بدأت الصحف الغربية بنشر وثائق قالت إنها حصلت عليها من خلال نبش أرشيف مراكز الاستخبارات الليبية، بعد سيطرة المتمردين عليها، أو من خلال بعض الوثائق التي تركها المسؤولون الليبيون قبل فرارهم من العاصمة. وبدأت ردود الفعل ترد على ما نشر لغاية الآن في الصحافة الغربية، اذ هدد متحدث باسم الثوار الليبيين بمحاسبة الصين عبر القنوات الدولية، بعد نشر تقارير تضم وثائق تكشف عن تزويد بيجينغ نظام العقيد معمر القذافي بالأسلحة، بالرغم من الحظر المفروض والعقوبات الدولية.
وقال المتحدث باسم الثوار الليبيين عبد الرحمن بوسين، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إن الحكومة الانتقالية في ليبيا ستسعى إلى محاسبة الصين عبر القنوات الدولية المناسبة، مضيفاً إن «احتمالات عمل أي بلد انتهك العقوبات في ليبيا، الغنية بالنفط، ستكون قليلة». وتابع بوسين قائلاً: «لدينا دليل على صفقات بين الصين والقذافي، وبحوزتنا وثائق تثبت ذلك»، مشيراً إلى أن لدى الثوار دليلاً آخر بما في ذلك وثائق وأسلحة عثر عليها في ساحات المعارك، ما يُظهر أن عدداً من الحكومات الأخرى أو الشركات كانت تزود قوات القذافي بالأسلحة بطريقة غير شرعية.
وكانت صحيفة «غلوب أند ميل» الكندية قد نشرت وثائق عثر عليها أحد صحافييها غرايم سميث في النفايات، في حي ليبي يقيم فيه العديد من مسؤولي النظام الليبي، تظهر أنه في الأسابيع الأخيرة لمعركة القذافي مع الثوار، عرضت شركات صينية بيع حكومته أسلحة وذخائر، في انتهاك للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على النظام الليبي.
وفي سياق متصل، طلب رئيس المجلس العسكري للثوار في طرابلس عبد الحكيم بلحاج اليوم، من بريطانيا والولايات المتحدة الاعتذار، بعدما بينت وثائق ضُبطت أن البلدين تورطا في خطة أدت الى اعتقاله وتعذيبه في سجون نظام معمر القذافي. وأوضحت وثائق تابعة لجهاز استخبارات القذافي أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي اي» اعتقلت عبد الحكيم بلحاج في بانكوك في 2004، ورحّلته قسراً الى ليبيا، حيث زُجّ في سجن «أبو سليم» الشهير لسبع سنوات. كذلك، أكد بلحاج أنه تعرض اثناء اعتقاله للاستجواب على أيدي ضباط استخبارات بريطانيين، مضيفاً لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، إن «ما حصل لي كان غير قانوني ويستحق الاعتذار». وفي حديث لصحيفة الـ«غارديان» البريطانية أعلن بلحاج نيته مقاضاة الحكومتين البريطانية والأميركية، كاشفاً أنهما عملتا على حقنه بمادة ما، «ثم علقوني من ذراعي وقدمي ووضعوني داخل صندوق ممتلىء بالثلج».
من جهتها، كشفت صحيفة «اندبندانت» البريطانية اليوم أن جهاز الأمن الخارجي البريطاني «أم آي 6» وشرطة سكوتلند يارد أنقذتا سيف الإسلام، نجل العقيد الليبي معمر القذافي، من مؤامرة اغتيال خططت لها جماعة إسلامية على الأراضي البريطانية. وقالت الصحيفة إن الكشف جاء في وثائق سرية عثرت عليها في ليبيا، وأظهرت أيضاً أن الاستخبارات البريطانية تشتبه في وجود صلة بين مؤامرة اغتيال سيف الإسلام وقطر، الحليف العربي الأول للغرب حالياً ضد النظام الليبي.
وأضافت إن جهاز «آم آي 6» اتصل بنظيره الفرنسي بعدما أبلغته السلطات الليبية أن خلية إرهابية على علاقة بقطر كانت تخطط لتصفية سيف الإسلام في باريس، وأبلغ الفرنسيون المسؤولين البريطانيين وقتها أن وزير الداخلية القطري الشيخ عبد الله بن خالد آل ثاني زعم بأنه «كان يُعرف بتعاطفه مع الجماعات الإسلامية المتطرفة».
وأشارت الصحيفة إلى أن الفرنسيين لم يقدموا أيّ أدلة تدعم هذا الاتهام، لكنّ مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الأميركية كانوا يعتقدون في عام 2003 أن الوزير القطري نفسه كانت له صلات بتنظيم القاعدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن قطر، بعد مرور سبع سنوات على الحادث، هي الآن واحدة من أكبر الممولين للمعارضة الليبية، التي تؤلّف الحكومة الليبية الجديدة في طرابلس بعد إطاحة العقيد القذافي.
وتابعت الصحيفة إن ليبيا طلبت مساعدة بريطانيا لإنقاذ حياة سيف الإسلام القذافي، ووردت تفاصيل ذلك في رسالة وجهها مسؤول بارز في جهاز «أم آي 6» إلى مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الليبية، وعُثر عليها بين وثائق عديدة تتعلق بسيف الإسلام في مكتب وزير الخارجية الليبي السابق موسى كوسا، الذي انشق عن النظام في الأيام الأولى للثورة.
ونقلت الصحيفة عن الرسالة أن «الطلب الليبي جرى إمراره إلى الفرع الخاص بشرطة العاصمة لندن، الذي وضع سيف الإسلام على لائحته للأشخاص المعرضين للخطر، وزاره حين أقام في لندن لمناقشة التهديد معه وبدا مقتنعاً بالتدابير التي جرى اتخاذها لحمايته»، مضيفةً إن الحكومة البريطانية نظرت إلى سيف الإسلام كشخصية رئيسية لإخراج ليبيا من العزلة، وإنهاء سعيها إلى بناء ترسانة نووية، فيما أشاد مسؤول بريطاني في مذكرة كتبها في أيلول/سبتمبر 2004 بمساهماته في الحوار المستمر بين لندن وطرابلس، وعدّها بناءة للغاية.
(أ ف ب، يو بي آي)