18-08-2011 12:19 AM
كل الاردن -
ناهض حتر
' التجمع الشعبي للإصلاح' منبر تابع للإخوان المسلمين, أو أنهم, أقله, يشكّلون محوره الأساسي. وبخلاف الموقف الإخواني الرسمي الذي تعامل مع اقتراحات اللجنة الملكية لتعديل الدستور, بروح نقدية إيجابية, فإن التجمع المذكور, أصدر بيانا صارما رفض فيه التعديلات الدستورية المطروحة من حيث المبدأ, معتبرا أنها صادرة عن جهة غير ذات صفة.
ويكشف البيان, التكتيك الذكي الذي يتبعه الإخوان في هذه المرحلة المضطربة. فبينما تعبّر منابرهم الرسمية عن نزعة إصلاحية معتدلة, ويشاركون بقوة في ' الجبهة الوطنية للإصلاح' الأكثر جذرية برئاسة أحمد عبيدات, فإنهم يعبرون عن موقف متطرف من خلال ' التجمع الشعبي', ومن خلال عشرات اللجان التي ألفتها فروعهم بمسميات شتى. ويمكّن هذا التكتيك, الإخوان, من التفاهم مع الدولة منفردين, أو الحصول على موقع مميز في حالة نجاح جبهة عبيدات في تحقيق إنجاز سياسي, او قيادة التغيير إذا واتت الظروف عبر ' التجمع'. وتمثّل هذه المرونة التكتيكية, رؤية جدلية ليست موجودة لدى أهل الجدل من اليسار.
بيان ' التجمع الشعبي' المنشور في موقع ' خبر جو' ينطوي على تصعيد سياسي غير مسبوق, بل إنه يحدد الأول من أيلول المقبل لتحرك حاسم, من أجل فرض الأجندة الآتية:
¯ خطاب ملكي يعلن القبول غير المشروط بالملكية الدستورية,
¯ وقف العمل بالدستور الحالي وحل الهيئات الدستورية ( النواب والأعيان والحكومة)
¯ تشكيل جمعية وطنية تمثل ' قوى الإصلاح', تنبثق عنها حكومة مؤقتة تتولى السلطات وإصدار قانون انتخابات يكفل تمثيل ' المحافظات ' و' الفلسطينيين' و' تجريم التزوير'.
¯ تجري الحكومة المؤقتة, انتخابات عامة ينبثق عنها مجلس نيابي وحكومة أغلبية. ويقر المجلس المنتخب, دستورا جديدا للبلاد.
في تحديد التاريخ للبدء في تحقيق هذه الأجندة الثورية, ثقة زائدة بالنفس, ربما تكون صادرة عن رغبة في التهويل لتحقيق صفقة أو أنها تستند إلى معلومات حول تغيير سياسي في سورية قبل نهاية الشهر الحالي.لكنها تظل, في الحالتين, ثقة غير مبررة بالنظر إلى فشل الإخوان في التحشيد الجدي سابقا لميدان مفتوح, كما بالنظر إلى الإنشقاق العميق الحاصل في الحراك الشعبي بين التيار الإخواني والتيار الوطني الاجتماعي والقومي واليساري. كذلك, فإن واضعي الجدول الزمني والخطة, يتجاهلون موازين القوى الداخلية, ويتوهمون بأن العامل الدولي قد يحيّد المؤسسة العسكرية إزاء مشروع يريد تغيير بنية الدولة الأردنية, وهويتها.
تقترح أجندة ' التجمع', نقل السلطات إلى جمعية غير منتخبة, تشكّلها ' قوى الإصلاح'. فمَن الذي يحدد هذه القوى? ومَن يحدد حصصها في الجمعية, وفي الحكومة المؤقتة? لا توجد, في الأجندة المذكورة, معايير ولا آلية ديموقراطية كالتفويض الشعبي للمندوبين مثلا ولا تحديد للقوى المسموح لها بالمشاركة في الجمعية العتيدة. وهكذا, فإن ' التجمع' هو الذي سيشكّل الجمعية الوطنية والحكومة المؤقتة ويشرف على الانتخابات العامة, بمعنى آخر, أن المطلوب هو نقل السلطات إلى ' التجمع' أو, بالأحرى, إلى الإخوان المسلمين. وهكذا, فإن ' التجمع' يعدنا بالإنتقال من دولة نصف ديموقراطية إلى دكتاتورية الحزب الواحد.
موعدنا في الفاتح من أيلول, وتحويل صلاة العيد إلى اعتصام مفتوح لتحقيق أجندة ' التجمّع'. وتقول التقديرات إن الإخوان بإمكانهم تحشيد ما بين 20 الفا و25 ألفا لهذا الاعتصام. وفي رأيي أن حشد هذا العدد في عمان سيكون واقعيا إذا تحقق شرطان, أولهما سقوط النظام السوري, وثانيهما القدرة على إقناع جماهير المخيمات بالمشاركة. وإذا لم يتحقق هذان الشرطان, فإن الحشد الممكن سيكون في حدود 2000 إلى .3000 وهو حشد لا يكفي لتحقيق أجندة ثورية.
من المعروف أن قوى الحراك الوطني الاجتماعي والقوى العشائرية واليسارية والقومية, بل وفئات من شباب الإخوان في المحافظات, ليس في واردها أن تشارك مع ' التجمع الشعبي', في أجندة 1 أيلول. فالأجندة, بذلك, تفتقر إلى الإجماع الوطني. وهي تمثّل مغامرة تيار يريد القفز إلى السلطة, لا حركة شعب نحو التغيير الديموقراطي.
ynoon1@yahoo.com