11-12-2011 08:29 AM
كل الاردن -
ماهر ابو طير
تمر الحكومة بوضع صعب، واذ يتداعى الجميع لمديح رئيس الوزراء، والغمز من قناة الوزراء، كما هي عادتنا، في تقبيل الشارب، ونتف الذقن، في ذات اللحظة، فان السؤال الاهم: ماذا لو سقطت حكومة الخصاونة، وما هي خيارات الدولة بعدها؟!.
السؤال مطروح، ليس من باب التحريض او التشاؤم، لكن لاننا نرى ان الظروف اصعب من الرئيس وسماته الشخصية الايجابية، التي يجري تشويهها بوسائل مختلفة، ولان مشاكل البلد، اليوم، لا يحلها رئيس وسيم، ولا رئيس نظيف اليد، ولا ثالث يصلي الفجر في موعده، ولا متأنق ولا متعطر، ولا احد احفاد عمر بن عبدالعزيز، ايضاً.
قوى كثيرة في البلد تريد اسقاط الحكومة، والتغذية السياسية والاعلامية والمالية، تجري على قدم وساق، من اجل هز النظام ذاته، والقول انه شكل ثلاث حكومات في عام واحد، بحيث يصبح متوسط عمر اي حكومة اربعة أشهر، بهكذا حسبة، وبالتالي، هز الداخل الاردني وتجهيزه للمرحلة المقبلة.
رئيس الحكومة دخل بسقف مرتفع ورفع التوقعات، ومن حوله وحواليه لم يحذروه من هكذا كلام، وها هو يفتح الملفات ويقرأ الارقام، ويكتشف ان القصة اكبر من قدرة فرد او رئيس، والا ما الذي منع سابقيه، من حل كثير من المشاكل، لولا اكتشافهم ان كل حكومة تأتي بحجم كبير، لكن يتم اجلاسها في قالب ضيق وصغير.
هناك خنق متعمد للاردن، ويراد له ان يتأرجح عند الحافة، واعجب من معارضي الداخل الذين لا يحسبون ظلال الخارج في حساباتهم ابداً، واذا كنا نؤيدهم ان ثلاثة ارباع مشاكلنا من صنع ايدينا، فان ظلال الخارج ترقب بعين حمراء الذي ستؤول اليه الامور في البلد، حماه الله وحمى اهله.
الذي يعرف الرئيس الخصاونة عن قرب، يعرف انه بلا مرارة، وقادر على الاحتمال الى حد ما، ولكنه يعرف من جهة اخرى انه قد لا يقبل كثيرا ان يتم اغراقه في معارك جانبية، وتلطيخ صورته، ومس عائلته، ومس العائلات في الاردن، نمط كرسناه عكس عاداتنا واعرافنا منذ الشعارات الجديدة التي سمعناها في عهد حكومة سمير الرفاعي.
معنى الكلام، ان كثيرين لن يشعروا بصدمة لو لوح الخصاونة ذات لحظة باستقالته، فهو يدرك انه خسر موقعا عالميا، يفوق رئاسة الحكومات في شرق المتوسط، وهو اذ لا يمن على بلده، غير انه لن يحتمل تكسير العظم وتكسير سمعته، وعرقلته والاساءة اليه، ورفع الحماية عنه، وتركه وحيداً، او منافسته والتسلل الى ملعبه، وضربه بالاسافين والوشايات.
هذا يعني ان الرئيس بحاجة الى مساعدة من كل مؤسسات الدولة، اذ ان المرحلة لا تدار بالابتسامات الصفراء، ولا بانحناءة الرؤوس على الطريقة اليابانية، وهذا يعني ان الرجل قد يخشى في لحظة ما، على اسمه ورصيده، ولن يقبل ان يمشي حتى الحافة، ليحترق كما احترق غيره.
هذه هي الاجواء، والحكومة لو سقطت، تكون خياراتنا كلها قد سقطت معها، وقد تحتاج الحكومة التي تليها، اذ قدرنا على تشكيلها اساسا، الى شهرين حتى تتشكل، لاننا قد لا نجد احدا في الاردن يقبل التكليف، ولاننا لو وجدنا، فلن نجد اجماعا ولا اتفاقا على احد، بعد الادمان المميت على كراهية الجميع ونقد الجميع واكل لحم الجميع.
الحكومة امام قرار زيادة الرواتب، وهي امام قرار اخر برفع الدعم عن السلع والمشتقات النفطية، وهذا كفيل شعبيا، بقلب المائدة، ولا خيارات امام الحكومة، وقد يتأمل الرئيس في لحظة صفاء حاله واحواله، فيجد انه سيخسر كل شيء، موقعه الدولي ورصيده الداخلي، وفوق ذلك تلطيخ سمعته بقصص تافهة.
مثله قد لا ينتظر مرحلة دخول الفرن، والخروج رماداً، وعلى هذا، فان اخشى ما اخشاه، ان يظن كثيرون ان الرئيس جاء فدائيا وانتحاريا وقابلا لاي مهمة، لكنهم سيكتشفون ان الرئيس غير قابل للكسر ولا للحرق، وقد يخلي موقعه طوعا بشكل مفاجئ، اذا اكتشف ان هناك من يطعن ظهره في الخلف، ويقامر به، لالحاقه بالاخرين.
بعضنا لا يريد ان يصحو، ويعتبر انها حكومة مثل غيرها، وانا اعتقد بكل تواضع، انها حكومة فاصلة بين زمنين، ثباتها وانجاحها، سيرتد ايجابا على البلد، واسقاطها بكل هذه القصص والمشاكل والمنافسات، سيؤدي الى تقديم الرئيس لاستقالته، وترك البلد في هذا التوقيت امام كل السيناريوهات.
ليس لانه الممهد للمهدي المنتظر، بل لان البلد لم يعد يحتمل، وعليكم ان تفتحوا عيونكم جيدا على الرئيس، وكيف يقرأ الاشياء، وكيف يدير ردود فعله، والى اي درجة يقبل ان يكون شهيدا محتملا ضمن قائمة الشهداء من رتبة رئيس حكومة فما دون.
اغلب الظن ان الرئيس لا يريد ان يكون شهيداً في هذه المرحلة، وقد يقبل ان يكون من رجال معركة مؤتة، تحت توصيفها الشهير "كُرار.. وليسوا فُراراً"!.