14-12-2011 08:39 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
نحتاج الى اجراء عملية “تطهير” شاملة قبل ان ندخل الى “الاصلاح” ذلك انه لا يمكن ان نبني من جديد ما لم نبدأ “بازالة” آثار العدوان الذي اصاب مجتمعنا، وما لم نتحرك على الفور “لقلع” كل الاشواك والاحساك التي نبتت على غفلة منا في تربتنا الوطنية.
عملية “التطهير” هي الخطوة الاولى لتدشين مشروع “التغيير” وهدفها هو “تبييض” سجلات مرحلة سابقة جرى فيها انتهاك حقوق الناس وتجاوز ارادتهم واستغفالاتهم وصولا الى “تصغير” الازمات والمشكلات والانطلاق نحو مرحلة جديدة “لا غالب فيها ولا مغلوب”.
اذا سألتني لماذا نبدأ “بالتطهير”؟ وكيف سنباشر بتنفيذه؟ سأقول: ان الدخول في اية عملية “اصلاح” على ارضية واقع يحمل “تركة” ثقيلة من التجاوزات لن يفضي الا الى “تدوير” الماضي الذي نجمع على رفضه، وبالتالي سنكون امام “استنساخ” لتجربة “بائسة” ومحملة بأسباب الفشل، خذ مثلا اجراء انتخابات برلمانية في مشهد ما زال تحطم فيه ذات القوى والشخصيات التي نتهمها بالتقصير او الفساد.. هل يمكن ان تنتج هذه الانتخابات “تغييرا” حقيقيا سواء في الوجوه او في المضامين، وخذ مثلا آخر ثلاث حكومات في عام واحد لم تستطع ان تتقدم خطوة الى الامام في اهم الملفات التي يلحّ عليها الشارع.. هل المشكلة في هذه الحكومات ام في “بنية” الواقع السياسي الذي ما زال “عصيا” على الاختراق ورافضا “لمبدأ” الاصلاح من الاساس.
عملية “التطهير” اذن اولوية وما لم ننجزها فاننا سنظل ندور في حلقة مفرغة، اما كيف؟ فاعتقد ان المسألة تحتاج الى “ازاحة” كاملة للمشهد الراهن او ان شئت بالمفهوم الصوفي اجراء “التخلية قبل التحلية” بمعنى التخلص من كل الآثام والاخطاء التي حصلت وتنحية المسؤولين عنها ومحاكمتهم “وهدم” بنى الفساد والافساد قبل الدخول في عملية “البناء” وتجميله ورفع مداميكه.
عمليا، ثمة مجالات عديدة تحتاج الى “تطهير” ابرزها “حقل” الفساد الذي يشكل اخطر “استفزاز” لارادة الناس ورغبتهم في الاصلاح والتطهير هنا يختلف عن “التحقيق” في الملفات او اعتماد الانتقائية في الفتح لانه ما لم ننجح في “تنحية” الرؤوس الكبيرة التي تسببت في افساد حياتنا فاننا سنكرر مهمة “المقص” الذي يستخدم في تشذيب الاعشاب، بحيث لا يمضي وقت قصير حتى تطلع من جديد “وبرؤوس” يانعة وقوية ايضا، ومن المجالات ايضا ما يتعلق “بالمؤسسات” التي اصبحت شرعيتها الشعبية مشكوكا فيها، كما اصبح تأثيرها في المشهد العام باتجاه التأزيم اكثر منه باتجاه “الانفراج” وهذا يتعلق بمجلس النواب مثلا الذي صار جزءا من المشكلة لا جزءا من الحل.
لدي اقتراح يمكن ان يصب في انجاح فكرة “التطهير” هذه وهو ان نعود لمناخات عام 1990 بكل ما تحتاجه هذه العودة من شروط ومراجعات واستحقاقات، اولا: بطيّ ملف محاكمات الفاسدين قضائيا وعلى قاعدة انه “لا احد فوق القانون” ثانيا تسوية كافة القضايا التي تتعلق بأملاك الدولة من الاراضي الى الخصخصة الى التجاوزات الاخرى، ثالثا ازالة كافة الانسدادات السياسية وفتح الطريق امام الحريات العامة وبلا تدخلات او اختراقات، رابعا التوافق على قانون انتخاب يفضي الى انتخابات برلمانية مبكرة لا يتجاوز موعدها منتصف العام القادم.
هل يمكن ان نفعل ذلك؟ لا ادري ولكنني اعتقد انه لا يوجد لدينا خيارات اخرى، كما ا نه لا يوجد المزيد من “الوقت” لكي نراهن عليه.