07-08-2011 11:00 PM
كل الاردن -
أعلن العاهل السعودي، استدعاء سفير بلاده في دمشق، قائلاً إن ما يجري في سوريا "لا تقبل به المملكة، فالحدث أكبر من أن تبرره الأسباب،" ووضع الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن تختار بإرادتها الحكمة، أو أن تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياع،" داعياً إلى ضرورة وقف ما وصفها بـ"آلة القتل."
وجاء في الكلمة التي وجهها الملك عبدالله إلى "أشقائه في سوريا" وعرضها التلفزيون الرسمي في وقت متأخر الأحد: "إن تداعيات الأحداث التي تمر بها الشقيقة سوريا، والتي نتج عنها تساقط أعداد كبيرة من الشهداء، الذين أريقت دماؤهم، وأعداد أخرى من الجرحى والمصابين ، ويعلم الجميع أن كل عاقل عربي ومسلم أو غيرهم يدرك أن ذلك ليس من الدين ، ولا من القيم ، والأخلاق."
وقال إن ما يحدث في سوريا "لا تقبل به المملكة العربية السعودية، فالحدث أكبر من أن تبرره الأسباب، بل يمكن للقيادة السورية تفعيل إصلاحات شاملة سريعة، فمستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما ، إما أن تختار بإرادتها الحكمة ، أو أن تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياع، لا سمح الله."
وذكر الملك عبدالله سوريا بأنها "تعلم مواقف المملكة العربية السعودية معها في الماضي،" وأضاف قائلاً: "اليوم تقف المملكة العربية السعودية تجاه مسؤوليتها التاريخية نحو أشقائها، مطالبة بإيقاف آلة القتل، وإراقة الدماء، وتحكيم العقل قبل فوات الآوان. وطرح وتفعيل إصلاحات لا تغلفها الوعود بل يحققها الواقع، ليستشعرها أخوتنا المواطنون في سوريا في حياتهم ... كرامةً .. وعزةً .. وكبرياء."
وختم العاهل السعودية كلمته بالقول: "وفي هذا الصدد تعلن المملكة العربية السعودية استدعاء سفيرها للتشاور حول الأحداث الجارية هناك."
يشار إلى أن السعودية لم تدل بمواقف رسمية طوال الفترة الماضية حيال الأوضاع في سوريا، وكانت العلاقات بين الرياض ودمشق قد مرت بتقلبات كثيرة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، عام 2005، ووصل الأمر بينهما إلى حد القطيعة بعد تصريحات قاسية صدرت عن مسؤولين سوريين
لكن العاهل السعودي عاد لوضع أسس التواصل مع سوريا قبل عامين، بعد أن قاد حملة مصالحة عربية، غير أن التطورات في المنطقة والمواقف المختلفة حيال الكثير من الملفات أعادت البرودة إلى العلاقات، خاصة وأن دمشق عمدت إلى تعزيز تحالفها السياسي مع إيران.
ويأتي الموقف السعودي بعد ساعات من موقف بارز صدر عن الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، الذي دعا السلطات السورية إلى "الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والحملات الأمنية،" معرباً عن "قلقه المتزايد وانزعاجه الشديد" من تدهور الأوضاع الدائرة في حماة ودير الزور ومختلف أنحاء البلاد، في أول موقف له من هذا النوع بعد الانتقادات التي رافقت زيارته الأخيرة إلى دمشق.
وقال العربي إن ما يجري في سوريا أدى إلى "سقوط العشرات من الضحايا المدنيين وتدمير العديد من المنشآت العامة والخاصة،" ولكنه رأى في الوقت عينه أن الفرصة "مازالت سانحة" لإنجاز الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس بشار الأسد استجابة لطموحات الشعب السوري ومطالبه المشروعة في الحرية والتغيير."
واعتبر العربي أن على سوريا وقف العنف والحملات الأمنية "حفاظاً على الوحدة الوطنية.. ودرءا للتدخلات الخارجية المغرضة."
وحض العربي كافة الأطراف على تهيئة الأجواء لحوار وطني شامل "يضمن الانتقال السلمي إلى مرحلة من الاستقرار تتيح تنفيذ برنامج الاصلاحات السياسية."
وحذر من ما وصفه بـ"الانزلاق نحو سيناريوهات الفتنة الطائقة والفوضى في سوريا،" وطالب دمشق بتشكيل لجنة قضائية محايدة للتحقيق في أعمال العنف و"الانتهاكات المرتكبة ضد حقوق الإنسان."
وكان العربي قد زار سوريا قبل أسابيع، حيث أدلى منها بمواقف رافضة لما وصفه بـ"التدخل الأجنبي،" كما أعرب عن ارتياحه لبرنامج الرئيس الأسد الإصلاحي الذي كانت المعارضة قد رفضته وشككت بمصداقيته في ظل استمرار العمليات الأمنية.
ويأتي موقف العربي وسط تزايد للضغط الدولي على سوريا، إذ بعد البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن، والذي أدان العنف في البلاد، صدرت مواقف لافتة من الكويت ومجلس التعاون الخليجي وروسيا، ما زاد من العزلة السياسية للنظام في دمشق، الذي صعّد عملياته العسكرية ضد عدد من المدن.
وكان لرئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، موقف ملفت السبت، قال فيه إن صبر تركيا "نفد" إزاء استمرار نظام الأسد "بقمعه الدموي للمتظاهرين،" وشدد على أن بلاده "لا يمكنها أن تبقى تتفرج على أعمال العنف الجارية في بلد تجمعها به حدود طولها 850 كلم وروابط تاريخية وثقافية وعائلية."
وأكد أردوغان أن وزير خارجيته، أحمد داود أوغلو، سيتوجه إلى دمشق الثلاثاء لينقل إليها "رسائل حازمة"، وشد على أن بلاده "لا نعتبر المشاكل في سوريا مسألة سياسة خارجية بل مسألة داخلية،" مضيفا: "علينا الاستماع إلى الأصوات الآتية من هناك، ونحن نستمع إليها ونفعل اللازم."
من جانبها، ردت بثينة شعبان، المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية بالقول: "إذا كان وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو قادماً إلى سورية لينقل رسالة حازمة فإنه سيسمع كلاماً أكثر حزماً بالنسبة للموقف التركي الذي لم يدن حتى الآن جرائم القتل الوحشية التي ارتكبتها الجماعات الإرهابية المسلحة."
وقالت شعبان إنه إذا كانت الحكومة التركية لا تعتبر موضوع سوريا مسألة خارجية نتيجة روابط القربى والتاريخ والثقافة فإن سوريا "قد رحبت دائماً بالتشاور مع الأصدقاء ولكنها رفضت رفضاً قاطعاً طوال تاريخها محاولات التدخل بشؤونها الداخلية من أي قوى إقليمية أو دولية كانت" وفقاً لوكالة الأنباء السورية.
(سي ان ان){jcomments off}