أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 01 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 01 كانون الثاني/يناير 2025


مأساة البخيت...
19-10-2011 09:39 PM
كل الاردن -




ناهض حتر

يمكننا أن نقول اليوم أن 'صلة وصل' ما ربطت بين أوساط أساسيّة في الحراك الشعبي وبين الدكتور معروف البخيت.كان ترئيسه, في البداية, مطلبا, ولو ضمنيا, وكانت الهتافات بسقوطه تعبّر عن خيبة أمل بأكثر مما تعبّر عن موقف. بالمقابل, كانت بعض تصريحاته الحادة العلنية ضد الحراك الشعبي لا تعبّر عن موقفه الفعلي. فالبخيت يظل في النهاية, كما يقول السلطية, من 'العلبة' نفسها , أي من الإطار الاجتماعي الثقافي الوجداني نفسه الذي خرجت منه قيادات المعارضة الوطنية الجديدة.

رؤية البخيت الوطنية الاجتماعية تتطابق مع منظومة الأفكار والمشاعر المنتشرة في صفوف الطبقة الوسطى من أبناء المحافظات. وهي مزيج من الوطنية الأردنية وهواجس العدالة الاجتماعية والعلمانية الثقافية والإيمان بمكانة الدولة ودورها. ومن الإنصاف القول إن تلك الرؤية انعكست في قرارات حكومية شجاعة مثل تشريع نقابة المعلمين وبرنامج إعادة هيكلة القطاع العام والتمسك بعدم رفع أسعار المشتقات النفطية والسعي إلى تفهم احتياجات المحافظات وإلغاء امتيازات النهب من شركات الديسي, وآخر تلك القرارات, إخضاع سحب ومنح الجنسيات لمجلس الوزراء...

لكن مأساة البخيت - وهي نفسها مأساة الوطنيين الأردنيين التقليديين - تكمن في الإعتقاد بأنه يمكن تمرير البرنامج الوطني الاجتماعي من خلال الآليات البيروقراطية. وهو ما يستلزم, بالتالي, المنافسة على إظهار الامتثالية السياسية,وتقديم التنازلات, وليس تظهير ذلك البرنامج سياسيا من موقع التميّز والاختلاف?

قد يكون البخيت ضعيفا ومترددا وبطيئا. لكن تلك ليست فقط صفات شخصية بقدر ما هي تعبير عن تراجع الدور السياسي للبيروقراطية الأردنية المهشّمة المحاصرة والعاجزة في الوقت نفسه عن التحالف العلني والثابت مع الحركة الشعبية. ولذلك, فإن القيادات البيروقراطية التي تغتبط, ضمنا, لبروز قوى الحراك الشعبي, وترى فيها منقذا, تظل بعيدة عنها وتظل مستعدة للتبروء منها ومهاجمتها للتأكيد على التزامها بالامتثالية السياسية.

جاء البخيت إلى الدوار الرابع على صهوة الحراك الشعبي, ولقي من الدعم من قبل معظم قيادات المعارضة الجديدة, ما لم يلقه رئيس وزراء منذ وقت طويل. لكنه خيّب الظن بتخليه الطوعي عن حقه الدستوري في الولاية العامة وتردده في خوض المعارك السياسية, مما فتح الطريق أمام الموجة المعادية التي حاصرت حكومته, منذ يومها الأول, في جبهة ضمت الرأسماليين والإخوان المسلمين والليبراليين ودعاة المحاصصة, ممن رأوا في توجهات البخيت خطرا, سرعان ما تبين أنه مجرد خطر نظري. ومع ذلك لم يتم التسامح معه. وتواصل الهجوم عليه حتى آخر لحظة.

ارتكب البخيت عدة أخطاء يمكن تلخيصها كلها بعدم تمسكه بحقه في الولاية العامة, وبامتثاليته. لكن ربما كان خطأه الجوهري يكمن في اختياره لـ أو قبوله بـ فريقه الوزاري.

