أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025


سؤال اللاجدوى ومآلات الاحساس بالخيبة
12-12-2011 08:09 AM
كل الاردن -

 

alt
حسين الرواشدة
 
 
 
اخشى ما اخشاه ان نُصاب جميعا “بالخيبة” والاحباط، وان يشعر احدنا بانه “لا جدوى” من الكتابة ولا الاحتجاج ولا تقديم النصيحة ولا الدعوة الى الاصلاح، وعندها سنقف مكتوفي الايدي انتظارا “للغيب” هذا الذي لا نعرف ماذا يخبىء لنا او انتظارا لمصير نراه باعيننا وندعو الله ان يجنبنا منها.. مع اننا ندرك تماما ان الدعاء وحده لا يكفي وان “الاتكال” على الله يحتاج ايضا الى ان “نعقل” امورنا بأيدينا ثم نتوكل.
 
امس، احصيت اكثر من 200 مقال كتبتها حول موضوع “الاصلاح” وما يحدث في عالمنا العربي من ثورات وتحولات وفي كل مرة اكتب فيها كانت “عيني” على اوضاعنا الداخلية ثم سألت نفسي: ما الذي تغير؟ وهل ثمة جدوى من الاستمرار في الكتابة ما دام ان المسؤولين في بلدنا يضعون في احدى الاذنين طينا وفي الاخرى عجينا؟ ما الجدوى ايضا من نحو “4000” اربعة الاف مسيرة احتجاج واكثر من 50 ائتلافا وتجمعا للمطالبة بالاصلاح واكثر من عام ونحن ننتظر “هلال” التغيير دون ان يبزغ ودون ان يمر العيد؟
 
اعرف ان البعض سيقول بان من واجبنا ان نصدع بكلمة الحق وان “نفضح” المنكر، حتى وان كنا غير قادرين على تغييره، ومن واجبنا ان نطرد الاحباط من نفوسنا والخوف من داخلنا وان نتحمل ونصبر حتى نرضي ضمائرنا –على الاقل- وانا –بالطبع- اتفهم ذلك، لكن من قال اننا نستطيع ان نقنع الكثيرين الذين يشعرون بان الابواب امامهم اصبحت مسدودة تماما بالصبر والانتظار؟ من يقنع –ايضا- هؤلاء الذين بحّوا اصواتهم بالمطالبات والمناشدات بان ثمة بارقة امل تلوح في الافق او بان رحلة معاناتهم ستنتهي، او بان صدى احتجاجاتهم وصلت الى اسماع المسؤولين؟
 
على مدى الايام الماضية استنفرت قطاعات كثيرة في بلدنا لأشهار المزيد نم الاضرابات والاعتصامات ومع كل “حالة” نكتشف باننا امام اخطاء متكررة لحكومات “باعت” الناس كلاما تركتهم بانتظار وعود ظلت معلقة في المجهول، وبأننا امام “مطالب” حياتية قاهرة دفعت الناس الى الخروج للشارع والى الانتقام من المجتمع ايضا، وهو مشهد يذكرنا بأننا ما زلنا في دائرة “الازمة” وبأن كل ما سمعناه من الحكومات المتعاقبة كان مجرد “وعود” معسولة لم يتحقق منها اي شيء.
 
لا اشعر بالقلق حين يخرج الناس للاحتجاج بأية صورة، وحتى لو تجاوزوا عل القانون، ولكنني اخشى ان يدرك هؤلاء ان الحرية التي اتاحت لهم التعبير عن غضبهم ليست اكثر من حرية “صراخ” لا جدوى منه، وعندها علينا ان نتوقع ما هو اخطر من الاعتصام ومن الاحتجاج وما هو ابعد من “المطالبة” ودب الصوت، ذلك لانه اذا تولدت لدى الناس قناعة بانه “لا جدوى” من الاحتجاج ولا جدوى من الكتابة والتعبير ولا جدوى من المطالبة بالاصلاح... فان البديل عندها سيكون “انفجارات” اجتماعية قد تأخذ مجتمعنا الى المجهول فهل يريد احدنا ان نصل الى ذلك؟
 
قلت ان الاحساس بالخيبة وافتقاد الامل سيقودنا الى الطريق “الوعر” واضيف بان ما يحدث في بلادنا من “فوضى” ومن ارتباك ومن تصاعد في “نبرة” اليأس والخوف، ومن سوء في تقدير الموقف ومن مماطلة في تنفيذ “خرائط الطريق” التي سمعنا عنها ولم نرها، يجعلنا نضع ايدينا على قلوبنا .. فنحن –للاسف- نكتشف بعد ثلاث حكومات في عام واحد بان “قطار” الاصلاح ما زال في مكانه لم يتحرك للامام ولو خطوة واحدة، وبان “المؤسسات” في بلادنا مشغولة بحساب امتيازاتها ومصالحها، ومترددة في ممارسة صلاحياتها سواء في ملف “الفساد” او في “ملف الاراضي والمباني المنهوبة” او في ملف “الانتخابات” الخ، نكتشف كل ذلك ثم نتوقع من الناس ان تتحمل وتنتظر الفرج وان تلتزم بالقانون..
 
لاننا نخشى على بلدنا نقول –للمرة الالف- دعونا نتعلم من تجارب غيرنا ومن مآلاتهم، دعونا ننقذ بلدنا من هذا المجهول، دعونا نخرج من منطق الاستعلاء والاستهانة في التعامل مع الناس وقضاياهم ونجرب منطق “الفهم” والاستجابة.. ودعونا نفتح الابواب المشروعة امام الناس لكي لا تدفعهم الى الدخول من ابواب غير مشروعة ومزدحمة بالالغام ايضا.
التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012