12-12-2011 08:04 AM
كل الاردن -
ماهر ابو طير
مع التقدير للسيد ناصر جودة وزير الخارجية اللامع، فان ادارة معركة القدس، عبر الاتصالات والتصريحات الصحفية فقط، امر كارثي، خصوصاً، ان اسرائيل لا تهاب الكلام، ولا يهمها كل هذا التهديد بالويل وعظائم الامور.
اعلان تأجيل هدم جسر باب المغاربة بناء على طلب اردني، امر حمل لغماً، فالقصة تم تقديمها باعتبارها قصة "تأجيل" وليس الغاء كلياً، وكأن اسرائيل تقول ان الاردن وافق على الهدم مع تأجيله قليلا، واضطر الاردن عبر رئيس بعثته في رام الله الى ان يخرج ليوضح ويقول ان القصة ليست تأجيلا للهدم، وانما وقف للهدم، بعد ان ابتلعنا طُعم التأجيل امام الناس!.
عادت بلدية القدس بعد ايام لتتحدث عن نيتها اغلاق وهدم جسر المغاربة ضاربة عرض الحائط بكلامنا وخيلنا وتهديداتنا، معلنين ان غزوتنا عليهم كانت فاشلة بكل المقاييس.
ليعذرني وزير الخارجية فامكانات وزارته تبقى محدودة، اذ ان وضع الحرم القدسي في اخطر حالاته وعلى الاردن اليوم، جمع العرب، لعرض موضوع المقدسات والمسجد الاقصى، خصوصا، ان قصة الاتصالات مع اسرائيل، وقدرتنا على ان نمون عليهم، ستقول بعد قليل، ان الهدم لو تم فسيكون بمعرفتنا، رغم التصعيد اللغوي المعلن!!.
قصة الاتصالات مع اسرائيل بشأن جسر المغاربة وغير ذلك، لها وجه اخر، وفي لحظة ما قد تقول هذه الاتصالات اننا نجحنا في وقف الهدم، مثلا، ولكنها ستقول بعد قليل اننا لم نكمل المهمة، واننا نحتمل المسؤولية لو وقع الهدم، لان المسجد تحت رعاية اردنية، ولاننا تنطحنا للموضوع فرادى بروح الوكيل والكفيل، داقين صدر الاردن، بأن الاقصى عندنا!!.
التباهي بالاتصالات مع اسرائيل مفيد في حال نجاحها، وفي حال فعلت اسرائيل ما تريده، فان ارتداد ذلك سيأتي اضعافا مضاعفة علينا، لاننا قلنا للعالم وللعرب وللاردنيين والفلسطينيين، ان المسجد عندنا، وامانته في اعناقنا، فلا تقلقوا لان الامور تحت السيطرة، فماذا سنقول لهم لو اجلسَنا الاسرائيليون بغتة على احد كراسيهم المكهربة.
لم أرَ طرفا في حياتي يستمتع بلبس كل العباءات التي له وليست له، كما نحن، هذا على الرغم من اسرائيل سرقت املاك اردنيين في القدس، ولم تحسب حسابا لنا ومنعت بناء المئذنة الخامسة في الاقصى، ولم تحسب حسابا لنا، وتعرقل كل اعمال الترميم ولم تحسب حسابا لكل خطاباتنا!!.
وزير خارجيتنا ذكي، ولا تنقصه الشخصية الاعلامية المسيطرة عليه كوزير للخارجية حتى الان، لان ادارة ملف الاقصى والقدس، تدار عبر صناعة الصورة الانطباعية حول الدور العظيم للاردن بشأن تفاصيل كثيرة، ولا احد يتنبه الى الكلفة السلبية التي سندفعها، اذا فشلت سياستنا في لحظة ما.
معنى الكلام ان كثرة ستُحمِّل الاردن المسؤولية لو هدمت اسرائيل جسر المغاربة، لاننا حملنا شرف تأجيل الهدم او وقفه، وسنحمل كلفة الهدم لو تم، على اساس رحلتي الذهاب والاياب، وعلى هذا فان وزير الخارجية مشكور على ما يفعله، وعليه ان يكون صريحا، ويضع الدولة الاردنية في صورة قدرتنا النهائية والحقيقية.
رعاية الاردن للمقدسات لا ينكرها احد، غير ان التوقيت اختلف، وعمان الرسمية معنية باستمرار رعايتها، مع وضع العرب والعالم بصورة ما يحدث في القدس ومنطقة الحرم القدسي، وطلب تدخل عربي ودولي، لوضع حد لكل ما تفعله اسرائيل في المدينة المحتلة، امر مصيري لحماية الاقصى، ولعدم تأبطنا فرادى كلف الافعال الاسرائيلية.
وكالتنا للاقصى، ذات اجر، غير انها وكالة محفوفة بالخطر، والعاقل من يأتي في لحظة ما ويقيم قدراته، ويقول لمن حوله وحواليه انه غير قادر على الاستمرار وحيدا بهذا الدور، خصوصا، ان مخطط تهويد القدس اشتد، والحرم القدسي في عين العاصفة.
سؤال الى وزير الخارجية: ما الذي سيقوله الاردن اذا تم هدم جسر المغاربة؟! هل سنقول ان اسرائيل لم تعد ترد على اتصالاتنا، ام ان ضغوطاتنا لم تعد كافية، والاجابات كثيرة، والعقدة ليست في حمل مسؤولية الاقصى، بل في كيفية الادارة السياسية لهكذا حمل.
ليبقى الاردن مسؤولا عن المقدسات، غير ان عليه ان يقوم بتعريب هذا الملف، هذه الايام، حتى يضع الجميع امام مسؤولياتهم، عبر معادلة اردنية فلسطينية عربية، والا فان فاتورة المباهاة بنجاح الاتصالات سترتد وبالا عندما تنفذ اسرائيل مخططاتها، ولان العرب سيقولون لحظتها هذا ملفكم وحدكم فتحملوا نتائجه وحدكم!!.
الخوف من هدم جسر المغاربة حتى لا تخرج المظاهرات في الاردن كرد فعل، يقول لنا ان سياستنا الخارجية قاصرة وغير بالغة، لانها لو كانت بالغة حقاً، لفصلت جزئيا بين الحالين، ولجعلت هدم الجسر سببا في خراب العالم العربي، وليس عمان وحدها.
تعريب ملف الحرم القدسي عبر رافعة اردنية نجاة للاقصى، والوقت لم يعد وقت صراع على النفوذ هنا وهناك.