07-09-2011 10:18 PM
كل الاردن -
ناهض حتر
الاهمّ في رسائل السفارة الامريكية بعمان, المفرَج عنها من قبل ويكليكس, ليس الاراء التي أدلى بها الساسة والاعلاميون والنشطاء المحليون لممثلي سفارة الامبراطورية, ولكن الاهمّ هو الرسائل نفسها التي تكبس جميع الاراء والمعلومات والاحداث في ثيمة أيديولوجية واحدة تتكرر بصورة مملة, وتلحّ على تقديم رؤية مسبقة جامدة عن الحياة السياسية الاردنية, بوصفها حملات منظمة ومستمرة تشنها ( الاقلية الشرق أردنية) ضد عملية ( الاصلاح)! .
والاصلاح بالمعنى الامريكي, يدور, في بلدنا, مدار نقطتين, هما(1) تحقيق المزيد من التحوّل إلى ليبرالية اقتصاد السوق المعولم, ولو بالتسامح مع الفساد, ولا غرو فالفساد يقع في صلب تلك الليبرالية (2) وتأمين توسيع الحصة السياسية لأبناء (الضفة الغربية), في إطار خطة متدرجة للوطن البديل.
وتنعى السفارة على العناصر الشرق أردنية, معارضتها (المتعصبة) لهذين الهدفين. وتحتشد تقاريرها بروح العداء والسخرية والاستعلاء إزاء عامة الشرق أردنيين. وهو ما يظهر بلاهة بعضهم ممن قدموا شكواهم إلى سفارة تعتبرهم ( همجا), ويظهر, بالمقابل, المرجعية السياسية لتيار محلي من القياديين والصحافيين ونشطاء مراكز التمويل الاجنبي ممّن يتبنون الرؤية الاصلاحية الامريكية ذاتها.
تظهر الرسائل أن الطاقم السياسي الاستخباري الامريكي في عمان, لا يبذل أي جهد لفهم وتحليل الوضع الاردني المعقد. ولا يدل ذلك على كسل ولا على انعدام الخبرة أو القدرة, بل على انعدام النزاهة والصدقية والتصميم الامبريالي على تثبيت صورة نمطية حول الاردن لدى المؤسسة السياسية - وتاليا الاعلامية - الامريكية, بما يخدم المصالح الصهيونية. نحن, إذا, لسنا أمام عمل دبلوماسي, وإنما نشاط عدائي.
ويكليكس الاردن كشفت, بلا رتوش, الاستراتيجية الامريكية المعادية لبلدنا وشعبنا, والقائمة, جوهريا, على عدم الاعتراف بكيان الاردن الوطني وهويته, والملحة على صيغة متحركة متسعة لمحاصصة بلا ضفاف تحت سيطرة الكمبرادور. وخلافا لادعاءاتها فإن الولايات المتحدة كما أظهرت الوثائق مستعدة للتغاضي, وحتى للدفاع عن الفساد وقمع النقد والاحتجاج, طالما كان ذلك يصب في تحقيق تلك الاستراتيجية.
يتزامن نشر وثائق ويكليكس حول الاردن, مع صعود بطيء ولكنه واثق في الحراك الوطني الاجتماعي الذي سيحصل الان على أدلة إضافية على شرعية احتجاجاته, وعلى تأكيدات مضاعفة لشكوكه إزاء العدوانية الامريكية نحو الشعب الاردني.
ynoon1@yahoo.com