08-08-2011 10:22 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
ما اخر اخبار الفساد؟ لا جديد بالطبع، وحدهم «الشباب» الذين يخرجون الى الشارع في كل جمعة ما زالوا يذكروننا بهذا «الشبح» الذي لم نتعرف بعد على هويته وملامحه، لكن بالمناسبة هل صحيح ان لدينا فساد؟ اذا لم تخني الذاكرة –وما اكثر ما تخونني- سمعت قبل شهور ان عشرات «الملفات» احيلت الى «الهيئة» وحين سئل مديرها وعد آنذاك بان «عشرة» منها سيجري الكشف عنها قريبا.. لم يحدث ذلك حتى الآن، ربما يكون التأخير لغايات «الترجمة» لان بعض العقود والاوراق كانت باللغة الانجليزية ربما تبين ان كلام السيد رئيس الوزراء عن «الفساد الانطباعي» صحيح وبالتالي فاننا استغرقنا كثيرا في انطباعاتنا هذه التي لا علاقة لها بالحقيقة لانها انطباعات مغشوشة على ما تبدو.
هل نعتذر لكل الذين «اشتبهنا» بفسادهم؟ لا ادري ولكن ثمة مشروع قانون جديد «يجرّم» كل من يعاني من «انطباع» غير صحيح عن الفساد ويتجرأ باشهاره مع ان بعض الدول التي «ابتليت» بالديمقراطية تحقق في كل شبه فساد، وتحاسب كل من تظهر عليه علامات «ثراء» مفاجىء لتعرف فيما اذا كانت امواله مشروعة ام لا، لكن –للاسف- نحن نريد من المواطن ان يتولى هذه المهمة وان يقدم المعلومات الكاملة عن كل «حالة» فساد بالارقام والحيثيات والقرائن والا فانه سيحاكم بتهمة «قذف» المحصنين والاساءة «للذوات» المحترمة.
حين يتابع المواطن مشاهد «القفص» الذي جلس فيه بعض «الفاسدين» في مصر مثلا يتمنى لو شربت حكوماتنا حليب السباع واستلهمت الفكرة ثم اودعت بعض رؤوس الفساد فيه ليقفوا امام محكمة عادلة تقول كلمتها «الفصل» فيما اذا الفساد حقيقي ام انطباعي.. مجرد «شبهات» غير مؤكدة ام انها وقائع مؤكدة بالادلة والبراهين والقرائن؟
حتى الآن، كما قال لي احد الشباب في قرية نائية بالجنوب «الفساد بخير» لا يستطيع احد ان يعكر صفوه ولا ان يقض مضجعه وحين سألته مازحا: وهل كان «الفساد» يعاني من وعكة صحية؟ قال لي: ربما ولكنه تعافى وربما دمنا ما يحب ليستكمل عافيته خارج الوطن... فنحن كما تعرف حريصون على حقوق الانسان والفاسدون من جملة هؤلاء «الاناسي» الذين يفترض ان نحترم حقوقهم.
فهمت بالطبع اشارة الشاب كما فهمت احساسه «بالقهر» من ترددنا وتباطؤنا في فتح ملفات الفساد واغلاقها بالمحاكمة العادلة، قلت: هل يعقل ان تمضي كل هذه الشهور دون ان نفلح في «القبض» على عشرة فاسدين مثلا لندفعهم الى القفص ونطمئن الناس بأننا جادون حقا في مواجهة الفساد الذي اصحبت رائحته تزكم الانوف.
قلت ايضا: هل عجزت اجهزتنا المشهود لها بالكفاءة في معرفة كل شيء ان «تقبض» على هؤلاء الحيتان الذين نهبوا اموالنا وسمموا حياتنا واحتشدوا لمواجهة اي صوت يدعو الى الاصلاح لان هذا الصوت وان كان خافتا سيكشف للناس ما ارتكبوه من «اخطاء» بحق البلد ومستقبله.
كل ما يريده الاردني الذي ينتظر «بركان» الاصلاح ان يعرف: هل يوجد لدينا «فاسدون» كبار ام لا؟ واذا كان الجواب نعم، كما تشير التصريحات التي سمعناها منذ شهور وكما تشير عشرات «الملفات» التي احيلت الى «الهيئة» فلماذا لم نسمع عن اخبار جديدة؟ ولماذا لم نر «رؤوسا» وراء القضبان، ولماذا نحرم قضاءنا العادل من «البت» في هذه القضايا.
نريد ان نسمع من مدير هيئة مكافحة الفساد عن اي جديد ونريد ان نسمع صدى «لمطالب» الناس التي تنطلق في كل محافظاتنا وتطالب «بمحاسبة» الفاسدين، اذ لا يجوز ان نصم آذاننا عن سماع هذه الصرخات الشعبية فيما الشاشات تتدافع لتقديم صور «القفص» الذي يودع فيه الفاسدون في بلدان اصر فيها الناس ان «يعرفوا» الحقيقة وان يحاسبوا بنزاهة وبلا شماتة كل من خطف لقمة اطفالهم او «اثرى» على حساب فقرهم وجوعهم وبؤسهم ايضا.
افضل هدية للاردنيين في «العيد» هي رؤية «رؤوس» فساد كبيرة تقف وراء قضبان محكمة.. فهل تفعلها الحكومة؟ نتمنى ذلك.