كان الدعم الذي تلقاه البخيت من أوساط شعبية فاعلة, قويا بأكثر مما هو منظور, لكنه استنزفه كله من دون أن يبرّ بوعوده في ضرب العناصر النيوليبرالية وتعديل قانون الضريبة واستحداث قانون ' من أين لك هذا' و مراجعة حزمة القوانين الاقتصادية للوصول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي وقوننة فك الارتباط ..الخ ثم أنه, بدلا من الهجوم على رموز الفساد الكبرى,كما كان مأمولا منه, امتثل لإقرار المادة 23 المشؤومة المخصصة لحمايتهم! .

لو خاض البخيت معركة البرنامج الوطني الاجتماعي, بروح السياسي وإقدام المقاتل, ومن دون حسابات الامتثالية البيروقراطية, هل كان سينتصر ? كلا . فالبرنامج ذاك لا يمكن تحقيقه من دون جبهة وطنية عريضة مسنودة بحراك شعبي واسع النطاق قادر على تحقيق تحولات اجتماعية سياسية جذرية. لكنه, لو فعل ذلك, لغادر الدوار الرابع وقد أطلق السياق اللازم لولادة تلك الجبهة.

أضاع البخيت على البلد فرصة ثمينة لإطلاق شرارة إعادة البناء, وأضاع على نفسه فرصة الزعامة, وخرج من الدوار الرابع مهزوما, تاركا موقعه لـ'منقذ' من صفوف التكنوقراط! أهي مأساته الشخصية أم هي مأساة البيروقراطية الوطنية التي استنفدت ممكناتها, ولم تعد قادرة على قيادة العملية السياسية التصحيحية كما فعلت مرات عديدة في تاريخ المملكة? أهو عجزه الشخصي أم أن وصفي التل لم يعد ممكنا?.

 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-10-2011 12:10 AM

I am very surprised with the contents of this article,,,Ma3ruuf al-Bakheet did not care,he knew that the post is way too big for him and that She put him twice in office just becouse he was obedient with no consideration of what so ever to what will that cost the country

2) تعليق بواسطة :
20-10-2011 04:49 AM

الاستاذ ناهض,
منذ 1993 على الاقل ودور الحكومات يتراجع امام نفوذ القصر ولا اذكر رئيسا واحدا منذ ذلك الحين تمسك او دافع عن حقه الدستوري او ولايته العامة, الحكومات في الاردن تدار من الديوان الملكي وكان هذا الوضع في عهد الملك الراحل مقبولا الى حد ما الا ان الامر زاد عن حده في العقد الاخير حتى اصبحت حكومات الديوان هي التي تتخذ القرارات وترسم السياسات حتى غدا رئيس الحكومة كرئيس بلدية مسؤوليته لا تتعدى انارة الشوارع وتزفيت بعضها.
ما تحمله البخيت تنوء به الجبال ولو لم يكن الرجل وطنيا نظيفا لبق البحصة وكشف المستور ولكنه اثر الصمت وتحمّل احراجات الديوان وتدخلاته وتخبطه احيانا ليحافظ على مكانة وقدسية تلك المؤسسة ورصيدها الشعبي الذي بدأ يتاكل.
نعم البخيت رجل نظيف ومن العلبة وهو من ابناء الحراثين وقد تم استنزاف الرجل وسمعته لتمرير قرارات لم يكن البخيت خلفها مثل المادة23 وتهريب خالد شاهين وموضوع الكازينو وتزوير انتخابات 2007 كل ذلك تم بتعليمات من الديوان ولا علاقة للبخيت بها ويوما ما سينصفه التاريخ.
لا اعتقد في الظروف الحالية سيأتي رئيس وزراء يستطيع ان يدعي بأنه سيتحمل المسؤولية الكاملة في ادارة الدولة او يتمسك بولايته الدستورية للحكومة هذا كلام للاستهلاك وستكشف لك تشكيلة الحكومةالجديدة صحة كلامي فالسياسات الخارجية والاقتصادية ستبقى بيد القصر ولن يسمح لاي كان بالتدخل بها وسيكتشف الرئيس الجديد ما عانى منه من سبقوه من الرؤساء وسنبقى ندور حول انفسنا كثور الساقية ما دامت السلطة مطلقة والقرارات فردية.

