25-07-2011 07:06 AM
كل الاردن -
فهد الخيطان
النقابة نقطة تحول في تاريخ العمل النقابي ومسيرة التعليم .
اخيرا نال المعلمون مرادهم, صار لهم نقابة مثل سائر المهن الاخرى. الفضل في هذا الانجاز ينسب للمعلمين اولا, لطلائعهم التي حملت على عاتقها انجاز المهمة النبيلة. لم تكن الطريق الى النقابة معبدة بالورود, فمنذ ذلك اليوم الذي انتفض فيه معلمو الجنوب احتجاجا على تصريحات الوزير المسيئة بحقهم ادرك الالاف منهم على امتداد الوطن ان الخلاص لايكون بغير نقابة تدافع عن كرامتهم وحقوقهم وتنهي عقودا من التهميش والاقصاء. ولاجل هذا دخلوا في مواجهة مع حكومة الرفاعي التي لم توفر وسيلة لاستهدافهم الا وانتهجتها, حاربتهم برزق اولادهم وفصلت العشرات من نشطائهم بذريعة الاستيداع, هددت باستخدام القوة ولجأت اليها احيانا, وحاولت شق صفوفهم بشتى وسائل الاغراء, لكن عزيمتهم كانت اقوى وخاضوا كل اشكال النضال السلمي من الاضراب الشامل الى الاعتصام والمسيرات, متنقلين في ذلك بين عمان والمحافظات. ومرحلة متقدمة نجحوا في تشكيل لجنة قيادية تمثل جميع معلمي المملكة, وعبر هذا الاطار مارسوا تجربتهم الديمقراطية الاولى وقدموا نموذجا راقيا في ادارة الصراع وبناء التحالفات والجلوس على طاولة الحوار واجادوا فن انتزاع المكاسب من دون ان يقدموا تنازلات تمس قضيتهم الاساسية, فعلوا ذلك كله رغم تواضع تجربة غالبيتهم في العمل العام.
اخفقت حيل الحكومة السابقة في ثني المعلمين عن مطلبهم وتحت الضغط اضطرت الى التراجع عن قرارات فصل نشطاء المعلمين, وعرضت صيغة بديلة للنقابة بدت مقبولة للبعض, لكن الاحداث تسارعت وسقط العرض مع رحيل الحكومة, في الاثناء كان العالم العربي يدخل مرحلة جديدة تمثلت بالثورات الشعبية التي اطاحت بنظامين وعصفت في كل قطر.
على وقع التغيير الكاسح تشكلت حكومة البخيت وعلى اجندتها خطة ملكية شاملة لتسريع الاصلاحات, ولم يكن بالامكان تجاهل قضية المعلمين التي فرضت نفسها بقوة منذ اليوم الاول , وللانصاف اعلنت الحكومة منذ ايامها الاولى التزامها بانشاء نقابة للمعلمين. وعندما شعر المعلمون بأن الحكومة تماطل عادوا الى الاعتصام من جديد لتذليل العقبة الاخيرة والمتمثلة بالفتوى الدستورية لتجاوز فتوى سابقة من المجلس العالي لتفسير الدستور تحظر اقامة نقابة, واستجاب المجلس لسؤال الحكومة بسرعة, بعدها انخرط المعلمون في نقاش طويل مع الحكومة حول مشروع القانون, وواصلوا العمل ذاته مع النواب والذي توج بالامس باقرار القانون تمهيدا لاحالته الى مجلس الاعيان والمرجح ان يقره هذا الاسبوع.
نقابة المعلمين اذا اصبحت في اليد وسنشهد ولادتها بعد اشهر قليلة. انه انجاز عظيم للمعلمين وللحياة السياسية والطبقة الوسطى وللاردن عموما. نشوء نقابة لواحدة من اوسع الشرائح المهنية سيحدث فرقا كبيرا في مستقبل العمل النقابي الاردني وفي مسيرة التعليم.
لقد اثبتت التجارب العالمية ان تأطير الفئات الاجتماعية والمهنية في اطر نقابية كان عاملا فاعلا في سرعة الاصلاح والتقدم الى الامام, فعبر هذه الالية يدرك الناس مصالحهم الجماعية ويتعلمون كيف يدافعون عنها.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
عن العرب اليوم