04-08-2011 09:55 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
يدرك الاسلاميون –بحكم تجربتهم السياسية- ان مشاركتهم في هذه المرحلة الانتقالية مطلوبة وضرورية وان التفكير –مجرد التفكير- باقصائهم او عزلهم عن المشهد السياسي سيترتب عليه استحقاقات غير مرغوب فيها وبالتالي فان اية وصفة «للاصلاح» تتجاوزهم او تستثني حضورهم لن يكتب لها النجاح.
معهم الحق –بالطبع- فهم –تاريخيا- جزء اصيل من المعادلة السياسية في الاردن واجندتهم الوطنية مكشوفة ولهم وزن معتبر في الشارع وقد تحالفوا مع الدولة في «ظروف» مفصيلة ودفعوا ثمن ذلك.
في السنوات الماضية اجتهد بعض المسؤولين فقرروا «اضعاف» الاسلاميين واشغالهم بأزمات داخلية انعكست سلبيا على ادائهم وراجت دعوات تحاول «التخويف منهم» وتجميد حضورهم وتفكيك مؤسساتهم وكانت «ردة» فعل الاسلاميين مفهومة اذ انكفأوا على انفسهم وآثروا الابتعاد عن الحكومات وعزفوا عن المشاركة في الحوارات الرسمية واتجهوا الى تمتين جبهتهم الداخلية واصبحت رهاناتهم على الشارع تزداد يوما بعد يوم.
في الشهور الماضية جرت بعض محاولات «لاستدعاء» الاسلاميين وارضائهم لكن بقي منطق التعامل معهم دائما على اساس «الطلب» وقت الحاجة او تجديد التحالف وفق شروط تجاوزها الزمن مما دفعهم الى رفضها لا لانهم «غيروا» جلدهم او انقلبوا على تاريخهم وانما لمعرفتهم كما يقولون بعدم وجود «مناخات» صالحة للحوار او ضمانات كافية لتحقيق ما يطالبون به من اصلاح او اعتراف رسمي بهم «كشركاء» لا مجرد اتباع لتمرير المقررات الجاهزة او الاجزاء التي لا تحظى بقبول الناس.
اعادة الاسلاميين الى «طاولة» الحوار ليست صعبة ولا مستحيلة فهم –ذاتيا- من المؤمنين بالحوار وهم –موضوعيا- لهم مصلحة في الحوار لكن ليس بالطبع اي حوار، ومن يتابع تفاصيل المشهد السياسي في بلادنا منذ سبعة شهور على الاقل يدرك ان موقف الاسلاميين من الحوار المطروح كان صحيحا وان تحفظاتهم كانت محسوبة بدقة، كما ان ممارستهم كشفت مدى «العقلانية» والاستقرائية التي ميزتهم منذ ان اشتغلوا بالهم العام.
لا ندافع عن الاسلاميين ولكننا بدافع –الانصاف اولا- والرغبة في تجاوز ازماتنا الداخلية واعتماد المصلحة العامة والمسؤولية التي يفترض ان يتحملها الجميع نعتقد بان «ادماج» الاسلاميين في واقعنا السياسي والاجتماعي اصبح ضرورة ملحة وبان اعادة الاعتبار لهم والرجوع عن المواقف التي «سممت» اجواء الحوار معهم والتعامل معهم بمنطق «الشراكة» لا الاقصاء او التجريح او «الشيطنة» هو البديل الحقيقي لاقناعهم بالدخول في حوارات جدية ومثمرة تفضي الى مصالحات وتفاهمات «لا غالب فيها ولا مغلوب» وبذلك تضمن توافقا وطنيا يجنبنا «صداع» الاحتكام الى الشارع، او اشتباكات الخصومة الوهمية وما تفرزه من تقسيمات على مستوى الملة الوطنية او الدينية هذه التي اورثتنا ما نعانيه من تراجعات في كل الميادين.
الطريق الى «المصالحة» مع الاسلاميين ليست خطرة ولا وعرة ولكنها معبدة للوصول الى الاصلاح الحقيقي اذا كان ذلك هو الهدف اما اذا تصورنا بان شيطنة الاسلاميين ستعفينا من واجب اغتنام «الفرصة» المتاحة لولادة الاردن الجديد فانن سنخطىء كثيرا لان «اسكات» الاسلاميين او غيرهم من النخب لن يدفع الناس الذين يطالبون بالاصلاح الى الصمت .. على العكس من ذلك تماما فوجود الاسلاميين في واجهة الحراك السياسي والاجتماعي هو ضمانة لضبط الايقاع العام وتصريف المطالب المشروعة للشعب وبالتالي فان الفراغ الذي سينشأ بغيابهم سيملؤه اخرون قد يصعب التفاهم معهم.