01-08-2011 12:24 PM
كل الاردن -
يحيط بسكان قرية أبو نصير، حي ابو عبيدة، ثالوث صحي وبيئي 'مرعب'، أحال حياتهم إلى 'جحيم'، تسبب بها 'مسلخ سري'، تذبح فيه الماشية المريضة والهزيلة، وتسلخ فيه النافقة، فيما تكمل المشهد ملوثات مزرعة أبقار وأغنام قديمة، ومصنع كيماوي، يبث مخلفاته باتجاه السكان، ليلوث سماءهم بالسموم.
بعيدا عن أعين الرقابة الصحية والبيئية والبلدية، يمارس 'المخالفون' منذ أعوام 'أفعالهم'، متجاهلين 'قرارات رسمية متكررة، صدرت بحقهم لردم بؤرة التلوث'، ما يؤثر على صحة سكان المنطقة، الذين يتجاوز عددهم ألف نسمة، بحسب شكاوى مواطنين من المنطقة.
ويقر مدير صحة البلقاء الدكتور خالد الحياري، إلى 'الغد'، بانتشار عدد محدود من المسالخ السرية في منطقة عين الباشا، يتم فيها ذبح الماشية النافقة او المريضة بالسل والجمرة الخبيثة او اليرقان، الا 'انهم يعملون في الظلام'.
غير انه في حال تلقي اي شكوى من المواطنين، فإن الفرق الرقابية تتحرك مباشرة وفي أي ساعة، بالتعاون مع الجهات الرسمية والشرطة البيئية، وفق الحياري.
ويشير الحياري إلى أنه كان تابع قضية سكان المنطقة منذ تسعينيات القرن الماضي إبان توليه منصب مدير مركز صحي عين الباشا.
ويعود انتشار المسالخ السرية في المنطقة، حسب الحياري، الى رغبة المخالفين في 'التنصل' من دفع رسوم الذبح المرخص، و'الضغط الشديد' على المسالخ المرخصة والمراقبة، لكن السبب الأهم هو 'ان ماشيتهم تكون مريضة او هزيلة'.
وحاول السكان وقف عمليات الذبح داخل المسلخ السري الصغير، الملتصق بجدار المزرعة المخالفة 'بركس'، لكنهم لم يتمكنوا من منع صاحب المسلخ 'المتنفذ' من ذلك، 'عقب حدوث مشادات كلامية معه بعد ان شاهدوا عمليات سلخ لماشية نافقة تتم فجرا'، وفقا لمزاعم سكان ابدوا حرصهم 'على صحة مستهلكي هذه اللحوم، التي توزع على مناطق في عمان وعين الباشا وصويلح، وبأسعار رخيصة'.
وبالعودة إلى العام 1995، فإن مدير مركز صحي عين الباش حينها، كان ارسل كتابا رسميا الى رئيس بلدية ابو نصير، يشرح فيه معاناة أهالي حي ابو عبيدة، مطالبا 'بترحيل الأبقار والاغنام الموجودة في المزارع، التي تتوسط منازلهم، لما ينتج عنها من حشرات وقوارض، وذلك بعد القيام بالكشف على هذا الحي، وتوجيه إنذارات خطية للمخالفين'.
وأوعز الحياري للمسؤولين، قبل 16 عاما، بضرورة التنسيق 'لايلاء هذا الحي الاهتمام، من حيث تأمين الخدمات ورش المبيدات الحشرية ومكافحة القوارض، من اجل رفع مستوى الصحة العامة للسكان'، مؤكدا 'استعداد الصحة للتعاون بحملات مشتركة للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين في هذا الحي'.
وعقب هذه المدة الطويلة من المراسلات الرسمية، دون ان يقطف السكان ثمارها، قرروا الاعتصام أمام رئاسة الوزراء ومجلس النواب لعلهم يجدون آذانا صاغية لمطالبهم.
وقال عدد من السكان، إلى 'الغد'، إن 'أطفالنا ونساءنا المرضى وشيوخنا لن يبرحوا من امام رئاسة الوزراء، الا بعد الاستماع لمطالبنا، وعلى رأسها ترحيل المزرعة المخالفة، وإغلاق المسلخ السري، الذي يباشر عمليات الذبح، ما بين 4 و5 فجراً، والتخلص من نفايات المصنع بطرق آمنة'.
وطالبوا بالإسراع بحل المشكلة البيئية الصحية، بعد ان غزى الذباب والحشرات والقوارض منازلهم، وتراكمت النفايات في شوارعهم، مقدرين جهود البلدية بتعيين عامل نظافة الأسبوع الماضي، بعد مطالبات استمرت عشرين عاما.
وكإجراء قانوني، يشير الحياري إلى أنه تم سابقا تحرير مخالفات عديدة بحق المخالفين، وتحويلهم الى المدعي العام، وترحيل مزارعهم، كما أعدمت الماشية المريضة تحسبا من بيعها للمواطنين.
ولخص الحياري ما اعتبره 'فوضى العمليات الرقابية في هذه المنطقة بالذات'، موضحا انها تعود لأسباب تنظيمية كونها 'لا تتبع لجهة معينة'، فباتت 'ضائعة بين مخيم البقعة ومنطقة ابو نصير، ما شكل ضعفا في تحديد مسؤولية الجهات الرسمية، وساعد في نمو التجاوزات التي يقع ضحيتها السكان'.
وبينما اقترح الحياري إنشاء مسلخ حديث وضخم في عين الباشا، يستوعب عمليات الذبح للحوم الحمراء والبيضاء وتخزينها ونقلها للحد من ظاهرة انتشار المسالخ غير المرخصة، تعهد رئيس بلدية عين الباشا هزيم أبو هزيم بتشكيل لجنة من الجهات المسؤولة للتحقيق في شكوى أهالي المنطقة.
وقال أبو هزيم، إلى 'الغد'، إن البلدية 'لن تسمح بأي تجاوزات قانونية'، مؤكداً انه سيتم تشكيل لجنة طارئة من البلدية والصحة والزراعة لدراسة واقع المنطقة.
ولفت إلى 'أن الكشف الدوري على مصنع المنظفات المرخص يثبت انه ملتزم بالشروط الصحية العامة'.
واتفق مدير بيئة البلقاء المهندس طلعت الدباس مع رأي ابو هزيم، قائلاً 'لم تصلنا اي شكوى من مواطنين بخصوص ملوثات المصنع'.
غير أنه أكد، إلى 'الغد'، أن هناك 'حملات تفتيشية دورية على المصانع، ولم تحرر أي مخالفة بحق هذا المصنع'.
وأبدى الدباس استعداده، وبالتنسيق مع الجهات الرسمية، للكشف على المصنع، وفي حال وجود أي مخالفة، فإنه 'سيطلب منه تصويبها، حفاظا على سلامة سكان المنطقة'.
لكن سكانا في المنطقة أكدوا أن مخلفات مصنع المنظفات البلاستيكية والسائلة 'تتراكم في ساحة قريبة من منازلهم، وان المصنع لم يخضع لأي عمليات رقابية'.
وطالبوا بضرورة التخلص من النفايات بطريقة آمنة، وإجراء صيانة دورية للمصنع، لتخفيف الروائح المنبعثة من مداخنه، والتي 'تسبب أزمات تنفسية، وربو وصداع مستمر لهم'.
الغد - حنان الكسواني