أكد حلف شمال الأطلسي على لسان أمينه العام اندرس فوغ راسموسين اليوم أن الحلف سيستمر «في مراقبة الوحدات العسكرية والمنشآت الرئيسية في ليبيا كما فعل منذ آذار/مارس، وعندما يرى أي تحركات مهددة للشعب الليبي سيتحرك بما يتماشى مع تفويض الأمم المتحدة». وشدد على أن أمام الشعب الليبي الآن فرصة لبداية جديدة، داعياً المجلس الانتقالي الليبي إلى العمل على بقاء البلاد موحدة، ورسم مستقبل يقوم على المصالحة.
كذلك أعرب مسؤولون في حلف شمال الأطلسي (الناتو) اليوم عن قلقهم من شنّ قوات العقيد معمر القذافي في طرابلس هجوماً أخيراً ضد المدنيين، بعد إحكام الثوار المناوئين له السيطرة على معظم أحياء العاصمة.
يشار الى أن الثوار الليبيين وصلوا إلى وسط العاصمة الليبية طرابلس أمس، ولا يزال مكان القذافي ومصيره غامضين، في وقت ترددت فيه أنباء عن اعتقال 3 من أبنائه هم سيف الإسلام، الساعدي، ومحمد.
من جهته، طالب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون العقيد الليبي معمر القذافي بوقف القتال من دون شروط، وإظهار تخليه عن أي مطالبة بالسلطة، وتعهّد الإفراج عن الأصول الليبية المجمّدة. وقال كاميرون في بيان له عن تطورات الأوضاع في ليبيا «ليس لدينا أي معلومات مؤكدة عن مكان القذافي، لكن اعتُقل اثنان على الأقل من أبنائه، وصار نظامه على وشك الانهيار، وأحدث المعلومات التي تلقيناها هي أن قوات المعارضة تسيطر الآن على الغالبية العظمى من مناطق العاصمة طرابلس». واضاف إن مستقبل ليبيا «ينبغي أن يكون قرار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي والسلطات الليبية الجديدة، وبدعم دولي واسع النطاق بالتنسيق مع الأمم المتحدة». وقال رئيس الوزراء البريطاني إن الأولوية في ليبيا «يجب أن تتركز الآن على إحلال الأمن في العاصمة طرابلس، ونعمل عن كثب مع المجلس الوطني الانتقالي لدعم هذا التوجه»، وشدد على أن مهمة منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في ليبيا «ستستمر في حماية المدنيين طالما دعت الحاجة».
وفي أول تصريح للمجلس الانتقالي الليبي أعلن مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس اليوم أن حقبة معمر القذافي قد انتهت، مؤكداً السعي الى بناء دولة ديموقراطية في إطار إسلامي معتدل، إلا أنه حذّر من أن المرحلة القادمة لن تكون مفروشة بالورود. وصرح عبد الجليل في مؤتمر صحافي من بنغازي «الان أقول وبكل شفافية إن حقبة القذافي بكل مساوئها قد انتهت. وعلى الشعب الليبي أن يعلم أنّ المرحلة القادمة لن تكون مفروشة بالورود، فأمامنا الكثير من التحديات، وعلينا الكثير من المسؤوليات، ابتداءً من معالجة الجروح ووضع أيدينا في أيدي بعضنا بعضاً». وأضاف إن «لحظة النصر الحقيقية هي حين يجري القبض على معمر القذافي».
وفي أول ردّ فعل، رحّبت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بسيطرة ثوار ليبيا على أجزاء كبيرة من العاصمة طرابلس، مهنئة إياهم بـ«النصر المؤزر»، ومؤكدة أن «الشعوب تنتصر مهما طال الزمان». كذلك رحّبت حركة حماس «بدخول الثوار الليبيين العاصمة طرابلس»، وهنّأتهم بهذا «الانتصار الكبير»، معبرة عن أملها بأن «يمثل ذلك نقطة تحول في التاريخ الليبي نحو الحرية».
كذلك أعرب الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي اليوم عن «تضامنه الكامل مع الجهود الجارية بقيادة المجلس الوطني الانتقالي للحفاظ على مقدرات الشعب الليبي وسلمه الأهلي». وقال العربي في بيان له إنه يأمل أن «يتحقق النجاج للمجلس في جهوده لقيادة المرحلة الجديدة، والحفاظ على سلامة ليبيا الإقليمية وسيادتها واستقلالها».
دولياً، رأى الناطق باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، اليوم، أن «نهاية نظام القذافي تقترب». ونقل مايكل مان عن آشتون قولها إن «ليبيا في بداية عملية انتقالية»، واعداً «بمساعدة ملموسة وعملية من أوروبا في الأسابيع والأشهر والسنوات المقبلة».
من جهته، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما القذافي إلى «الاعتراف بأن حكمه وصل إلى النهاية»، مطالباً المجلس الوطني الانتقالي بإظهار قيادته وتفادي قتل المدنيين. ووضع أوباما «مستقبل ليبيا الآن في يد الشعب الليبي»، وأصدر الرئيس الأميركي بياناً بعد دخول الثوار إلى العاصمة الليبية طرابلس، مشيراً فيه الى أن «طرابلس تخرج من قبضة طاغية، ونظام القذافي يظهر علامات انهيار، ويظهر الشعب الليبي أن السعي العالمي وراء الكرامة والحرية أقوى بكثير من قبضة الدكتاتور الحديدية». وأعلنت وزارة الخارجية الصينية أن الصين «تحترم خيار الشعب الليبي، وتأمل عودة سريعة للاستقرار الى ليبيا». وأشاد الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بالثورة الليبية ووصفها بالمعركة «من أجل الحرية».
أما روسيا، فدعت المجتمع الدولي إلى الامتناع عن التدخل في الشأن الليبي الداخلي، مشيرة إلى أن التطورات الأخيرة تظهر أن قوات الثوار المعارضين للعقيد معمر القذافي ستتسلّم السيطرة على البلاد قريباً جداً. ونقلت وسائل إعلام روسية عن بيان صادر عن وزارة الخارجية أنها تدعو «جميع الدول إلى الالتزام الصارم بالقرارين 1970 و1973 الصادرين عن مجلس الأمن الدولي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية الليبية، والعمل على حماية المدنيين وإقامة نظام شرعي في البلاد». وأضاف البيان إن «التطورات الدراماتيكية الأخيرة في الصراع الليبي تظهر أن السلطة ستسلَّم لقوات الثوار قريباً جداً»، وأعربت موسكو عن أملها في أن يسهم ذلك في وضع حدّ لسفك الدماء. وقالت إنه يتعيّن أن تلي وقف القتال عملية سياسية لإنشاء هيئات شرعية وتنسيق مبادئ مستقبل ليبيا السياسي مع الحفاظ على استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها.
(أ ف ب، يو بي آي)