10-08-2011 08:49 AM
كل الاردن -
جمانة غنيمات
في بلدي يُتهم الإصلاحي بالخيانة والمعارضة ويُطعن في مواطنته، ليس لشيء إلا لأنه طالب بتغيير وإزالة التشوهات التي كُرست على مدى عقود طويلة، ويدعو لتغيير يوقف كل أشكال انتهاك حقوق الإنسان الاقتصادية والسياسية.
وفي بلدي تطلع الشمس كل يوم على تكذيب لأخبار الصحف التي تكشف المسؤولين وتعري روايتهم، ليس لشيء إلا لأن عقلهم العرفي ما يزال يرفض كشف فضائحهم وضعفهم وعدم اكتراثهم بمصالح المواطن.
وفي بلدي نوايا مبيتة لقتل الحريات وقمع أصحابها وتقييد أفكارهم والحجر عليها بحجة الحفاظ على المصلحة العامة التي نصبوا أنفسهم أوصياء عليها.
وفيها أيضا فساد 'يجعل الولدان شيبا' زاد وتضخم لدرجة بات يضاهي في كبره هموم المواطن، وترى أيضا فاسدين جالسين في أبراج عاجية عالية يستمتعون بفسادهم وحرامهم بدون ضمير يحاسب أو قانون يعاقب.
في بلدي تبحث عن الفاسد فتجده متنعما بفساده ومستمتعا بأموال الفقراء التي نهبها بدون ضمير، لتكتشف انه يفتقد لأدنى درجات الحس الإنساني والشعور بالغير.
في بلدي واسطة تقتل تساوي الفرص وتغّيب العدالة، وفيها محاكم خاصة تضعف القضاء المدني الذي يعد أساس العدل والتطور.
في بلدي يجوع الآلاف ويزداد الفقير فقرا والغني غنى، ويجلس الشباب المتعطلون على المقاهي يندبون حظهم العاثر ويتمردون على وطن لم يعطهم الفرصة لينتجوا ويبنوا بلدهم.
في بلدي جرائم شرف ضد امرأة، تعنف، وتقتل، وتعاني الأمرين من التمييز الجائر لأنها سيدة، ويعذب الطفل وتنتهك طفولته التي ينساها بمجرد دخول سوق العمل ليعمل في مهن حقيرة.
ولدينا مسؤولون يكذبون لأن آخر همهم ليس المواطن الغلبان الذي كان يوما أمانة في أعناقهم، وتجد المسؤول يزوّر ويخدع ويبالغ وينافق على حساب المستضعفين من أبناء وطنه الذين ما فتئوا ينشدون الأمل بتغير الحال بأحسن منها.
في بلدي تُغتال النخبة الصالحة وتخبأ وراء المجهول ليجري توليد 'نخب' بعيدة عن الناس ولا تعبأ بالهم العام ولا تملك القدرة على حمل هموم البلد والسير به لطريق آمن يجنبه مخاطر خفية.
في بلدي ما يزال حيتان السوق يسرقون قوت المواطن الغلبان، ويستلذون بتعذيبه في سبيل الحصول على لقمة عيشه المغمسة بالذل والقهر على أطفال جلبهم ولم يعد واثقا من قدرته على الحفاظ عليهم.
في بلدي ينهش الضبع جسد الطفل الرضيع النائم في الخلاء، في بلدي تقتل المرأة من اجل قضية ارث بذريعة الشرف، في بلدي تجد النساء مقهورات على تمييز يفتقد لأدنى درجات الإنسانية.
في بلدي أخشى على أطفالي من زمان سيأتي لا اعرف ما سيخبئ لهم وسط حالة الفوضى وغياب تطبيق القانون والمؤسسات التي تحكم كل شيء وتلجم كل مخطئ. .. هل تذكرون الطفل ورد؟!