثورة الربيع العربي التي تعزم على تسجيل صفحة بيضاء ناصعة في التاريخ العربي الحديث من خلال التخلص من الأنظمة الفاسدة المستبدة التي أطبقت على الوطن العربي ردحاً من الزمن, فأورثته تخلفاً فكرياً وثقافياً وضعفاً سياسياً, وعجزاً اقتصادياً.
هذه الثورة التي تبغي تحقيق الحرية وإطلاق الإرادة الشعبية وصون الكرامة الآدمية, وإعادة السلطة المسلوبة للجماهير, واستعادة حق الأمّة في اختيار الحاكم ومراقبته ومحاسبته, من أجل البدء بصفحة جديدة تعيد للأمّة العربية رسالتها, وتمكنها من بلورة مشروعها النهضوي الحضاري الكبير للعالم أجمع.
هذه الثورة تتعرض لمؤامرة كبيرة تشترك فيها أطراف كثيرة ومتعددة خارجية وداخلية, ويجب أن تتنبه الشعوب لهذه المؤامرة وإدراك خطوات هذه الأطراف المتضررة من الثورة ونتائجها, ويمكن الإشارة إلى هذه الأطراف المتضررة من الثورة على النحو الآتي.
أولاً, الأنظمة, التي جاءت للحكم بغير شرعية انتخابية شعبية واحتكرت السلطة والقرار, وأحكمت قبضتها على المقدرات والمؤسسات وهمّشت الشعوب وقواها الحية.
هذه الأنظمة تعمل بكل ما أوتيت من قوة لعرقلة الثورة وإفشالها بكل الطرق الممكنة, سواء عن طريق استخدام القوة والعنف, أو عن طريق الحرب الإعلامية التي تعمد إلى تشويه الثورة ورجالها والقوى الفاعلة فيها, أو عن طريق الاختراق وزرع الألغام, وبث الخلافات داخل قيادات الثورة.
ثانياً, الطبقة الفاسدة المستفيدة من الأوضاع القائمة سواء عن طريق المناصب, أو الأعطيات, أو المصالح التجارية, أو الحصول على بعض الغنائم, أو مقاعد جامعية لأبنائهم وذويهم أو الحصول على حماية ونفوذ, أو الوجاهة والشهرة, أو الحماية من ملاحقة القانون, وهؤلاء أصناف كثيرة ومتعددة, وتنتمي لجميع الشرائح والطبقات, بعضها سياسي, وبعضها إعلامي, وبعضها عائلات وصلات قربى, وبعضها شلل ومصالح وصداقات ومحسوبيات, وبعضهم يخضع لعمليات غسيل أدمغة أو تجهيل أو تضليل.
الطرف الثالث, الدول الكبرى صاحبة المصالح والنفوذ في العالم العربي, وهذه بكل تأكيد تفاجأت في نقطة بدء الثورة وإنجازاتها في كلٍ من تونس ومصر, وذلك عمدت إلى محاولة التدخل في بقية الأقطار, من أجل الحصول على الوقت الكافي للتفكير في كيفية التعامل مع هذه الثورات, ويمكن استقراء طريقتهم وفقاً للملامح التالية.
أولاً, محاولة كسب الرأي العام في إظهار التأييد لهذه الثورات ومطالبها, وحث الأنظمة على الاستجابة لمطالبها المشروعة.
ثانياً, التدخل تحت ستار دولي في بعض الأقطار مثل ليبيا التي تحوي (كميات نفطية كبيرة), ولذلك استطاعت استصدار قرار دولي لحماية المدنيين من النظام, ودخل حلف الناتو على الساحة من أجل المشاركة الحقيقية في الإشراف على التغيير.
ثالثاً, في دول أخرى تكتفي بالحرب الإعلامية ربما, واتخاذ قرارات بالحصار, أو الحجز على الأموال.
رابعاً, وربما في أقطار أخرى تحاول تقديم النصائح فقط, بحسب درجة القرب والبعد للنظام من المصالح الغربية.
وهنا يجب التأكيد على رفض التدخل الدولي في الشأن الداخلي, والإصرار على إعطاء الشعوب العربية حقها الكامل في تقرير مصيرها وإدارة شؤونها.
الطرف الرابع, وهو الكيان الصهيوني, وهو متضرر رئيسي من ثورة الربيع العربي بكل تأكيد; لأنّ الشعوب العربية عندما تصبح هي صاحبة القرار, عند ذلك يتضح الموقف السياسي الموحد للشعوب العربية تجاه القضية الفلسطينية وقضايا الاحتلال والمقدسات. ولذلك سارع الكيان الصهيوني من أجل تدارك ما يمكن تداركه, ومن أبشع فصول المؤامرة الصهيونية في هذا المجال, أنّ أحد الصهاينة عقد مؤتمراً لنصرة الشعب السوري في باريس, اجتمع فيه صهاينة وبعض العملاء; من أجل تشويه الثورة الشعبية العربية في سوريا, وإلقاء ظلال قاتمة على غاياتها وأهدافها ومن أجل إعطاء متكأ إعلامي للنظام ومؤيدي النظام وأعداء الثورة لاستثمارها في تشويه الثورة.
ومن هنا يجب على القائمين على الثورة الحذر الشديد من ألاعيب الصهاينة والدول الكبرى, التي تحاول التدخل في شؤون العرب الداخلية لإجهاض الثورة وتشويه سمعتها.
rohileghrb@yahoo.com
عن العرب اليوم