3) تعليق بواسطة :
20-10-2011 07:52 AM

Sir,with all respect everybody's past is the light for his future,,Both 3awn Al-Kasawneh and Ma3ruuf Al-Bakheet worked at Al-Dewan befor,,Al-Kasawneh was known for standing by his opinion even when he was dealing with Price Al-Hassan or his late majesty King Husain,,,Ma3ruuf Al-Bkheet was known for his absolute obediant to his superiors with no consideration if such orders were severely damaging or not and that is exactly what made her pick him to pave the way for corruption first time he was in office and to work hard on cleaning up the evedence in his second term in office,,,trust me if 3awn Al-Ksawneh will be blocked from applying his reform agenda,he would resign without any hesitation

4) تعليق بواسطة :
20-10-2011 08:06 AM

من هذاالفتح, الذكي الذي خاب املة ورجاءة في البخيت, الم تكفي تجربتة الاولى. هناك مثل دارج في سوريا يقول من يجرب المجرب عقلة مخرب. هناك رموز معارضة ساندتة لدورتة الثانية على امل سراب التعيين , وطبعا خذلهم وبعضهم اكفء واشجع منة ( تعلموا الدرس ). لننتظر العون من عون املا ان لايحتاج من يعينة .

5) تعليق بواسطة :
20-10-2011 11:26 AM

استاذي أنت تعرف وأنا اعرف أن رئيس الوزراء يعلم بأسماء حكومته بنفس اليوم الذي نعلم فيه نحن والله اللي بعده ببطن أمه بعرف من وراء كل مصايبنا بس مين الزلمة اللي بقدر يفتح ثمه ؟

6) تعليق بواسطة :
20-10-2011 11:54 AM

على الرغم من معرفته بحجم الاحتجاجات التي صدرت على تعيين وزير البلديات ومخاوف وشكوك الكثيرين بقدراته، الا ان البخيت اصر على ابقائه بنفس المنصب بعد التعديل الوزاري، وبالفعل كان موضوع البلديات هو القشة الحاسمة التي قصمت ظهر وزارته، ولطالما طرحنا له العبر لكنه لم يعتبر ولا اسف على ذهابه مطلقا.

7) تعليق بواسطة :
20-10-2011 12:51 PM

اخي الكريم,
نستطيع ان نعلق فشل دولة البخيت على شماعة الملكة ان اردنا ذلك ولكن علينا ان نعترف بان نفوذ الملكة كان اقوى من نفوذ اي رئيس وزراء في العشرة سنوات الاخيرة وسبب ذلك يعود الى الدعم المطلق والثقة المطلقة لها من جلالة الملك حتى ظن الكثيرون ان مخالفة اي تعليمات للملكة تعني مخالفة رغبة الملك فمن من هؤلاء يستطيع مخالفة رغبات الملك الا اذا كان يبحث عن انتحار سياسي؟ قد تكون نشأة البخيت العسكرية عوّدته على قول نعم سيدي حاضر سيدي ومن خدم في الجيش يعرف معنى ( نفذ ثم ناقش ) ومع ان هذا لا يشفع لرئيس وزراء ولكن من من رؤساء الوزارات في الاردن منذ وصفي التل يستطيع ان يقول للملك لا يا سيدي هذا قرار غير دستوري؟؟ فهل يختلف البخيت عن ابو الراغب الذي سجل اراضي الدولة باسم الملك وهو يعرف ان ذلك غير دستوري؟؟ وهل يختلف عن فيصل الفايز الذي حول قيمة المنحة النفطية وهو يعرف ان ذلك غير دستوري؟ وهل يختلف عن نادر الذهبي والذي جنّس الالاف بتواطؤ مع باسم عوض الله وعيد الفايز وهو يعرف ان ذلك غير دستوري؟.
اخي الكريم ما اردت قوله هو ان الدولة تدار من الديوان والرؤساء مجرد ديكورات رمزية لاتحل ولا تربط وكذلك الاجهزة الامنية والتي دستوريا تعتبر مناطة برئيس الوزراء اصبحت تدار من الديوان مباشرة اضف اليهم السلطة التشريعية بدكانتيه الفوقانية والتحتانية واذا ما تنبه الرئيس الجديد لهذا الوضع فسيحرقونه كمن سبقه من الرؤساء واذا ما رفض الامتثال لتعليمات الديوان سيتم حرقة في غضون اشهر فكتّاب التدخل السريع جاهزين ونواب الكبسة بانتظار رنّة التلفون لينقلبوا عليه جميعا لنبدأ رحلة البحث عن منقذ جديد للازمة وهكذا دواليك.
واخيرا الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية احترم رأيك واستمتع بتعليقاتك.

