23-11-2011 11:27 PM
كل الاردن -
د. رحيّل غرايبة
شعار الشعب الأردني 'اصلاح النظام' هو تعبير شعبي مؤدب عمّا يقصدونه من إحداث ثورة بيضاء, شاملة وجذرية لبنية النظام السياسي, ومنهجية إدارة الدولة بالكامل, بحيث ينتقل الأردن كلّه شعباً ونظاماً ودستوراً من حالة إلى حالة ومن مرحلة إلى مرحلة, من حالة الشللية والفساد والمحسوبية إلى حالة صحية سليمة تتسم بالمؤسسية الحديثة المتطورة التي تقوم على اختيار الأكفياء الأمناء, ومن مرحلة دولة الاستبداد إلى مرحلة الدولة المدنية الديمقراطية الحقيقية.
إنّ منهج الحكومات المتعاقبة في الإصلاح القائم على تعديل مادة هنا, وإضافة مادة هناك, وتبديل قانون بقانون وإدخال ديباجة مليئة بعبارات الطمأنة, والجمل الإنشائية, وتشكيل لجنة, وحل لجنة, وتبديل وجوه بوجوه, واستخدام أسلوب إطفاء الحرائق, واقتناص شخص هنا, وتخويف شخص هناك, واتباع أسلوب نشر الإشاعات, وتفريق التجمعات, كل هذا وذاك عبارة عن تضييع للوقت وهدر للفرص, وحشو للرأس في الرمال, وزحف غير مسؤول بالوطن والجماهير نحو حافة الانفجار.
أعتقد جازماً أنّ الأردن يقترب من الدّور المحتوم, وأنّ إعصار التغيير قادم, لا يستطيع أحدٌ أو جهةٌ داخلية أو خارجية, أن يتنبأ بلحظة الانفجار الشعبي الذي يتوقف على شرارة تنقدح في أيّ لحظة.
وأعتقد جازماً مرةً أخرى, أنّ الأردن شعباً ونخباً ونظاماً قد أخذ فرصته الكاملة بالاستعداد الجيد المدروس لتلافي أسلوب الفوضى والتحرك غير المحسوب والمستقبل المجهول, وأعتقد جازماً أنّ الفرصة لم تلتقط, ولم يتمّ الاستعداد الصحيح للانتقال بالأردن نحو المستقبل الآمن, وكل ما تمّ حتى الآن وبمنتهي الصراحة والمكاشفة لم يمس جوهر التغيير المطلوب مطلقاً وبكلّ معنى الكلمة, وما زالت الأوضاع تراوح مكانها, شللية ومحسوبية وفساداً.
وفي هذا الصدد نحن بحاجة إلى زيادة جرعة المصارحة والمكاشفة لنقول: أنّ كل ما تمّ حتى الآن لم ينقل الأردن إلى الوضع الديمقراطي الصحيح الذي لا يختلف عليه اثنان; لأنّ الشعب لم يستعد سلطاته الكاملة ولا المنقوصة حتى هذه اللحظة, وما زال الشعب الأردني مغيباً عن المشاركة في تقرير مصيره, وحفظ هويته, وصيانة مقدراته وأرضه وشواطئه ومؤسساته, وما زال الفساد هو صاحب الجولة والصولة.
وفي هذا الصدد يجب التوافق على أنّ أي محاولة لفرض حالة من الإصلاح الشكلي المنقوص, سوف تكون نوعاً من أنواع العبث السياسي المكشوف لدى جماهير الشعب الأردني, ولن يشكّل ذلك أي خطوة أو قفزة بالاتجاه الايجابي, بل على النقيض, سوف يسهم ذلك بمزيد من الإحباط والتوتير الذي يعد وقوداً للانفجار غير المحمود.
كما ينبغي التوافق على عدم اللجوء إلى العنف أو استخدام القوة; لأنّ استخدام العنف والقوة سوف يكون الشرارة التي تشعل لهيب البركان الذي يغلي, والذي لا يسمع أزيزه زبانية الفساد وأرباب التزلف والنفاق الذين ما يزالون يستثمرون الوقت في زيادة حصتهم من دماء الفقراء المعدمين والمهمشين.
إنّ الذي يظنّ لحظةً أنّ استخدام القوة أو التلويح بها أمرٌ مفيدٌ ومجد في معالجة الظرف القائم إنّما هو غارقٌ في جهلٍ مطبق أو متمتعٌ بمستوىً من الحمق السياسي الذي لا علاج له.
ومما ينبغي التوافق عليه أيضاً عدم الانخداع بصمت الفئة الغالبة أو الصامتة أو الهامسة, فهذا يشبه ذلك الماء المتجمع في البركة الترابية, التي تصبح طوفاناً عند أي ثلمةٍ تحدث, أو صخرةٍ تنزلق.
وأخيراً يجب التحذير من الإنصات إلى رأي المنتفعين والمتزلفين, والمنافقين, وأتباع أنظمة الفساد, وأيتام الاستبداد, والطابور الخامس, وكل الواقفين ضد ثورة الشعوب العربية, والمتضررين من التغيير, ومن الحمقى والمغفلين والمنسلخين من أمّتهم, والمعادين للمشروع الحضاري العربي الإسلامي الوحدوي الكبير القادم طوعاً أو كرهاً.0
rohileghrb@yahoo.com