د. خالد واصف الوزني

يكتنز الاردن طاقة بشرية تزيد عن (150) الف متقاعد عسكري معظمها من الطاقات القادرة على العطاء في شتى مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. ولعل ما يميز تلك القوة الاقتصادية الهائلة هو حسن التأهيل والتدريب والتنظيم، بفضل الاستثمار في رأس المال البشرية الذي تقدمه القوات المسلحة والاجهزة الامنية خاصة في مجال بناء القدرات عبر برامج تدريب جادة ومتميزة  داخل البلاد وخارج البلاد، ما يؤهل المتقاعد لان يكون موردا اقتصاديا تنافسيا يمكن الاستفادة منه في عملية التنمية الاقتصادية ودعم القيمة المضافة للبلاد، بيد ان  معظم تلك الطاقات النوعية تتعطل بعد تقاعدها نتيجة عدم التخطيط السليم لدماجها في الحياة الاقتصادية وعدم الاستغلال الامثل لطاقاتها وتدريبها النوعي. وتعد الميزة التنافسية لهذه الطاقات البشرية تنوعها الكبير في شتى مجالات العمل المهني والماهر. فهي نطاق واسع من التأهيل يبدأ عند ابسط انواع المهن والوظائف ولا ينتهي عند أي حد من حدود الوظائف المعقدة في الطب والهندسة والتكنولوجيا والاتصالات وغيرها، ناهيك عن تعدادها الكبير واكتنازها لخبرات ومهارات قلما تجدها في اي طاقة بشرية مشابهة في البلاد او المنطقة. المنطق الاقتصادي الرشيد يحدد التحرك في ثلاث محاور عملية للاستفادة من تلك الطاقات لخدمة الاقتصاد الوطني واهداف التنمية في بلد محور استدمة التنمية فيه الانسان.
ويأتي على رأس تلك المحاور ضرورة تأسيس مرصد وطني لحصر الكفاءات المتقاعدة ضمن قاعدة بيانات توضح مؤهلات كل متقاعد، وخبرته، وتخصصه الدقيق، والدورات التي انخرط، والمقصود هنا ان نتعرف على الثروة البشرية التي نتحدث عنها وعن اوجه وامكانات انخراطها في القطاعات الاقتصادية كرافعة لدعم القطاعات التي تحتاج الى تلك الطاقات. وهذا يقود الى المحور الثاني والذي يتلخص في انشاء هيئة لتسويق تلك الكفاءات والترويج لها لسد حاجات السوق المحلي والاقليمي والدولي في المجالات المختلفة. اما المحور الثالث فيتمثل في تأسيس ما يمكن تسميته بشركة قابضة برأس مال تأسيسي يمكن الاتفاق عليه، وتكون على شكل صندوق سيادي، ملكيتها بالكامل للمتقاعدين العسكريين الحاليين والقادميين من خلال اسهم غير قابلة للبيع للغير او التدوال، ويمكن توريثها للمعاليين للمتقاعد فقط، بحيث يخصص عدد من الاسهم لكل متقاعد بما يؤهله الاستفادة من توزيع ارباح الشركة. وبحيث تعمل الشركة على تأسيس مجموعة شركات منها شركة كبرى للخدمات اللوجستية، ليس فقط في الامن والحماية، بل في شتى المجالات اللوجستية في قطاعات الصحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والسياحة خدمات النقل والتوزيع وغيرها، كما تستثمر الشركة القابضة استثمارات مباشرة اخرى أو عبر تملك اسهم في الشركات الوطنية الكبرى الرابحة مثل الاتصالات والفوسفات والبوتاس وبعض البنوك، ما يعني الاستفادة من الارباح التي تحققها تلك المؤسسات. وختاما فان الموضوع يحتاج الى تخصيص فريق عمل لدراسة الافكار المطروحة والخروج بتصور كامل حول امكانية الاستفادة من اهم كنز بشري يكتنزه الاردن ولم نستفد منه باعتقادي بشكل نوعي في خدمة افراده او خدمة الاردن حتى الان.      
kwazani@orange.jo