24-10-2011 08:15 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
بعد ان ينفضّ اليوم –على الارجح- "مولد" التشكيلة الوزارية الجديدة، وننتهي من الجدل حول " الاسماء" والحقائب، ومعايير الاختيار واسراره ايضا سنجد انفسنا –بالتأكيد- امام السؤال الاهم وهو: ما هي الخطوة التالية؟
اعتقد ان الرئيس اكتشف –على مدى الايام الماضية التي استمع فيها الى آلاف النصائح والاقتراحات- بان احوال البلد قد تغيرت، وبأن مهمته في تجاوز الأزمة السياسية تبدو اصعب مما كان يتصور، فأمامه تركة ثقيلة من "الملفات" الملغومة، ونخب تتصارع على "المكاسب" تارة باسم الاصلاح وتارة باسم التخويف منه، وشارع ملتهب مثقل بالخيبات واوضاع اقتصادية "صعبة".. ومطالب محرجة.. وتعديلات دستورية يشعر انها "تقيد" حكومته.
ما هي الخطوة الاولى اذن؟ يصعب على المراقب ان يفهم ما حدث على صعيد الاستعدادات التي جرت في الايام الماضية "لولادة" التشكيلة الوزارية، فبينما كانت الانظار تتجه الى موقف الاسلاميين من المشاركة في الحكومة "وهو معروف سلفا" دخلت حماس على الخط، وانتهى الاخوان الى الاعتذار عن المشاركة مع التأكيد على "دعم الحكومة في توجهاتها الاصلاحية" وبينما كانت التوقعات تشير الى تبلور مرحلة جديدة "استثنائية" بصناعة حكومية مختلفة سواء من جهة الخطاب السياسي ومضامينه او من جهة الاشخاص الذي سيتولون المهمة الجديدة ومعايير اختيارهم وجدنا انفسنا امام "حالة" مألوفة وكأننا وقعنا في فخ "رفع سقوف التوقعات" او لم نجد فيما طرح من "بدائل" الا ما جربناه فيما مضى.
لا يوجد "للاسلاميين" مشكلة مع الرئيس الجديد، مشكلتهم في الاساس مع "الشارع" الذي يحاولون ان يلحقوا به، ومع "الاصلاح" الذي لم يرَوْا منه بعد ما يقنعهم او يدفعهم للنزول من اعلى الشجرة، ولا يوجد ايضا لدى "الحراكات الشعبية" مشكلة مع الحكومة ورئيسها وهم ينتظرون ما يمكن ان يفعله وبالتالي فان البحث عن الخطوة الاولى يبدو مشروعا لانه سيتوقف عليها مدى جدية الحكومة في الاجابة عن اسئلة الناس المعلقة وفي فتح "الملفات" الملتبسة، وفي استمالة عقول الشباب وقلوبهم وانتزاع ما بداخلهم من شك وخيبة وخوف من "تعطل" قطار الاصلاح او من التعامل معه بمنطق التقسيط والالتفاف كما حصل في الشهور الماضية.
ما علينا، اذا تجاوزنا ما جرى في الايام الماضية فان المطلوب من الحكومة ان تبدأ "بخطوة" كبيرة ولو سألتني ما هي؟ لقلت: ملف الفساد.. ذلك ان كل الشعارات التي شاهدناها في الحراكات كانت متفقة على هذا العنوان.. واذا ما نجحت الحكومة في الذهاب فورا اليه وبسقف يتناسب مع "المطالب" الشعبية فانها ستبعث بأهم رسالة تطمين الى الناس لتستعيد ثقتهم ولتطوي صفحات الجدل المثار حول كثير من التفاصيل الاخرى.
اخشى ما اخشاه ان نبقى طويلا بانتظار "الخطوة الاولى" واقصد – هنا- اي خطوة تحظى بقبول الناس وتستجيب لمطالبهم، وان ننشغل بالتفاصيل والمبررات او بملاحقة "الازمات" لاطفائها او "بنقل" الفزاعات من جهة الى اخرى.. عندئذ سنكتشف بأننا كمن لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى .. لا سمح الله.