09-08-2011 09:29 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
لم يعد أحد يصدق رواية «العصابات» الخارجة على القانون التي يتذرع بها النظام السوري لاقتحام المدن بالدبابات، وابادة المدنيين اللذين خرجوا للمطالبة بالحرية والكرامة.
الآن نكتشف بعد اكثر من خمسة شهور مارس فيها النظام السوري أبشع انواع القتل والاعتقال أننا امام «ثورة» سلمية حقيقية، وهو – بالطبع – اكتشاف مخجل ومتأخر، لكنه يكفي للخروج من دائرة التواطؤ والصمت والتفرج التي ظل الموقف العربي (والدولي ايضاً) أسيراً فيها، لحسابات ومصالح متشابكة، دفع ثمنها السوريون الابرياء من دمهم وأمنهم ما لم يدفعه أي شعب آخر، ويكفي – ايضاً – لاتخاذ ما يلزم من مواقف حاسمة تجاه «المذبحة» التي يبدو انها لن تتوقف ما لم يتحرك العرب و الرأي العام الدولي لردع آلة «الذبح» التي انتهكت كل الشرائع الانسانية.
الكلام الذي سمعناه من أمين عام جامعة الدول العربية لا يعبر عن حقيقة ما يحدث في سوريا، ولا عن ضمير «الشعوب» العربية التي نهضت في هذا الربيع العربي للمطالبة بحقوقها، والانتصار لكرامتها، كما ان التصريحات التي صدرت عن بعض العواصم العربي تبدو ايضا متواضعة وخجولة مقارنة بالموقف التركي مثلا الذي يحاول ان يملأ هذا «الفراغ» السياسي الذي تعاني منه بعض الحكومات العربية التي تخشى من انتقال عدوى «الثورة» اليها، او تربط مواقفها «بالقرارات» الغربية او تعتمد حسابات لا تقيم وزناً لحجم الكارثة التي يتعرض لها الشعب السوري الأعزل.
ما يحدث في سوريا تجاوز حدود «الصبر» على نظام راهن البعض عليه في السير نحو الاصلاح، وتجاوز حدود «الاحتمال» السياسي تحت أية ذريعة لأنه لانه يرقى الى ارتكاب جرائم ضد الانسانية، واذا كان ثمة من يرى فيما يحدث من مجازر شأناً داخلياً، او مواجهة ضد «خارجين» على القانون او مؤامرة ضد الدولة السورية فان الصور والاخبار والروايات التي تتسرب عبر الانترنت وشهود العيان والمؤسسات الدولية تؤكد عكس ذلك تماماً، كما ان الآلاف الذين يخرجون في شوارع معظم المدن السورية بشكل يومي، والضحايا الذين يسقطون بالالاف على يد اجهزة الامن، وحالة الزخم المتصاعد للاحتجاج والمطالبة باسقاط النظام، تشكل ادلة دامغة على اننا امام «ثورة» شعبية تتقدم بوعي واصرار لانتزاع حقوق الناس، ومواجهة آلة القتل بالصدور العارية.
لا نريد ان يكتب التاريخ اننا خذلنا اخواننا السوريين، او اننا بصمتنا تواطأنا عليهم وشاركنا بقتلهم، ولا يجوز ان نترك «الميدان» لفلول المثقفين المنحازين «لنرجسيتهم» ومصالحهم وحساباتهم العمياء لكي «يضللوا» الرأي العام بأن ما يحدث في سوريا مؤامرة ضد «الممانعة» او حرب على «نظام» قاوم الاحتلال، هذه الذرائع سقطت في بحر «الدم» الذي سال من صدور السوريين الابرياء، وهذه «المقاولات» لا قيمة لها امام «ثورة» شعبية ما تزال «يتيمة» لم تجد من يساندها، ولا – حتى – من يتدخل في تفاصيلها.
اسوأ خطأ يرتكبه العرب ان يبقوا «متفرجين» او شهوداً على مذابح تتكرر يومياً بحق ابرياء، لا ذنب لهم سوى انهم طالبوا بحقوقهم وحرياتهم وكراماتهم، وأسوأ موقف يمكن ان تتخذه العواصم العربية هو «الحياد» او «الصمت» تجاه سياسات عمياء لا تقيم وزناً للشعب الذي اراد ان يقرر مصيره سلمياً فأطبقت عليه الدبابات وطارده الشبيحة وحرم من ايصال «صوته» وتواطأ عليه القريب والبعيد.
ندعو الرأي العام العربي، والمثقف والسياسي العربي، ان يتحرروا من صمتهم «وقلقهم» المغشوش، وان يتحركوا انتصاراً «لممانعة» الشعب السوري وثورته، وانحيازاً لدمائه وشهدائه، ودفاعاً عن حقه في الحياة.. وفي الكرامة.
rashad.ad@hotmail.com