14-07-2011 08:16 AM
كل الاردن -
التاريخ السياسي والاقتصادي لألمانيا 1789-1849م.
ضمن فعاليات مديرية الثقافة في أمانة عمان الكبرى و برعاية عطوفة المهندس سامر خرينو تم إقامة حلقة نقاش وحفل توقيع كتاب الدكتور أمجد أحمد الزعبي : التاريخ السياسي و الاقتصادي لألمانيا '1789-1849' دراسة في تجربة الإتحاد الألماني من خلال البرلمان القومي لأول 'برلمان فرانكفورت' و هو آخر إصدارات مديرية الثقافة .وشارك في حلقة النقاش الأستاذ الدكتور عبد الله نقرش من كلية الدراسات الدولية في الجامعة الأردنية والأستاذ الدكتور نظام بركات من قسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك وأدار الجلسة الدكتور بكر خازر المجالي مدير التوثيق في الديوان الملكي.
بدايةً قدم الدكتور المجالي الكتاب بقوله أننا أمام دراسة نوعية جديدة تفتح أفاقاً جديدة في إطار معرفة لآخر قام بها باحث أردني تميّز بإنتاجه و عطائه من خلال هذا الكتاب. و قدم بعده المؤلف عرضاً سريعاً لقصته مع الكتاب ،حيث أكد أن دوافعه لاختيار هذا الموضوع تحديداً هو التشابه الكبير ما بين التاريخ الألماني في تلك الفترة والتاريخ العربي في القرن العشرين حيث أن ألمانيا وصلت إلى تحقيق وحدتها بعد نضال طويل ،في حين أن العرب ما زال الطريق طويل عليهم ،موضحاً أن هذا التشابه واضح من خلال : عداء الدول الكبرى في تلك الفترة لأي مشروع وحدوي ألماني ، و أن الشكل الوحدوي الذي ظهر كان من خلال رابطة الدول الألمانية والتي فرضت من القوى الخارجية بعد مؤتمر فينا 1815م، كما فرضت الجامعة العربية كما أن استمرارية تجزئة الدول الألمانية كان يصب لمصلحة الأنظمة السياسية الحاكمة ولا يصب قي مصلحة الشعب الألماني.
وأضاف الباحث: ينطلق الكتاب في الاطار النظري بنظرية مفادها أن البرلمان القومي الأول الألماني 'برلمان فرانكفورت' هو نتاج التطورات الاقتصادية والسياسية التي شهدتها المانيا في أعقاب الثورة الفرنسية والثورة الصناعية وصولا إلى الثورات الاوروبية وثورة آذار الألمانية 1848م ،وتشكيل البرلمان والوحدة الشعبية الأولى في التاريخ الألماني الحديث تلك الوحدة التي صنعتها الارادة الشعبية والتي أوصلت إلى البرلمان الفئة المثقفة والبرجوازية تلك الفئة التي تحالفت مع النظام القديم 'النظام الاقطاعي والملكي الألماني ' لتسمح له ليعود إلى السلطة من جديد ،وتسمح بعد ذلك للعقلية العسكرية الألمانية لإحكام السيطرة على مقاليد السلطة وكما قال مهندس الوحدة الألمانية بسمارك : ألمانيا لا تنظر إلى بروسيا بوصفها دولة ليبرالية ،فورتمبورج وبادن وبافاريا تمثل هذه الليبرالية ،إلاّ أن أحدا لا يتطلع إليها...ولكن تتطلع إلى بروسيا و ما تمثله من قوة ،إن بناء ألمانيا ووحدتها لن يتم من خلال الأغلبية والخطابات هذه كانت غلطة ثورة 1848-1849م وبرلمان فرانكفورت بل من خلال الحديد والنار...'.
و تحدث بعد ذلك الأستاذ الدكتور عبدالله نقرش برؤية معمقة للفصلين الأول والثاني التاريخ السياسي والاقتصادي، حيث أكد في بداية مداخلته قائلا : يقدم لنا الباحث موضوعا مختصاً في التاريخ السياسي و الاقتصادي و الدستوري لدولة غربية هي اليوم الأهم في العالم اقتصادياً و علمياً , إلا أنها كانت خلال فترة الدراسة من الدول المتخلفة التي عانت مشكلات التجزئة والتفرقة و العنصرية القطرية و التخلف الاجتماعية و الاقتصادي و الاحتلال و التحرر.
