31-10-2011 08:28 AM
كل الاردن -
طاهر العدوان
البلد كله, نظاما وشعبا, يواجه استحقاق الاصلاحات الديمقراطية, لكن من الواضح بعد تشكيلة الحكومة ومجلس الاعيان ان هناك وجهتي نظر متضاربتين حول معالم الطريق الذي يقود الى انجاز هذا الاستحقاق الوطني.
من وجهة نظر الحكومات لا تزال سياسة الاسترضاء تقوم على اسس جهوية وعشائرية, وتتقدم على هدف بناء المؤسسات المنتخبة انتخاباً حراً, ولقد تجسد الاسترضاء في مسألة تشكيل كل من الحكومة ومجلس الاعيان.
من وجهة نظر قوى الحراك الشعبي والحزبي هناك تأكيد بان ماهية ادوات الاصلاح في المرحلة الانتقالية تحدد معالم الطريق المنشود, اهمها الوصول الى مجلس نيابي وحكومة نيابية يقتنع الاردنيون بانهما يمثلان الطموحات الجديدة لهم. وهنا لا ينفع الاسترضاء وتوزيع المناصب والوظائف, لان دور الوسطاء والوجهاء اصبح ضعيفا ومحدودا نتيجة سياسات حكومية طويلة تعمّدت تهميشهم باختيار »وجهاء بدلاء« لا يمثلون غير انفسهم.
لقد توهم السياسيون في العاصمة بان المواطنين في المحافظات والعشائر لا يزالون تقليديين يتحكم (الوجهاء) في قناعاتهم السياسية, غير ان حركة المعلمين اظهرت قوة الفئات الاجتماعية (المستبعدة) من اي دور, وجاءت قوى الحراك الشعبي التي تنزل الى الشوارع كل يوم جمعة منذ 10 اشهر لتثبت ان لها وجوداً واسعاً وتعتمد على الشباب, ولها قدرة كبيرة على الحشد والتعبئة خلف اهداف وطنية.
تتميز القوى الاجتماعية الصاعدة, برفع مطالب ذات طابع سياسي ديمقراطي على نطاق وطني عام. ومن الايجابيات المشهودة لقوى الحراك الشعبي انها تقوم بالتواصل بين بعضها في مختلف المحافظات والمدن في بيان اسبوعي مشترك, تجدد فيه مطالبها الاصلاحية.
للتعامل مع هذه القوى الاجتماعية الجديدة, يفترض استبعاد اساليب الاسترضاء (البالية), مثل عرض وظائف وغيرها, كما تسرب من انباء خلال الاشهر الاخيرة, كما يتطلب الامر التخلي عن قناعات ولّى عهدها, تزعم بان كسب ولاء فئة اجتماعية واسعة يتم باسترضاء اشخاص معينين على اسس عشائرية او جهوية.
هذه السياسة تناقض بشكل صارخ الهدف النهائي لعملية الاصلاح كما ينادي بها رأس الدولة وفي برامج الحكومات الثلاث الاخيرة, كما ان هذه السياسة تُعيد انتاج ممارسات قديمة تمثل تراجعا خطيرا الى الخلف في وقت تتطلع فيه جميع شعوب المنطقة الى المستقبل, وهذه السياسة تشوه مفاهيم الاصلاح وتضر كثيرا بمسألة تعزيز الوعي الشعبي بالديمقراطية مثل دفع الاردنيين وتشجيعهم على الانتساب للاحزاب ذات البرامج والى اقامة تكتلات انتخابية برامجية على مستوى قوائم المحافظات والقائمة الوطنية.
لم يعد غير الغارقين في الخوف والوهم والتردد من يعتقد بان اصلاح النظام بروح ديمقراطية منفتحة على الجميع سيؤدي الى اضعافه وتدميره, على العكس فان انجاز عملية الاصلاح بمشاركة شعبية واسعة, تبدأ بالاعتراف والتحاور مع القوى الاجتماعية الصاعدة, سيؤدي حتما الى نظام ديمقراطي ملكي نيابي قوي.
يجب تشجيع قوى الحراك الشعبي على اخذ دورها كلاعب سياسي, باعتبارها تمثل وعيا متقدما يناسب العصر, ومن الخطأ تجاهلها في الوقت الذي تتحول فيه المنطقة العربية الى مرحلة (الشعب مصدر السلطات) ومواجهتها باساليب سلطوية بالية من الاسترضاء وتوزيع المناصب, في الوقت الذي يطرح فيه الحراك الشعبي مطالب ديمقراطية عصرية, تبدأ بحق الشعب في انتخابات حرة وحكومة برلمانية ثم ارساء العدالة في توزيع عوائد التنمية على الجميع. ان هذه المطالب يلتقي عليها اغلبية الاردنيين لانها تمثل الطريق الى الاردن الجديد.0
taher.odwan@alarabalyawm.net