هدد حزب العمال الكردستاني، اليوم، بتوجيه «ضربات اكبر» للقوات التركية اذا حاولت التوغل شمال العراق، لملاحقة عناصره. وقال المتحدث باسم الحزب، احمد دانس، لوكالة «فرانس برس» ان «ما تعرض له الجيش التركي مساء امس (الثلاثاء) في منطقة هكاري كان بمثابة حفل استقبال له عندما حاول التوغل الى شمال العراق لملاحقة عناصر حزبنا»، مهدداً بتوجيه «ضربات اكبر» ان حاول الجيش التركي القيام بعمليات عسكرية خارج الحدود التركية.
ويأتي هذا التهديد بعدما قُتل 26 جندياً تركياً في هجمات متزامنة شنها متمردون أكراد في وقت متأخر من ليل أمس، على الحدود العراقية، ما استدعى رداً عسكرياً عنيفاً من أنقرة، التي دخلت قواتها الأراضي العراقية لمطاردة المهاجمين حتى قواعدهم الخلفية.
ووقعت الهجمات، التي نفذتها عدة مجموعات تابعة لحزب العمال الكردستاني، في ثماني نقاط حدودية في شوكورجا ويوكسيكوفا في محافظة هكاري، التي تضم عدة مراكز حدودية للدرك، بحسب مصدر أمني محلي.
وتواصلت المعارك ساعات عدة في المنطقة، حيث شن الجيش، بحسب شبكات التلفزيون، عمليات برية وجوية واسعة النطاق لمطاردة المهاجمين.
وقالت وكالة «فرات نيوز»، المقربة من حزب العمال الكردستاني، إن وحدات من قوات النخبة في الجيش التركي دخلت من نقطتين حدوديتين لمطاردة المتمردين.
وأكدت شبكات التلفزيون أن الوحدات الخاصة نُقلت عبر مروحيات الى ما بعد بضعة كيلومترات داخل العراق، لقطع الطريق على المتمردين ومحاصرتهم قبل أن يتوغلوا في عمق الأراضي العراقية، فيما صرح متحدث باسم حزب العمال الكردستاني، يدعى دزدار حمو، لوكالة «فرانس برس» بأن «وحدات برية تركية تحاول عبور الحدود في منطقة هكاري».
من جهته، أكد العقيد حسين تامر، المسؤول عن أمن الحدود العراقية في محافظة دهوك، أنه لا معلومات لديه عن توغل جنود أتراك في الأراضي العراقية .
وفي موازاة ذلك، قصفت المقاتلات التركية المتمردين في شمال العراق، مستهدفة خصوصاً جبال قنديل، أبرز القواعد الخلفية لحزب العمال الكردستاني، بحسب مصادر أمنية.
وبحسب مراقبين، فإن هذه هي ثاني أكبر حصيلة ضحايا للجيش التركي منذ بدأ حزب العمال الكردستاني كفاحه المسلح عام 1984 ، للمطالبة باستقلال المنطقة ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق البلاد.
وألغى رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان زيارة، كان من المقرر أن يقوم بها اليوم الى كازاخستان، ليعقد اجتماعاً مع مستشاريه المقربين ومع العديد من الوزراء ورئيس الاستخبارات، كما ألغى وزير خارجيته، احمد داود اوغلو، أيضاً زيارة كانت مقررة الى صربيا.
وتوجه رئيس الأركان، نجدت أوزيل، وغيره من القادة العسكريين الى المكان لتقويم الوضع، حسبما أعلن الرئيس التركي عبد الله غول في أنقرة، الذي شدد على أننا « سنقاوم الإرهاب حتى النهاية»، مؤكداً أن بلاده « مصممة» على القضاء على حزب العمال الكردستاني، ومتعهداً الانتقام لمقتل الجنود .
وأضاف غول «انتقامنا سيكون رهيباً، وسنرد على الذين يتسببون لنا بالألم».
وفي هذا السياق، أدان الاتحاد الأوروبي الهجمات «الإرهابية المشينة»، التي شنها حزب العمال الكردستاني، حيث قالت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الإتحاد، كاثرين آشتون، اليوم، في بيان «ذهلت لدى سماعي عن الهجمات الإرهابية المشينة في تركيا من قبل حزب العمال الكردستاني. إنني أدينها بأشد العبارات، وأعبر عن أسفي العميق لوقوع خسائر في الأرواح».
وجددت آشتون تشديدها على وقوف الاتحاد الأوروبي مع تركيا في عزمها على مكافحة «الإرهاب»، مضيفة انه «علينا ان نكون جميعاً واضحين بأن لا شيء يبرر مثل هذا العنف العشوائي».
وقالت آشتون إن حزب العمال الكردستاني يبقى على لائحة الاتحاد للمنظمات «الإرهابية».
من جهته، استنكر حلف شمال الأطلسي «الناتو»، اليوم، الإعتداءات التي شهدها جنوب شرق تركيا، واصفا إياها بالـ« إرهابية».
وأصدر أمين عام الحلف، أندرس فوغ راسموسن، بياناً قال فيه «نيابة عن الناتو، أدين بأقوى العبارات الممكنة الإعتداءات الأخيرة في جنوب ـ شرق تركيا والتي أسفرت عن مقتل وجرح عدد من الجنود الأتراك والشرطة والمدنيين بينهم طفل »، مضيفاً أنه «لا مبرر لمثل أعمال العنف هذه، وأنا أعبّر عن تعازيّ لعائلات وأحبّاء الضحايا».
من جهة أخرى، استدعى وزير شؤون الإتحاد الأوروبي التركي، أجيمن باجيس، اليوم، سفير الإتحاد في تركيا، مارك بيريني، إلى الوزارة، بعد ساعات من الهجوم.
وذكر موقع صحيفة «زمان » التركية انه لم يكشف عن مضمون اللقاء فوراً، ولكن كان متوقعاً أن يعبر باجيس مجدداً عن قلق أنقرة من موقف بعض الدول الأوروبية المتساهل تجاه حزب العمال الكردستاني.
وتجدر الإشارة إلى أن حزب العمال الكردستاني كثّف هجماته على نحو ملحوظ منذ الصيف الماضي، كما هددت تركيا بالتدخل عسكرياً في معاقل الحزب الواقعة في كردستان العراق.
وتقصف المقاتلات التركية بانتظام مخابئ حزب العمال في الجبال العراقية، إلا أن المحللين يشددون على ضرورة قيام القوات التركية بتوغل بري، لإزالة القواعد الخلفية للحركة، التي تعدها أنقرة وعدد من الدول منظمة إرهابية.
(أ ف ب، يو بي اي )