29-11-2011 10:09 PM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
تستنفر الحكومة جهودها –وهذا من حقها- لتحصل على ثقة “وازنة” من مجلس النواب، ومن خبرتنا المتواضعة في تجارب معظم مجالسنا النيابية مع الحكومات نطمئنها بانها ستكسب الثقة ونبارك لها سلفا بهذا الانجاز.
لكن الاهم من ثقة النواب هو ثقة الناس الذين ارتفعت اصواتهم في الشارع مطالبين بالاصلاح وهذا هو الاختبار الحقيقي للحكومة التي وعدت بالعمل على “انقاذنا” من ازمتنا السياسية وبالإسراع في فتح الملفات المغلقة والمعلقة وبمعالجة الأمراض الطارئة والمزمنة التي اصابت بلدنا في السنوات الماضية.
لا مجال –بالطبع- لعقد صفقات سياسية مع الشارع طالما ان “الإصلاح الحقيقي” هو هدفه، ولا مجال ايضا للاحتماء بالاغلبية الصامتة او المؤيدة ما دام ان “احتجاجات” الجمعة تخرج اسبوعيا من الاطراف المهمشة لتذكرنا بأن الإصلاح قد تأخر وبأن التأخير فيه خيار سيئ ومكلف، وما دام ان دورة العنف الاجتماعي استعادت دورانها وما كانت لتفعل ذلك لو نجحنا في اشغال الناس بمشروع حقيقي يستوعب طاقاتهم، ويعيد اليهم الأمل بمستقبلهم ويجمعهم على ارضية البناء لا الهدم والعمل لا الفراغ والثقة بالمؤسسات والمقررات والخيارات لا اليأس من ذلك كله.
معيار النواب لمنح الثقة للحكومة او حجبها؛ هو البيان الوزاري ومعيار الناس لهذه الثقة ؛هو الانجاز على الأرض واذا كان بوسعنا ان نقدم “جردة” حسابات عن ما انجزنا –في ظل ثلاث حكومات حتى الآن- وبعد عشرة شهور من انطلاق “مارد” الشعوب العربية وهي –للاسف- متواضعة جدا، فان ما يدهشنا حقا هو اصرار البعض على التعامل مع مطالب الناس بمنطق الاستهتار؛ وكأن “ثقتهم” في الجيب، او تحصيل حاصل او كأننا لم نتعلم من تجارب الآخرين الذين “فهموا” بعد فوات الأوان او استيقظوا من “الاحلام” على كوابيس مفزعة لم يخرجوا منها حتى الآن.
نظرة واحدة على ما يجري في عالمنا العربي تكفي؛ لكي نسأل انفسنا: لماذا لم نخرج من دوامة الحديث عن الاصلاح والجدل حول “اولوياته” ومواصفاته الى ميادين “الاصلاح الفعلي التي تمشي فيها البرامج على قدمين؟ لماذا لم نتوافق بعد على قانون “انتخاب” فيما غيرنا انتهى من القانون ومن اجراء الانتخابات ايضا؟ لماذا نغطي على “ملفات الفساد” الكبرى ونخشى من كشف “الفاسدين” الذين سرقوا اموالنا واعمارنا؟ لماذا نصر على العمل تحت ضغط الشارع وبمنطق “الجرعات” بدل ان ندفع الشارع الى الانخراط في الاصلاح من البوابات المشروعة التي تفتحها “الديمقراطية” الحقيقية؟
اذا ارادت الحكومة ان تجتاز امتحان ثقة النواب –وهو امتحان سهل- الى امتحان ثقة الناس –وهو الاصعب- فالمطلوب منها ان تتحرك بلا ابطاء لمواجهة اسئلة هؤلاء التي اصبحت معروفة للجميع، واخشى ما اخشاه ان نتصور بان ما نقدمه من اجابات “مبهمة” او مغشوشة سيقنع ابناءنا الذين كسروا حاجز الخوف والتردد، واستلهموا ما فعله اقرانهم في هذا الربيع العربي الذي لم يكسر عصا ثوراته بعد، لاننا اذا تصورنا ذلك للاسف سنقع في المحظور الذي طالما دعونا غيرنا الى تجنبه وسنكتشف بأننا اخطأنا في العنوان.. لكن بعد فوات الأوان .
دعونا نصلّ من اجل الا يحصل لبلدنا اي مكروه.