12-12-2011 08:10 AM
كل الاردن -
سميح المعايطة
كان من أفضل القرارات السياسية التي تم اتخاذها قبل الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2010 تعديل قانون التقاعد الذي كان يعطي لأعضاء مجلسي الأعيان والنواب حق الحصول على تقاعد وزاري بغض النظر عن أي خدمة سابقة وكان أيضاً يتيح لأي متقاعد مدني أو عسكري حتى لو كان تقاعده متواضعاً أن يتم تعديل تقاعده ليصبح تقاعداً وزارياً بمجرد دخوله المجلس, ويضاف إلى هذا حق الجمع بين أي تقاعد وراتب العمل النيابي على اعتبار أنه ليس راتباً, وهذا منطق يحمل التناقض لأنه تم اعتماده راتباً للحصول على تقاعد وفي الجانب الآخر أصبح مكافأة لغايات الجمع بينه وبين التقاعد !
وكان قرار الحكومة عام 2010 بعدم منح النواب والأعيان تقاعداً مقابل خدمتهم البرلمانية استجابة لرأي عام كان يرى أن هذا التقاعد ليس عادلاً وفيه نفقات وامتيازات لا يجوز منحها للعين والنائب مقابل خدمة قد لا تصل إلى أربع سنوات.
وهذا القانون الذي منع التقاعد عن النواب والأعيان كان مؤقتاً وما زال في أروقة مجلس الأمة, وهناك أحاديث عن احتمالات لرده وهذا يعني أن يحصل النائب أو العين على تقاعد حتى لو كانت خدمته في حدها الأقصى أربع سنوات وقد لا تتجاوز عامين إذا ما تم حل المجلس, بينما توجهت الدولة قبل سنوات إلى تعديل مدة التقاعد للموظفين وفق نظام الخدمة المدنية لترتفع من 20 إلى 25 عاماً بالتدريج.
وحتى نضع الأمور في نصابها فإن جزءاً من ضعف صورة مجالس النواب خلال العقدين الأخيرين شعبياً وسياسياً هو السعي للمكاسب والامتيازات ومنها الراتب التقاعدي الذي تم إقراره في المجلس الثاني عشر, وأي قرار من مجلسي الأعيان والنواب برد القانون المؤقت وإعادة العمل بالقانون السابق الذي يمنح التقاعد مقابل خدمة محدودة ليس قراراً يخص النواب فقط بل هو قرار سياسي خاطىء سيجعل المجلس وكأنه يبحث عن امتيازاته ومصالحه, وسيؤثر الأمر سلباً على صورة مؤسسة مجلس النواب في مرحلة سياسية نريد للمجلس أن يؤدي أدواراً سياسية إصلاحية كبيرة وأن يكون عنواناً من عناوين الرقابة ومحاربة الفساد.
إننا ندعو السادة النواب والأعيان إلى الحذر الشديد فأي رد للقانون المؤقت سيكون انحيازاً لامتيازات شخصية لأعضاء المجلسين, فكيف يكون المجلس قادراً على إقناع الناس بمحاربة الفساد بينما يتعامل مع أي تشريع وفق ما يحقق أغراض ومصالح وامتيازات فردية, وأي ثقة تلك التي ستكون للمجلس لدى الأردنيين وهو يراه يرد قانوناً حقق خطوة ايجابية لنعود إلى الوراء خطوات في البحث عن الامتيازات الشخصية وتقاعد وزاري لنواب لن يكملوا أكثر من عامين أو ثلاثة من الخدمة.
ربما يكون مفهوماً أن تتم إضافة خدمة النائب إلى خدمته التقاعدية في أي وظيفة سابقة أو في اشتراكه في الضمان الاجتماعي لكن العودة إلى التقاعد كما كان قبل هذا القانون فسيكون قراراً سياسياً غالي الثمن ليس على النواب فقط بل على الدولة وسيؤذي مصداقية المجلس بل ومؤسسة المجلس, وسيحصل النواب والأعيان على تقاعد لكن على حساب حاضر ومستقبل ومكانة المجلس لدى الأردنيين.
نحن اليوم نبحث عن أي قضية نقدم من خلالها دليلاً على محاربة الفساد, والناس كانت وما زالت ترى في ذلك الأمر تجاوزاً غير مقبول, ولهذا فرد القانون المؤقت وإعادة التقاعد للنواب والأعيان لن يخدم مسار مكافحة الامتيازات والفساد بل سيكون له آثار عكسية.
ce@alrai.com