أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الدراسات العليا.. إشكاليات الإعداد..وصعوبات التكوين

20-08-2011 09:08 AM
كل الاردن -



نايف عبوش 

  يثير موضوع الصعوبات، التي تواجه الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في البلدان العربية، في موضوعة صنع الكفاءات العلمية الوطنية العالية، اهتمام الدارسين والمعنيين بهذا الأمر.وتحظى تحديات الإعداد في الدراسات العليا، وإشكاليات التخريج بموجب المعايير والمتطلبات الأكاديمية الرصينة،إزاء مسألة ضرورة الحاجة إليهم، في عملية التنمية الوطنية،مسالة في غاية الأهمية،لاسيما في غياب إستراتيجية واضحة، لاستيعاب كل هذه التناقضات.

 وابتداء لابد من القول، بان عملية خلق الكفاءات الوطنية،من حملة الشهادات العليا، لابد لها، من أن تؤطر بتصور تنموي، يرتكز على تصور أكاديمي ،برؤية سياسية  تأخذ بنظر الاعتبار، البعد الأكاديمي والبعد التنموي بشكل متوازي،عندما تلج هذا المجال الاستراتيجي، في التعاطي مع قضية العلم والتكنولوجيا،ومخرجاتهما كأداة لولوج الجانب التطبيقي في الحياة العملية، بعد التخرج من الدراسات العليا،الأمر الذي يستلزم،أن نأخذ بنظر الاعتبار،تعظيم  المخرجات من الكفاءات الوطنية،تخطيطا وتنفيذا،بأعلى درجا ت الرصانة الأكاديمية، المتوافقة مع الحاجات التنموية،وذلك بالتركيز على الإبداع،والأصالة في مواضيع أطروحات الماجستير والدكتوراه، وتفادي التعقيب والتكرار، إلا في حالة تعميق المتراكم، من معارف التوطين للعلوم والتقنيات المستوردة.وذلك لتفادي تخريج طاقات لا مكان لها في سوق العمل.  

 إن إستراتيجية التعامل، مع العلوم والتكنولوجيات، وتكوين المهارات، والكفاءات اللازمة، للتعامل معها، وإدارتها، في البلدان العربية،بقدر تعلق الأمر بمخرجات الدراسات العليا، من الماجستير والدكتوراه ، ينبغي أن تتم بتصور مركزي، بسبب فجوة التخلف بينها، وبين البلدان المتقدمة، المصدرة للعلم والتكنولوجيا.ومن هنا، فلابد للجهة التي ستأخذ على عاتقها، التصدي لهذه المهمة الإستراتيجية، أن تأخذ الأمور التالية، بنظر الاعتبار:

 * الابتعاد عن طريق التعقيب والاستنساخ،والتكرار،عند اختيار مواضيع الاختصاص الدقيق للرسائل العلمية، بسبب قيام الحاجة الوطنية للإبداع، لردم وتجسير فجوة التخلف،وعدم التهاون مع أسلوب إعداد الاطاريح بطريقة (انسخ والصقالشائعة هذه الأيام،أو بصيغة شراء الرسالة بالمال من مكاتب تجارية تمتهن هذه التجارة المربحة،عند ضعاف النفوس،مما يتناقض مع مبدأ الأمانة العلمية المقدس.

* حث طلبة الدراسات العليا على تكييف وتوطين،ما يمكن، من حلقات العلوم والتكنولوجيا،بما يتلاءم مع الواقع الوطني، عند اختيار مواضيع الاطاريح،وعدم الاقتصار،على مجرد مواضيع التلقي الأكاديمي فقط، لغرض الحصول على الشهادة العلمية للمباهاة.  

 * الانتباه إلى مسألة، إعداد الكادر الوطني المؤهل من طلاب الماجستير والدكتوراه، بالتزامن مع ولوج عملية التصنيع، عند المباشرة في عملية إعداد طلبة الدراسات   العليا،بشقيها الأكاديمي والتقني.

 * تقبل فكرة النفقات الضائعة في التعليم العالي، في تكوين الكفاءات والأطر العلمية،بالقنوات المختلفة،بغض النظر،عن كون مخرجات الدراسات العليا،منتجات غير ملموسة، وذات أمد بعيد في تفريخ العائد. وذلك لأن التنمية العلمية،ينبغي أن تتزامن مع التنمية الصناعية ، بهدف النهوض، بالواقع العلمي والصناعي للبلد ، والارتقاء بالموجود من واقعٍ الحال، إلى واقع حال مستهدف أفضل،مما يتطلب الأمر معه أن تتم التنمية بأسلوب تكاملي، لردم فجوة التخلف، باختزال الزمن، مما يستلزم، اعتماد مبدأ المباشرة بعملية تكوين المهارات الفنية، والكفاءات العلمية، في كل الاختصاصات، بشكل متوازي، مع لحظة المباشرة بالتصنيع.وذلك لغرض التمكن،من ضخ الكفاءات، والكوادر الوطنية اللازمة، لإدارة عملية التنمية، بمساراتها الأكاديمية، والتكنولوجية، والاجتماعية، والاقتصادية، بأعلى مستوى ممكن من الكفاءة والاقتدار. وبذلك نتمكن من تكوين تراكم خبرة متكامل، من الكفاءات الأكاديمية والعملية معا، وباختصاصات مختلفة،تتيح لنا إمكانية تشكيل القاعدة الصناعية والاقتصادية بشكل فعال، بقدرات وطاقات وطنية صرفة، مستوعبة العلوم والتكنولوجيات المتطورة بكفاءة عالية.