8) تعليق بواسطة :
20-10-2011 12:53 PM

الاخوة كل الاردن اذا كان تعليقيالثاني الى الاخ المغترب غير قابل للنشر فارجو الاعتذار حتى اعرف ان التعليق قد وصل ودمتم.

9) تعليق بواسطة :
20-10-2011 03:31 PM

Sir,I totally agree with you and I happen to know both of them very well,Awn Al-Kaswneh was not a "choice" but a "must" to save the country.... as a highly respected International Judge who gained his post by being independent he will not accept any intervention and would just resign and leave,they know that,and can not afford that he leaves becouse of intervetion,,,,,and as you mentioned ,I have no doubt that the beneficiaries will fight him becouse if they dont then they will end up in prison, I thank Khaled Al-Majali and kul Al-Urdun for allowing such a frank and sincere dialogue between patriotic Jordanians like your good-self and me

10) تعليق بواسطة :
20-10-2011 04:21 PM

لقد بات من المؤكد أن كل "علبه" فيها أصناف

الشعارات التي تبنت أن "علبة" فلان هي أفضل للبلد ولإبن البلد، من "علبة" فلنتان صناعة بلجيكا أو إدلب أو غروزني! أثبتت قصورها وقصر نظرها "ولعبها" المبتذل على عواطف الشعب الغاضب والطيب والكريم، الذي صدقها قبل الحكومة السابقة، وكفر بها بعدها!

الموضوع ليس نوع "العلبة" الموضوع من أي فكر وخلفية ثقافية وطبقة إجتماعية من "العلبة" يأتي "اللاعب"! فالخلل لا يزال بعد تجربة "العلبة" الاخيرة هي 5% من كل "العلب" بمواجهة-95% من كل "العلب" أيضا!!

كل "علبة" وانتم بخير!

11) تعليق بواسطة :
20-10-2011 10:38 PM

لن يأتي مثل "وصفي التل" لانه سيلاقي نفس المصير

الموجة المعادية التي حاصرت حكومته, منذ يومها الأول, في جبهة ضمت الرأسماليين والإخوان المسلمين والليبراليين ودعاة المحاصصة,

يعني مش فاهم هل تعتقد يا ناهض ان البخيت من مدرسة الوطنيين الاردنيين اذا مبروك عليكم اما انه الجبهة المعادية له بما ذكرت هل تعتقد ان البخيت اشتراكي ليحاربه كل ما ذكرت من راسماليين واسلاميين وليبراليين...

ودمتم

12) تعليق بواسطة :
20-10-2011 11:02 PM

For Mr Ryad: you might be right in the case of albakheet but the case of alkhasawneh will be totally different for just a reason where no other chance to be given to his majesty for cleaning the corruption and has no time left >There might be one choice later where he give up his responsibilities to one of the family member and will be a real and very dangerous for jordanians and countries around us > a

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012