14-09-2011 12:01 AM
كل الاردن -
ناهض حتر
مساء اليوم الأربعاء, سوف يعتصم جمهور أغضبته فضائح ويكليكس بدعوة من المتقاعدين العسكريين أمام السفارة الأمريكية... في مخالفة صريحة لاتجاه الربيع العربي الأمريكي, حيث سفارات العم سام مربط خيل (الإصلاحيين...)
وغدا الخميس يتوجه جمهور الإخوان المسلمين للاعتصام أمام السفارة الإسرائيلية... في مخالفة صريحة لاتجاه الإخوان المسلمين المصريين الذين لم يشاركوا في اقتحام سفارة تل ابيب في القاهرة, وتحفّظوا على هذه المبادرة ...
في مصر, العسكرتاريا في حالة صداقة مع الولايات المتحدة, بينما يظهر المتقاعدون العسكريون الأردنيون, بوصفهم الأكثر تشددا تجاه العم سام. والسبب معروف. فواشنطن هي التي ترعى مشروع الوطن البديل ودعاته المحليين. والاعتصام عند السفارة, وهو الأول من نوعه منذ اعتصم الشيوعيون أمامها العام 1986 ، يأتي احتجاجا على مواقف الفريق الدبلوماسي الأمريكي المعادية للشعب الأردني, كما فضحتها ويكيليكس.
في مصر, الإخوان المسلمون أصبحوا جزءا من النظام, ولذلك فهم يقدرون التزامات مصر الدولية, ووضع البلد الحساس, ولا يخططون لاقتلاع سفارة العدو من ارض الكنانة. لكن في الأردن, الأمر مختلف. فالإخوان ما يزالون في المعارضة, ولا تعنيهم التزامات الدولة. لذلك, فهم يريدون مظاهرة (مليونية) ضد السفارة الإسرائيلية في عمان. وبالحسابات, وحتى لو افترضنا أن الشعب الأردني كله استجاب لدعوة الإخوان, فإنه لا يتوفر, فعليا, مليون متظاهر بالغ راشد قادر في الأردن.
منذ وقت طويل يقوم جمع من الشباب القوميين بالاعتصام الأسبوعي ضد سفارة العدو الإسرائيلي قرب مسجد الكالوتي في الرابية. وقد اطلقت هذه الجماعة على نفسها الاسم المختصَر(جك) أي جماعة الكالوتي. ولكن الإخوان المسلمين لم يفطنوا إلى جهود (جك) الدؤوبة, إلا الآن. ما يجعلنا نتساءل: لماذا?
احتلال المحتجين القصير لسفارة العدو في القاهرة, ألهم الجماهير العربية, مما يجعل التحشيد ممكنا. لكن فضيحة ويكليكس, أيضا, ربما تتطلب من الإخوان المسلمين الهروب من استحقاقات التطابق السياسي بين برنامجهم الإصلاحي والبرنامج الذي تتبناه السفارة الأمريكية بعمان.
مَن يعتصم ضد السفارة الأمريكية - الأصل, سوف يعتصم ضد السفارة الفرع, لكن العكس ليس مؤكدا; إذ يمكن إدامة المواجهة مع إسرائيل من دون خسارة الصداقة مع الولايات المتحدة. وهو منهج عربي تقليدي يحابي الطرف الأقوى في الحلف المعادي. وهنالك منطق لهذه المحاباة يقوم على حقيقة أن مروحة المصالح مع الأمريكيين تتعدى الصراع العربي - الإسرائيلي, لكن ذلك لا ينطبق على حالة واحدة هي حالة الأردن, حيث يتولى الأمريكيون بأنفسهم تنفيذ البرنامج الصهيوني في البلاد, من خلال الدفع بعملية الوطن البديل.
اعتصامان محقّان, لكنهما يطرحان اختلافا في الرؤية والأولويات والبرامج السياسية في البلاد. هنالك موقف شعبي موحد من إسرائيل بالطبع, لكن, في كل ما عدا ذلك الموقف, هنالك اختلاف يشقّ الحراك الشعبي بين فريقين, يرى أولهما أولوية حل المسألة الوطنية ومجابهة النهج النيوليبرالي والفساد ولو كان ذلك بالحد الأدنى من الإصلاح السياسي, ويرى ثانيهما أولوية الإصلاح السياسي ولو كان ذلك على حساب المسألتين الوطنية والاجتماعية. يغضب الأول من فضيحة انكشاف التآمر الأمريكي على الأردن في فضيحة ويكيليكس, ويتجاهلها الثاني مكتشفا فجأة حكمة أولوية جماعة الكالوتي المستبعَدة سابقا, على أولويته الأولى (الملكية الدستورية التوطينية) التي ضربتها ويكليكس في مقتل.
العديد من شباب الحراك الشعبي سيشاركون في الاعتصامين, فهل سيشارك الإخوان المسلمون أيضا في الاحتجاج ضد سفارة الحليف الاستراتيجي في عبدون?0
ynoon1@yahoo.com