11-12-2011 08:30 AM
كل الاردن -
ناهض حتر
عندما وصلت موجة الربيع العربي إلى مصر, انتشر التفاؤل بأن اتجاه التطورات سوف يقود إلى إلغاء معاهدة كامب ديفيد وتاليا معاهدة وادي عربة, وإعادة اللحمة القومية بين الشعوب والعواصم العربية وبين القضية الفلسطينية. ما زلت متفائلا بأن هذا هو ما سيحدث في النهاية, عندما تتمكن قوى الثورة العربية من استرداد القيادة من براثن قوى الثورة المضادة التي استولت على الربيع العربي بالتحالف مع فلول الأنظمة والخليج والولايات المتحدة. أما على المدى القصير والمتوسط, فإن القيادات العربية الجديدة المحمولة على الثورات المسروقة, لا تخجل من الإعلان عن مواقفها الودية إزاء العدو الإسرائيلي والانعزالية نحو قضية الشعب الفلسطيني.
راشد الغنوشي, الزعيم غير المتوّج لتونس ما بعد بن علي, اعتذر, خلال زيارة الحج إلى الولايات المتحدة, عن مشاركة حزبه (النهضة الإسلامي) بالتوقيع على وثيقة الأحزاب القومية واليسارية التي تنص على دسترة مقاطعة إسرائيل ودعم الشعب الفلسطيني. اعتبر الغنوشي أن قضية فلسطين هي شأن فلسطيني ¯ إسرائيلي, وأنه لا مكان لنص معاد لإسرائيل في وثائق تونس الجديدة التي لن تقطع الصلات مع إسرائيل, وأنها معنية بإقامة علاقات مع الدول الديموقراطية". "
يدين حكّام ليبيا الجدد بالجميل لمستشار الرئيس الفرنسي ساركوزي, هنري برنار ليفي الذي كان وراء دفع رئيسه لتبني قضية الثورة الليبية. ليفي, كما هو معروف, يهودي صهيوني متشدد, وقد زار ليبيا حتى الآن حوالي 15 مرة, ولم يتردد في الإفصاح عن أن تأييده لثورة ليبيا ¯ وسورية ¯ ينبع من التزامه الصهيوني. في آخر زيارة له إلى ليبيا الحرة, التقى خليفة القذافي, مصطفى عبد الجليل, وصرّح, بعد اللقاء, بأنه حمل إلى صديقه الليبي رسالة من رئيس وزراء العدو, نتنياهو, تلقاها عبد الجليل حسب الأصول, واعدا العمل على إقامة علاقات طبيعية مع تل أبيب. عبد الجليل نفى ذلك, لكن سياق العلاقات الودية القائمة فعلا بين طرابلس الغرب وفرنسا ساركوزي والنيتو يجعلنا نصدّق ليفي, خصوصا وأن أيا من " ثوار" ليبيا لم ينبس بكلمة ضد إسرائيل أو للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
نظام الحكم السوداني المعروفة صلاته التقليدية بالإخوان المسلمين, تورّط حتى الأذنين في ترتيبات النيتو لتسليح " ثوار" ليبيا. أيكون ذلك كافيا لإسقاط تهمة الإجرام ضد الإنسانية عن رئيسه, عمر البشير? لقد كوفىء الرجل حتى الآن بالصمت عنه وبقفل الباب أمام وصول الربيع العربي إلى الخرطوم, باعتبار أن الربيع الإخواني مزهر فيها سابقا, لكن الفاتورة الأساسية المطلوب تسديدها من البشير هي العلاقات مع إسرائيل. وهي آتية قريبا بوساطة قطرية.
مساعد وزيرة الخارجية الأميركية, جيفري فيلتمان, كان صريحا وحاسما حين صرّح بأن واشنطن تقوم باتصالات مع حركة الإخوان المسلمين في إطار ما سماه "البزنس السياسي في مصر". وطمأن فيلتمان الإسرائيليين بأن إخوان مصر ¯ الذين حصدوا المركز الأول في الانتخابات النيابية لما بعد ثورة 25 يناير ¯ تعهدوا بعدم المساس بمعاهدة كامب ديفيد, وأنهم يتفهمون أهميتها بالنسبة لمصر.
ينبغي التذكير, هنا, بأن الإخوان والسلفيين لم يشاركوا, نهاية الصيف الماضي, في الهجوم الشهير على السفارة الإسرائيلية في القاهرة, ذلك الهجوم الذي قاده شباب ميدان التحرير المغدور من الناصريين واليساريين والديموقراطيين.
جرى التوافق بين إخوان سورية وبين المخابرات الفرنسية على ترئيس "صديقها" برهان غليون للمجلس الانتقالي السوري المدعوم من رجب أردوغان وحمد بن جاسم. غليون, إذاً, ينطق باسم التحالف "الثوري" حين يتعهد بقطع العلاقات مع المقاومة اللبنانية والفلسطينية والتفاهم مع إسرائيل على حل بالنسبة للجولان. من المعروف أن ذلك التفاهم يقضي بالخضوع للشروط الإسرائيلية التي طالما رفضتها دمشق البعثية, وهي تعديل حدود 67 والرقابة من طرف واحد وتخفيض عديد وعدة الجيش السوري وقطع العلاقات مع قوى المقاومة ومع القضية الفلسطينية.
ولئلا يكون هنالك لبس بشأن مدى استقلالية حماس عن المجرى العام للتفاهمات الأميركية ¯ الإخوانية, من المناسب التذكير بأن حماس انتسبت منذ شهرين إلى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. وليس ذلك من دون دلالة.
حين تحافظ الولايات المتحدة على أيقونتيها, النفط وإسرائيل, تغدو مستعدة لكل أنواع "البزنس السياسي". ومن اللافت أن الربيع العربي لم يقترب من هاتين الأيقونتين, بل ينبغي التذكير بأن ممثل التحالف النفطي الإسرائيلي, حمد بن جاسم, هو الراعي الرسمي للربيع العربي!0
ynoon1@yahoo.com