نبيل غيشان
يكبر حبنا للشهيد وصفي التل كل لحظة, الاردنيون اليوم اكثر وعيا بمشروع وصفي التل السياسي المقاوم ومشروع البناء الوطني, لماذا احببناه? ماذا ميزه عن غيره?

كان وصفي التل رجلا قريبا من القلب وصاحب رؤية وبرنامج , احبه الاردنيون لانه يشبههم , ولم يتكبر عليهم او يبتعد عنهم , كان نموذجا للقائد الذي يمتلك صفات شجاعة القلب ونظافة اليد, فقاد الكتائب العسكرية في مواجهة العصابات الصهيونية وحارب على الجبهة الداخلية ضد الفساد والمفسدين, وقاد حملات الاعمار والزراعة بيديه , مقدما نموذجا فريدا للقائد الذي يعيش هموم شعبه, لا بل يعيش واقع شعبه ويقدم لمرؤوسيه مثالا يحتذى به.

ويفتخر وصفي التل بانه الحراث ابن الحراث, فاحب الارض وكانت الزراعة احد ابداعاته, وكان دائم الحديث عن التطوير الزراعي والاعتماد على الزراعة لانها عصب الحياة, وسبق و عمل مديرا للاذاعة الاردنية فتابع الاخبار وكتب التعليقات وشارك في كتابة بعض الاغاني الوطنية, سبق ذلك التحاق ميداني بالعمل الجهادي في فلسطين.

ويربط وصفي التل الوجود الاردني بعنوان واحد هو 'المعركة' لانه كان يرفض الحلول السلمية مع الاحتلال , فكان يدعو الى التحضير لمعركة التحرير ومعركة البناء الداخلي, فهو صاحب فكرة العمل الفدائي وحرب العصابات والانتفاضة الشعبية والجبهة الرابعة التي تفتح من خلال 'تثوير الارض المحتلة' لانه مقتنع بان 'مأساة الشعب الفلسطيني هي مأساة الاردن' وهذا هو مختصر مشروعه القومي.

لذلك رفض وصفي التل العمل العسكري العشوائي عبر الحدود مع فلسطين, لانه كان يعتقد ان المعركة الحقيقية هي للجيوش لا للعناصر الفدائية الفردية, لذلك كان موقفه صلبا في حرب ايلول من منطلق رفض التمرد على الدولة ومن باب المحافظة على الولاية العامة للدولة وسيادتها على اراضيها وقد استشهد وصفي دفاعا عن دولة المؤسسات والقانون التي تحترم مواطنها وتدافع عنه.

ويكفي وصفي فخرا انه استشهد وهو لم يكمل ال¯ 52 عاما من عمره, تصوروا لو انه عاش عشر سنوات او هو عائد ليرى وضعنا اليوم, اعتقد انه سيولي هاربا الى 'كفنه'.

لم يحظ رئيس وزراء اردني باغنية في الاذاعة الاردنية سوى وصفي التل عندما غنت سلوى العاص:

رفن رفوف الحجل رفن ورا رف

و خيل أصايل لفت صفن ورا صف

أقول يا صويحبي يكفي عتب يكفي

ويا مهدبات الهدب غنن على وصفي

وبعد استشهادته اضيفت ابيات جديد للاغنية منها:

يا مغلين أرضنا ومرخصن دمك

السنديان استند ع جبالنا وضمك

يا وصفي يا رمحنا الموت ما همك

قلت يا أرضي ارتوي ويا نبع لا تجفي.

رحمك الله واسكنك مع الصديقين والابرار.0

nghishano@yahoo.com