أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025


نصرالله بين عاشوراء بعيدة واخرى جديدة
11-12-2011 08:25 AM
كل الاردن -

 

alt
 حسين الرواشدة
 
 
 
ترتبط عاشوراء في الذاكرة الاسلامية برمزين، احدهما: سقوط الطغاة وانتصار الدم على السيف والتضحية من اجل المبدأ والكرامة والهدف، والآخر انتصار الحق ونجاح اصحابه والاعتماد على الله تعالى في دحر الغزاة والظالمين.
 
عاشوراء هذه المرة كان لها معنى اخر،فقد انطلقت الشعوب العربية الى الميادين؛ لكي تستعيد كرامتها وترفض(السلة والذلة) وتسقط الظلم والاستبداد، وهو مشهد يذكرنا بحدثين في التاريخ، يتزامنان (يا للمصادفة) معا؛ احدهما نجاة سيدنا موسى وغرق آل فرعون والاخراستشهاد الحسين ورضيعه في اسوأ مواجهة عاشها المسلمون، ومع ان صور الاحتفاء بذكرى المناسبتين قد اختلفت تبعا للفهومات الدينية والتاريخية لدى اصحاب المذاهب الاسلامية (اخواننا الشيعة عادوا الى عام 61 للهجرة الذي استشهد فيه الحسين بن علي رضي الله عنهما، وأعادوا قراءة المقتل وممارسة الندب واللطم ورواية سيرة الشهيد في الحسينيات والتجمعات الشيعية واخواننا السنة احيوا المناسبة بالصيام شكرا لله تعالى الذي نجى سيدنا موسى عليه السلام وقومه من آل فرعون، كما فعل ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم) الا انهما يجتمعان على ارضية واحدة تختزل مفهوم انتصار الحق على الباطل، والمظلوم على الظالم، والكرامة على الذلة، والصبر على الخوف، والقلة المؤمنة على الكثرة الطاغية.
 
لا ادري اذا كان السيد حسن نصرالله انتبه الى هذا التزامن وهو يستذكر سيدنا الحسين وثورات الشعوب العربية التي “استلهمت” هذا النموذج، صحيح ان “السيد” قد اشهر فيما مضى تأييده لكل هذه “الثورات” لكن حين التفت الى “الثورة” السورية تغير تماما، و”جدّف” عكس التيار، ولم ير فيما يحدث سوى “مؤامرة” تستهدف اقامة “نظام عربي للخيانة” فيما الدماء التي تسيل كل يوم لا تستحق اي اهتمام، وفيما صرخات “هيهات منا الذلة” التي انطلقت لم تمسّ اسماع “السيد” ولم تذكره بما قاله الحسين قبل نحو 1500 سنة وهو يرى طفله يذبح امامه.
 
تُرى، هل اخطأ السيد نصرالله حين انحاز لمنطق السياسة، بما تفرضه من مصالح وحسابات، وغضّ الطرف عن المبادىء التي اعاد علينا دروسها في ايام “عاشوراء”، هل يمكن “للايديولوجيا” ان ترى بعين واحدة وان تتكلم بلسانين وان تعطي “الضمير” فسحة للاجازة والاستجمام؟
 
لا يمكن لأحدنا ان يتجاوز المقارنة بين مشهدين: مشهد “عاشوراء” البعيد بما يحمله من ثورة ضد الظلم والاستبداد ومن “محنة” الاقلية وهي تخرج للمطالبة بالحرية والشرعية ومن اصرار على “الموت” من اجل انتزاع العدالة والكرامة ومشهد “عاشوراء” الجديد في سوريا حيث يخرج الناس لانتزاع كرامتهم وردّ الظلم عنهم ومواجهة “جلاديهم” بالاصرار على انتصار “الدم” على السيف والضحية على الجلاد والحق على الباطل.
 
يمكن ان نفهم سياسيا موقف حزب الله من سوريا: النظام والثورة ويمكن ان نتفهم “مفارقات” المقاربة بين عاشوراء التي انتصر فيها الدم على السيف وعاشوراء الاخرى التي يريد السيد نصرالله ان تنتصر فيها “الوحدة” والممانعة على “المؤامرة” ومخاوف التقسيم والتدويل لكن ما لا نفهمه هو هذه “الجرأة” في الانحياز ضد “الدم” الذي يسيل وضد الشعب الذي يثور وضد المستقبل الذي يفترض ان تجري الحسابات له على قاعدة ما يقرره الشعب لا ما يقرره النظام وعلى اساس ان مصلحة “الحزب” لا تختزل في شخص وانما في “بلد” وفي “مبادىء” لا مجرد مصالح وفي مشروع عابر للانظمة وقائم دائما على ارادة الناس وخياراتهم.
 
