19-09-2011 09:15 PM
كل الاردن -
ناهض حتر
يشعر الأردنيون بالضيق والضجر من اشاعات التغيير الوزاري وتدوير المناصب.. كأن أحدا لم يفهم رسالتهم التي تقول ' تسقط الحكومة القادمة'!
لم تعد مفاجآت تشكيل الحكومات وتغيير المناصب مقبولة, وحكومة البخيت هي آخر حكومة ¯ مفاجأة يتحملها الأردنيون. بعد البخيت لدينا رئيس انتخابات ينبغي الاتفاق على صفاته, وأهمها الا يكون من النادي, ومن المستحسن أن يكون قاضيا, ثم تقرّر الانتخابات والمشاورات وليس الاشاعات والمفاجآت, رئيس الوزراء الاتي.
في الماضي, كانت بيروقراطية الدولة الصلبة والتراتبية والدينامية في آن, تخرّج القسم الأكبر من عناصر النخبة السياسية, لكن التفكيك النيوليبرالي للدولة الأردنية, وضع حدا لهذه الآلية التي لم تكن ديمقراطية بالطبع, لكنها تتمتع بنوع من العقلانية.
منذ معاهدة وادي عربة ,1994 أصبحت عضوية فريق مفاوضات السلام, مدخلا للعضوية في النخبة السياسية, ثم أصبح العامل الحاسم, لاحقا, هو العلاقة مع المحافظين الأمريكيين الجدد, من أنصار الليبرالية الاقتصادية المتوحشة والخصخصة وبائعي المشاريع الوهمية وخالقي مناخ الفساد الكبير, واختلط معيارا الأسرلة واللبرلة الاقتصادية بالتوريث والعلاقات الخاصة والكواليس والمحاصصة, اضافة إلى هامش محدود للعناصر البرجوازية التقليدية والموظفين التقنيين وشخصيات من هوامش المعارضة.
انتهت هذه الآليات المتداخلة إلى تكوين نخبة سياسية مكتظة بالنماذج الشطارية والمتهمة والضعيفة والعاجزة وغير المؤهلة والمتنابذة. وقد فشلت هذه النخبة في إدارة السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة. وانتهينا إلى دولة أصبح كيانها موضع تساؤل واقتصادها مشلولا ومثقلا بمديونية كارثية بلا انجاز معدود, ونصف شعبها مفقرا, ومجتمعها مفككا تتقاذفه مؤثرات ثقافية متنافرة تبدأ بالتكفيريين ولا تنتهي بعبدة الشيطان!
الأهمية الرمزية للحراك الشعبي أنه انطلق لكي يوحّد, من جديد, منظومة القيم والثقافة الوطنية, ويركز على استعادة عقلانية الدولة ودورها الاقتصادي والاجتماعي, ويعيد بناء الوطنية الأردنية كإطار عام للسياسات الداخلية والخارجية.
يحدد الحراك الشعبي - منطلقا من حس عميق بالمسؤولية - البديل الممكن للخروج من المأزق التاريخي للبلد, لكنه يفسح المجال لبناء البديل من داخل النظام السياسي, وهي فرصة يمكن استغلالها فقط من خلال تكوين نخبة سياسية جديدة, تتمتع بالشرعية الشعبية على المستوى الوطني, وقادرة, بالتالي, على ممارسة الحكم وفق برنامج الحراك الشعبي الإنقاذي.
الآلية الوحيدة الشرعية لتشكيل نخبة كتلك هي المنافسة الانتخابية على المستوى الوطني, في قائمة مغلقة يقترع لها المواطن على أساس سياسي, وتحصل على مقاعد وفق نسبة أصواتها.
لا توجد مشكلة فنية لا يمكن حلها في مقترح النظام الانتخابي المختلط, والمخاوف من سيطرة الإخوان المسلمين على مقاعد القائمة الوطنية, ينبغي مواجهتها في الانتخابات الحرة وليس في قانون الانتخابات.
الميدان السياسي الشعبي لم يعد فارغا لحزب واحد مثلما كان منذ سنتين, ففي هذا الميدان الآن قوى سياسية جديدة قادرة على المنافسة الجدية وإعادة ترتيب الاصطفافات الاجتماعية السياسية على أسس حديثة. ومن فضائل الانتخابات على المستوى الوطني أنها لا تنتج القادة من بين الناجحين فقط, فالقوة السياسية القادرة على تكوين قائمة وطنية وخوض الصراع, سوف تؤكد حضورها الوطني وتفرز, بدورها, قيادات وطنية, بغض النظر عن عدد المقاعد التي تحظى بها.
فشلتم في الدفاع عن البلد وفي إدارته... وآن الأوان لكي تأخذ القوى الوطنية الشعبية فرصة خوض المعركة وإعادة البناء.
ynoon1@yahoo.com