وأضاف الدكتور عبدالله نقرش أعان الله الباحث على قدرته على الجمع ما بين الكم الهائل المتناقضات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية لينطلق من خلال الرؤية التاريخية السياسية بوضع المسألة البحثية في سياقها الموضوعي –الجغرافيا- السكان-والتاريخ و يبين العلاقة بين هذه العناصر وأثرها في تشكيل الأمة لغةً و أعراقاً و حركة تاريخية و يضيف : رأى بعض المفكرين الألمان في النموذج البروسي نموذجاً يحتذى به وانه الحكم المطلق المستنير وان الثورة من الأعلى (الفوقية) تجسد التعاون ما بين الدولة و المجتمع لتجنب الثورة من القاعدة على الطريقة الفرنسية و هذا النموذج الدستوري قائم على مقولة : الملك يجب ألا يفعل ما يريد ولكن يجب ألا يجبر على فعل ما لا يريد .
واستعرض الدكتور نقرش تطور الحركة الطلابية والقوانين البوليسية التي حكمت الحياة السياسية الألمانية وخاصة بالتضييق على الجامعات و على الحريات الصحافية والأساتذة الجامعيين لتكون كلها مقدمات و إرهاصات للثورة الألمانية .
و فيما يتعلق بالفصل الثاني :التحولات الاقتصادية والاجتماعية ،قال الدكتور النقرش أعتقد أن الباحث قدم صورة أكثر وضوحا بجداول إحصائية بينت الواقع الاجتماعي والاقتصادي البائس للشعب الألماني فالعامل الألماني كان يعمل بما يؤده وأحيانا لا يكفي ذلك لتوفير أساسيات الحياة ليظهر ما سماه الباحث ظاهرة المسحوقين في تلك الفترة على عكس ما نعرفه اليوم عن ألمانيا ،واستعرض الدكتور نقرش بتفصيل أثر الاتحاد الجمركي الألماني التسولفراين في بنية الوحدة الاقتصادية الألمانية وخاصة مع بدايات استخدام السكك الحديدية لتكون ألمانيا في عدة سنوات رائدة صناعة القطارات في أوروبا .
من جانب آخر قدم الأستاذ الدكتور نظام بركات مداخلته في الفصلين الثالث والرابع الثورة الألمانية والبرلمان القومي الأول ،فأكد في مستهل حديثه أنه أمام دراسة هامة أجاد كاتبها بنسج تفاصيل التاريخ الألماني بمهنية واحتراف ليخرجها بهذا التناسق والتحليل بالعودة إلى المصادر الأولية بلغتها الأم وكأننا أمام باحث ألماني ،فالباحث لم يكتفي بالسرد وهذا ما تعودنا عليه في المدرسة التقليدية للتاريخ ،فهو يقدم لنا المفاهيم ويوضحها ويبين الإشكاليات التي تقف خلفها :الأمة والقومية ،المواطنة والدولة ،الاستبداد والدستور ،الحقوق الأساسية للمواطن ،الثورة ومفهومها .
الدكتور بركات قال أن الباحث انطلق في دراسته التي بين أيدينا من إطار الجهد المبذول في معرفة الآخر ،وأقول أنه قدم لنا صورة تفصيلية عن الآخر بكل جوانب حياته مستخدما آليات مختلفة في المعالجة :فهو يقدم تحليلا للصراع الطبقي من منظور ماركسي ،ويقدم صراعا آخر مابين الإصلاحيين والثوريين ،ما بين الدين والحركة العلمانية والليبرالية .فلا تجد عملية قطع بالرغم من تعدد المواضيع المطروقة فالثورة يأتي بها في إطارها الصحيح ولا يفترض المعرفة المسبقة للقارئ فهو يبدأ من الأساس من الثورة الفرنسية 'ثورة شباط' من تحايل الحركة السياسية الفرنسية على قانون منع الاجتماعات العامة من خلال إقامة حفلات المآدب لتنطلق بعدها الثورة ككرة لهب عمت أوروبا لتصل إلى فينا وبرلين في آذار 1848م.
ليكون نتاج الثورة تكوين البرلمان التمهيدي الذي عمل على إقرار الانتخابات وآليات التصويت ،فالناخبون هم دافعوا الضرائب .وكانت النتيجة هي سيطرة الفئة المتعلمة على المجالس الانتخابية ،ليصار بعدها تشكل الاتجاهات السياسية حسب المواقف داخل البرلمان سميت باسم المكان الذي كانت تجتمع فيه .وفي ختام حديثه بين الدكتور نظام بركات إلى توصية هامة قال :أوصي بان يكون هذا الكتاب مصدرا أساسيا للتاريخ الأوروبي الحديث والتاريخ الألماني وخاصة عند صياغة المناهج المتعلقة بتاريخ أوروبا في المرحلة الدراسية الأولى،وكافة المراحل الدراسية العليا .