كان يمكن لحزب الله ان “يصمت” كما فعلت حماس وان يترك للسوريين ان يقرروا ما يريدونه او ان يكون “وسيطا” نزيها لمساعدة سوريا لكي تتجاوز ازمتها لكنه اختار موقفا آخر لا نعتقد انه في مصلحته على المدى البعيد ولا في مصلحة السوريين الذين كانوا اول من “احتضن” المقاومة واول من ساندها في مواجهة العدوان الاسرائيلي.
 
كان يمكن ايضا لعاشوراء ان ترشد حزب الله الموقوف على “موازين” عادلة ازاء الثورات العربية وازاء صراع “السيف والدم” الذي يتكرر وازاء حتمية انتصار “الفكرة” مهما استبد خصومها في استئصالها لكن ذلك لم يحدث وهو ما يجعلنا نشعر بالخيبة.
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
11-12-2011 10:29 AM

شكرا لك ... مقالة رائعة جدا .. ودعني سيدي ان اضيف لو تكرمت نقطتين مهمتين .. 1- وقف حسن نصرالله امام المشهد السوري على مفترق طرق اما ان ينتصر للثورة وبذلك يتماهى مع مبدأ المقاومة الحقيقية ويكسب الشارع السوري والشعب وبذلك ياخذ القيمة الفضلى للمقاومة وبذلك تتحول قضية المقاومة من ورقة سياسية بيد النظام السوري ليقايض بها مواقف دولية الى قاعدة حديدية تستند الى الشعب الذي لا يزول ابدا.. او ينتصر للنظام من منطلق المطعم الذي سد رمق الحزب سياسيا واقليميا وطائفيا ومصالحيا مع ايران وبذلك يضحي بالمبدا الأخلاقي لمفهوم القاومات في العالم 2- سقط حزب الله سقوطا حرا في انتصاره للنظام السوري بحيث ربط مصيره بمصير النظام ,, التجربة التاريخية اثبتت ان الشعوب ابقى من حكامها ..3- اسم الحزب ( حزب الله ) اي وليه الله .. لكن بعد الموقف من الثورة السورية اصبح وليه النظام الإستبدادي .. وهذا تناقض مع مبدأ الدين ايضا 4- كنا نعتقد خطأً في السابق عندما كنا متعاطفين خطأً معهم بأن خيارهم كان (قهريا) بأتكائهم على نظام ديكتاتوري قمعي في اسنادهم وتقديم الدعم لهم مع خلو الساحة العربية لأي داعم للمقاومة .. ولكن تبين اننا كنا على خطأ.. بل خطأ فدح جداً جداً...

2) تعليق بواسطة :
11-12-2011 09:06 PM

الاجدر بنا نحن ان نصمت ؛ لان الصمت لنا من ذهب، واي انهيار للاوضاع في سوريا سنجد اسرائيل متفردة بنا في هذه المنطقة وسوف تطبق الوطن البديل وتنهي الدولة الاردنية ويتحول الشعب الاردني حقا الى هنود صفر لا حول لنا ولا قوة، وبالتالي فنحن الاولى بالصمت ايها الاسلامي المثقف المحترم.
اما السيد حسن نصرالله فالكل يعرف انه صاحب مشروع اشبه بمشروع ابي فراس الحمداني وهو مشروع المقاومة الاسلامية العزيزة والتي اثبتت وحققت انجازات مذهلة عجز جميع العربان عن تحقيقها وبالتالي لجاوا للتامر عليها لارضاء اسيادهم من بني صهيون والعم سام وهم يجاهرون بذلك ولا يخفونه.
ورغم اختلاف الرؤية للعنف بسوريا الا ان الجميع متفق على ان سوريا تتعرض لمؤامرة غربية تستهدف خنق حزب الله اولا وقطع العلاقة مع ايران ثانيا وتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل ثالثا وعدم الاعتراض على مشروع اسرائيل لاقامة الوطن البديل بالاردن رابعا وطرد حركة حماس من سوريا خامسا واخيرا وعاشرا اعطاء الشعب السوري بعض فتات الديمقراطية الشكلية لحفظ ماء وجه العملاء والمنشقين الذين نسميهم ثوار الربيع العربي.
لهذا كله لا يجوز لاحد ان يصمت على المؤامرة الجارية بسوريا، وخاصة اذا كان من اصل اردني ويحرص على دولته وعدم انقراضها اليس كذلك يا اخي.

3) تعليق بواسطة :
12-12-2011 07:45 AM

"واخواننا السنة احيوا المناسبة بالصيام شكرا لله تعالى الذي نجى سيدنا موسى عليه السلام وقومه من آل فرعون". هل الكاتب ينتمي لمذهب آخر مثلا؟

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012