29-08-2011 12:20 AM
كل الاردن -
ناهض حتر
رد رئيس الوزراء, الدكتور معروف البخيت, على مطالبة النائب مازن القاضي بدسترة فك الإرتباط مع الضفة الغربية, بالقول إن وحدة الضفتين لم تتم لا بالدستور ولا حتى بقانون. وهو يريد, بذلك, القول إن الإرتباط, بالأصل, غير قائم دستوريا أو قانونيا, مما ينفي الحاجة إلى دسترته او قوننته. ومقولة البخيت هذه لا تعدو كونها التفافا على القضية السجالية التي لا حل لمجمل القضايا الوطنية من دون حلها.
'قرار فك الإرتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية ' ليس دستوريا بالقطع. فقد كانت الضفة جزءا من أراضي المملكة التي 'لا يجوز التنازل عن أي جزء منها' قبل إقرار دستور.1952 غير أن الدول والشعوب لا تخدم الدساتير, بل بالعكس. وبما ان الضفة الغربية انفصلت فعلا واصبحت جزءا من دولة فلسطين التي نعترف بها, فأي معنى يظل للإصرار على رفض دسترة فك الارتباط إلا إذا كانت هناك نوايا سياسية معاكسة.
حذفت التعديلات الدستورية المطروحة الآن, تعديلات دستورية سابقة تتعلق بالضفة, بما في ذلك صلاحيات تأجيل الإنتخاب العام عموما أو في دوائر لا يمكن إجراء الانتخاب فيها ووسائل انتخاب نواب تلك الدوائر. وهي كلها تعني الضفة المحتلة. وبذلك, تم قطع نصف الطريق نحو دسترة فك الارتباط, فلم يبق سوى إقرار ملحق يعيّن حدود المملكة الحالية. وتكون هذه الثغرة السياسية قد انسدت دستوريا, بصورة نهائية.
رفض قرار فك الإرتباط حق مشروع لمَن يرى, بالمقابل, أن السلطة والدولة الفلسطينية غير شرعية, وأن هيئات الحكم فيها كالاحتلال غير شرعية, وأن الضفة جزء من المملكة, يتوجب على الدولة الأردنية تحريره بالمفاوضات أو بالقوة.
لكن هذا الموقف لا قيمة له سياسيا منذ 1974 لدى اعتراف قمة الرباط بمنظمة التحرير ' ممثلا شرعيا ووحيدا' للشعب الفلسطيني. وقد أخّر الملك الحسين طيب الله ثراه, تنفيذ القرار العربي بفك الإرتباط مع الضفة, 14 عاما, خاض, خلالها, صراعا سياسيا مستمرا مع المنظمة وأحزاب الحركة الوطنية الأردنية التي كانت تطالب بفك الإرتباط. وقد سبق اعتقالي في السبعينيات على هذه الخلفية بالذات, إذ كنا شبابا نتظاهر في الجامعة الأردنية, انتصارا لمنظمة التحرير وقرارها المستقل وسعيها المشروع للإنفصال عن المملكة.
وما زلت أرى أن موقف المعارضة, آنذاك, كان صحيحا, فقد حمّل التأخير في الاستجابة لإرادة الشعب الفلسطيني بالاستقلال عن المملكة,الأردن, الكثير من الأعباء والصراعات المجانية. وحين أعلن الملك حسين, فك الارتباط, العام ,88 اعتبره المناضل الراحل جورج حبش, ' نصرا تاريخيا'. وهللت له القوى التي تتنصّل اليوم من تبعاته.
ومنذ ال¯ 88 حتى الآن, ما يزال فك الإرتباط مجرد ' تعليمات' حمّلنا ويحمّلنا التأخير في قوننتها المزيد من الأعباء والصراعات المجانية. وقد جرت محاولات حثيثة في لجنة الحوار الوطني للتوافق على ' تضمين تعليمات فك الارتباط في قانون الجنسية' بما ينهي قضيتي سحب ومنح الجنسيات معا, لكن تلك المحاولات انتهت بالطلب من الحكومة تشكيل لجنة خاصة للبحث في الموضوع. والملف, مذ ذاك, على مكتب الدكتور معروف البخيت أو في أدراجه.
للتوضيح لا تمس قوننة تعليمات فك الإرتباط كليا بمواطنة جميع الأردنيين من اصل فلسطيني ممن تنطبق عليهم تلك التعليمات, أي ممَن كانوا مواطنين في 31 آب ,1988 وينهي تضمين تلك التعليمات في قانون الجنسية, الأساس لوجود دائرة المتابعة والتفتيش, وسحب الجنسيات, وكل أشكال التمييز ضد الأردنيين من أصل فلسطيني. ولكنه يمنع, بالمقابل, تجنيس المزيد بصورة غير قانونية. ويسمح ذلك (1) بالإندماج الوطني الديمقراطي بغض النظر عن الأصول, (2) الحفاظ على الهوية الوطنية للدولة.
ynoon1@yahoo.com