03-09-2011 07:33 AM
كل الاردن -
ناهض حتر
10 بالمئة فقط من السوريين يحوزون - بوسائل مشروعة وغير مشروعة - على 60 بالمئة من الدخل الوطني للبلاد, بينما يحوز 90 بالمئة منهم - وهي نسبة تشمل الفئات الوسطى طبعا- على 40 بالمئة من ذلك الدخل, ما يجعل ثلث السوريين تحت خط الفقر.
هذه الأرقام - حسب الخبير الإقتصادي السوري منذر خدام - رسمية. وهي نتيجة طبيعية للتحول إلى الليبرالية الجديدة المصحوبة, عضويا ودائما , بالفساد الكبير, وبالتحالف بين الكمبرادور والبيروقراطية. وهي ذات اللوحة الإجتماعية الأردنية, سوى أن البيروقراطية الأردنية - لأسباب معقدة لا مجال لبحثها هنا - لها استقلال نسبي عن الكمبرادور, مما أتاح هامشا من الحريات السياسية, واستبعد الحلول الأمنية, بل أن التحالف الضمني والقابل للتوسع والتجذر بين تيارات في البيروقراطية الأردنية والحركة الشعبية, هو ما يمنع الإنزلاق إلى المشهد السوري.
النظام السوري سيصمد, ولكن في سياق أمني بالدرجة الأولى. غير أن مستقبله يرتبط بقدرة الأقسام التي ما تزال وفية للقيم الاشتراكية, داخله وخارجه, على القيام بانقلاب اجتماعي يطيح بالفئات الكمبرادورية وحليفتها مؤسسة الفساد. هل هذا ممكن ? ربما إذا حدث تحوّل في الانتفاضة السورية نفسها نحو أولوية الثورة الاجتماعية. عندها سيؤدي تحالف وطني اجتماعي الى تغيير عميق وآمن ووحدوي وفي الخط المعادي للإمبريالية في سورية.
لعظيم الأسف ما تزال الإنتفاضة السورية في قبضة وعي مشوه وانتقامي, ولا يوجد داخلها مَن يمثّل , سياسيا, الكادحين والمفقرين اجتماعيا. والقوة الأساسية المنظمة القادرة على وراثة النظام في سورية, هي الإخوان المسلمون الذين يتطلعون إلى التحالف مع البرجوازية التقليدية, لكن ليس من دون شركاء من الأوساط الكمبرادورية, ومن مؤسسة الفساد ( عبد الحليم خدام مثلا) وفي سياق الليبرالية الجديدة التي تمثل الفكر الاقتصادي للمعارضة الحالية, وهي ستلقى المزيد من الدعم السياسي بالنظر إلى النفوذ الأميركي والخليجي في سورية ما بعد الأسد.وهو ما يعني أن الشعب السوري سيواجه المزيد من النهب والإفقار, عدا عن مخاطر الحرب الأهلية التي ستفاقم الأزمة الاجتماعية.
لذلك, ما تزال الفئات الوسطى والكادحة من المثقفين والمهنيين والموظفين والعمال, مترددة في الإنتفاضة السورية التي تغلب على المشاركين فيها, جماهيرالفئات الفلاحية المسحوقة والمفقرة والمهمّشة. ولا يمكن تبريرذلك التردد بقوة القمع, فحاجز الخوف انكسر في سورية, لكن الفئات الشعبية الواعية, ما تزال تنتظر مبادرة اجتماعية سياسية تقترح تغييرا يضمن إسقاط تحالف الكمبرادور والفساد والحفاظ على وحدة سورية وشعبها في الخط الوطني.
وتحالف القوى الذي سيقترح هكذا برنامج سوف ينتصر وينقذ البلد والمنطقة والربيع العربي كله. فالإبقاء على الوضع الحالي بقوة العنف في سورية كارثة, وانتصار الرجعية في البلد العربي الوحيد المدني والمستقل , كارثة أكبر. لا بديل عن الثورة الاجتماعية. فهي وحدها التي توحد الطوائف والاثنيات وتضمن المدنية والعلمانية والتحول الديموقراطي الحقيقي,وتوجه القمع إلى قوى الفساد والإفساد وتحافظ على الدور الوطني والعربي لسورية.