13-09-2011 06:57 AM
كل الاردن -
ناهض حتر
التقى الملك عبد الله الثاني, حسب بترا, 'أدباء ومثقفين وأكاديميين'. ولا نعرف ما إذا كانت مجرد مصادفة أن اللقاء جاء في ظروف ويكيليكس, أم أنه مرتب للحديث مع ممثلي النخبة الثقافية, بالذات, في موضوعات الهوية الوطنية.
يتساءل الملك لماذا تتكرر, رغم تطميناته المعاكسة, إثارة موضوع خطر الوطن البديل بين الحين والآخر? وللأسف, كانت هناك إجابة سطحية من قبل بعض الحاضرين تشير إلى ان السبب وراء ذلك 'فئة محدودة لها مصالح' في إثارة هذا الموضوع. وهي إجابة تدل على فرضية تآمرية تظن, أن الشعب مجرد ألعوبة بأيدي محرضين معدودين! إن هذه الفرضية ليس لها قيمة في استكشاف الدوافع الموضوعية للقلق الأردني إزاء خطر الوطن البديل.
يأخذ الأردنيون تطمينات الملك بصورة إيجابية, خصوصا وأنها تتواءم مع مصلحة الحكم. لكن الأردنيين يدركون أن النظام الأردني ليس اللاعب الوحيد في الميدان, فهناك القوة الأمريكية العظمى التي تحدب, كما اتضح من وثائق ويكيليكس, على مشروع الوطن البديل, وهناك إسرائيل صاحبة المصلحة في تصفية القضية الفلسطينية خارج فلسطين, بينما يلاحظ الجميع أن الإجراءات الحكومية المضادة ضعيفة ومترددة واحيانا متواطئة من خلال الاستمرار في عملية التجنيس اللاقانونية. ويتساءل العديد من الأردنيين عن السبب الذي يحول, مثلا, دون قيام السلطات بتحويل تعليمات فكّ الإرتباط إلى قانون, رغم مرور 23 عاما على صدورها.
أشار الملك عن حق أننا ' نملك جيشا وسنقاتل' دفاعا عن الأردن. وجيشنا هو ضمانة حقيقية لاطمئناننا , ويمكننا أن نضيف أن شعبنا كله سيقاتل أيضا إلى جانب جيشه. فعندما يتعلق الأمر بالوطن لا ينكص الأردني عن واجبه حين يقتضي الأمر, لكن كثيرا ما يمكن تجاوز القتال الفعلي بإجراءات سياسية فعالة تنهي حالة الفوضى وتضع حدا نهائيا للمشاريع الإستعمارية والصهيونية, وتلجم المتعاونين المحليين مع هذه المشاريع.
تحدث الملك عن هوية وطنية جامعة, بينما تحدث بعض المثقفين عن هويتين لا تناقض بينهما. لا توجد تناقضات بين الهويات العربية التي تجمعها هوية قومية واحدة, لكن لكل بلد عربي هويته الوطنية الفرعية. وهي في الأردن, وببساطة ووضوح ودقة, الهوية الأردنية. وهي الهوية الجامعة نفسها لكل الأردنيين, فلا مكان لهويتين سياسيتين في الأردن. ونحن نتطلع, كما الملك, إلى تجاوز الشروخ والنظر إلى المستقبل, إلا أن ذلك يتطلب وضع النقاط على الحروف مرة واحدة ونهائيا. وطالما ظل هناك غموض قانوني أو سياسي أو ثقافي في تعريف الوطن والمواطنة والهوية, فسيظل الباب مواربا للمؤامرات والمتآمرين. وستظل المخاوف قائمة, لا تهدأ حتى تنفجر.
ynoon1@yahoo.com