*ثم أن على الجهة المعنية بصنع الأطر والكفاءات العلمية، أن لا تغفل مستوى المتحقق من التراكم العلمي والصناعي، وبالتالي فان عليها أن تعمل على حفز الإبداع،لدى طلاب الدراسات العليا للماجستير والدكتوراه، عند الوصول إلى هذه المرحلة،وان لاتكتفي بمستوى الاستيعاب الأكاديمي للعلوم،بل تتجاوز ذلك الحد، إلى مجال التطويع والتأصيل،وذلك بتقرير ما يمكن من المجالات في حزمة العلوم والتكنولوجيا ، التي ترى أن توجه إليها طلاب الدراسات العليا للبحث والتطوير،في رسائلهم العلمية،بما يقود بالمحصلة، إلى أقلمة عناصر كثيرة منها،وربما تأصيلها، وبموثوقية عالية،تعتمد البديل الوطني لتلبية الحاجة، كلما أمكن ذلك،في محاولة جادة، للاقتراب بالحال، في يوم ما، من مرحلة الاكتفاء الذاتي، في الكثير من المجالات الأكاديمية و الصناعية،مدخلات ومخرجات.  

ولا بد من الإشارة، إلى أن فلسفة الترابط الأمامي والخلفي، بين الجامعات، ومراكز البحث العلمي، والقطاعات الصناعية،عند إعداد الكفاءات العلمية من حملة الماجستير والدكتوراه، ينبغي أن تتم في إطار عملية التنمية الشاملة،وليست حالة معزولة عنها،بحيث يجب أن تكون احد المعايير الصارمة، في مجال تقييم مشروعات تكوين المهارات والكفاءات، كالجامعات،والمعاهد، ومراكز البحوث،من حيث تناولها لمشاكل التنمية بالبحث في اطاريح الدراسات العليا، وتحديد جدوى الاستثمار، بما يساعد، في توليد بيئة (علمية_ صناعيةمتكاملة الحلقات، ومترابطة الوفورات، بحيث يتوارى الضياع، في استخدام الموارد والاستثمارات، إلى درجة كبيرة، في الكثير من المراكز العلمية، و الصناعات المتشابكة معها، وخاصة تلك التي لا تقبل منها فكرة النفقات الضائعة، بالمقاييس الاقتصادية المجردة،وتجسيد هذا المبدأ في  سياسة تكوين الكفاءات العليا،بحيث لابد من الالتفات، إلى مبدأ ربط الجامعة بالمجتمع باعتماد سياسة التعشيق بين الجامعة، ومراكزها الاستشارية،وبين القطاع الصناعي، كامتدادات معرفة أمامية، لرفد الصناعة الوطنية بالكفاءات العلمية،وتغذيتها في نفس الوقت، بالمعطيات، والمؤشرات العلمية والتكنولوجية،والمساهمة بطرح الحلول، لمشاكل التصنيع، في إطار عقدي تكاملي،يستقطب أطرا ونخبا، من الخبرات، التي تحتاجها تلك المرافق،مما يساعد في عملية استيعاب مخرجات الدراسات العليا من الجامعات،ويحد بالتالي من صعوبات تكوين الكفاءات العلمية، والأطر الفنية،التي قد تتهيب من بطالة مجهولة.مما يجعلها تفكر جديا بالهجرة إلى الخارج، سواء بسبب عدم توفر بيئة محلية حاضنة، أو بسبب الإغراءات، وسياسات الاصطياد.

 أن المطلوب الآن، من الجامعات، في البلدان العربية، وفي إطار، الشعور بالحاجة الحقيقية، لتكوين الكفاءات، والخبرات الوطنية،أن تفتح أبوابها، للكفاءات العربية،على مصراعيها، وان تحد من، استقدام بدائل أجنبية لها، باعتبار الكفاءة العربية، رأسمالا عربيا،وثروة قومية، بغض النظر، عن أي اعتبارات سياسية، وبالتالي، فانه يجب العمل على استقطابها،وإعطائها الأولوية في التعاقدات، واحتضانها، وفق آليات استيعاب ملائمة، حتى لو تم ذلك، خارج سياقات الملاك، بالاستفادة من خبرتهم، كاستشاريين،أو باحثين،إذا استعصى أمر استخدامهم كتدريسيين، لأي سبب كان، للمحافظة على فلسفة تكوين الكفاءات العالية،وتهيئة المناخ المناسب،لاستيعابها وضمان مستقبلها،ومن ثم الحفاظ عليها من الضياع والتسرب،وبذلك تساهم جديا في الحد من إشكالات التكوين والتسرب معا.

____________________

 

*ماجستير في العلوم الاقتصادية.

_المدير التجاري الأسبق للشركة العامة لكبريت المشراق-العراق.

_عضو جمعية الاقتصاديين العراقيين.

_عضو اللجنة الاقتصادية للاتحاد العربي للاسمدة سابقا.

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012